المحتوى الرئيسى

سر في يد آخر ملوك الأندلس.. عرض لفيلم «Assassin’s Creed» - ساسة بوست

01/03 11:09

منذ 7 دقائق، 3 يناير,2017

ربما لا يعلم الكثيرون أن أصل كلمة «Assassins» (بمعنى قتلة أو فرقة اغتيالات أو سفاحين) قادم من كلمة «حشاشين»، والحشاشون هم طائفة إسماعيلية نزارية انفصالية، خرجت عن طوع الدولة الفاطمية في القرون الوسطى (بين 11 و 13 ميلادية) لتدعو إلى إمامة شخص آخر غير الخليفة الفاطمي، وهو الإمام المختفي «نزار المصطفى لدين الله»، ونتيجة لمطاردتهم فقد تفرقوا بين بلاد فارس والشام، واتخذ قائدها الغامض صاحب الشخصية الأسطورية المبهمة في التاريخ الإسلامي «الحسن بن الصباح» قلعة حصينة تسمى قلعة «آلموت» – وتعنى عش النسر – في فارس لنشر دعوته وترسيخ أركان دولته الجديدة.

وكانت الاستراتيجية الرئيسية للحشاشين تعتمد على الاغتيالات بمفهومها المعاصر، والتي يقوم بها «فدائيون» لا يخافون الموت في سبيل تحقيق أهدافهم، كانت تلك العمليات تلقي الرعب في قلوب أعداء الطائفة من الحكام والأمراء والقادة والنافذين، وتمكنوا من اغتيال العديد من الشخصيات المهمة في تلك الحقبة، منها على سبيل المثال الوزير السجلوقي «نظام الملك» والخليفة العباسي المسترشد، والخليفة العباسي الراشد، هذا بجانب «كونراد» ملك بيت المقدس. وقد قيل إن اسمهم مشتق من «الحشيش» نظرًا لأن الفدائيين كانوا يتعاطونه بانتظام ليزيد من قدرتهم على مواجهة المخاطر بشجاعة واستهانة، وليتمكنوا من احتمال آلام العراك والجروح.

فيلم Assassin’s Creed أو «عقيدة طائفة الاغتيالات» تدور أحداثه عبر قصتين متوازيتين في عصرين مختلفين يربطهما الممثل الرئيسي في الفيلم «مايكل فاسبيندر» – المشهور بدوره في شخصية ماجنيتو في سلسلة أفلام X-Men، كما جسد العام الماضي شخصية Steve Jobs في فيلم يحمل الاسم ذاته من إخراج داني بويل – يلعب فاسبيندر دور «كال لينش» وهو مجرم محكوم عليه بالإعدام، وفي يوم تنفيذ الحكم يتم تقييده بإحكام في طاولة خاصة وضخ سوائل مميتة لجسده، إلا أن لينش يستيقظ ليجد نفسه داخل ما يشبه عيادة طبية حديثة وأمامه سيدة ترتدي أيضًا زيًا غريبًا يشبه إلى حد ما زي الأطباء أو العلماء، تخبره تلك السيدة التي تحمل اسم «صوفيا» – تلعب دورها الممثلة الفرنسية الجميلة ماريون كوتيلارد – أنها تعطيه فرصة ذهبية للنجاة والفوز بحياته مرة أخرى، عبر خضوعه لما يشبه تجربة علمية.

يحاول لينش عبثًا الهرب ، لكنه في النهاية يستسلم لإرادة صوفيا – التي يتضح أنها عالمة وليست طبيبة- حيث تصطحبه إلى مختبر ضخم للغاية يحتوى آلة جبارة ومتقدمة تسمى «The Animus»، وهي تكنولوجيا تقوم بقراءة الذاكرة المخزنة جينيًا في الحمض النووي للبشر ثم تعرضها بشكل هولوجرامي ثلاثي الأبعاد يوضح الأحداث التي وقعت لأسلاف صاحب الـ DNA. يتم وضع لينش على ذراع الآلة فيجد نفسه فجأة في عالم آخر حيث يدور سيناريو القصة الثانية التي يقدمها الفيلم.

تعود تلك الآلة بـ «لينش» ليجد نفسه واحدًا من طائفة الاغتيالات، تحت اسم «أجويلار»، في إسبانيا بالقرون الوسطى حيث محاكم التفتيش التي نشأت بالتوازي مع انهيار الحضارة الإسلامية في الأندلس وقرطبة وغرناطة، للتفتيش عن المسلمين وباقي الأقليات لمحاكمتهم وقتلهم أو حرقهم إذا لم يستبدلوا دينهم بالمسيحية، ويخضعوا للحكم المسيحي.

يقسم أجويلار على افتداء طائفة القتلة بروحه إذا اقتضى الأمر ذلك، ويقاتل مع أفراد الطائفة للتصدي لمجموعة شريرة تسمى فرسان المعبد، يهدفون للحصول على سلاح سري يعطي من يمتلكه القدرة على التحكم في «الإرادة الحرة» للشعوب. هذا السلاح يمتلكه السلطان عبد الله الثاني عشر حاكم غرناطة وآخر ملوك المسلمين بالأندلس، يقوم بدوره الممثل البريطاني من أصل مصري خالد عبد الله.

من لعبة إلى تحفة سينمائية

فيلم Assassin’s Creed مبني على لعبة حركة شهيرة تحمل نفس الاسم، وعكس ألعاب كثيرة تحولت لأفلام، يبدو الفيلم على قدر كبير من التشويق والنضوج، وربما لا يقارن إلا بفيلم الحركة والتشويق Max Payne من بطولة «مارك وولبيرج» المعتمد على أحداث لعبة ناجحة أيضًا.

الفيلم اعتمد على مؤثرات بصرية رائعة، لينقل إلينا حقبة من أحلك الحقب التي مرت بها أوروبا. استطاع أن يبرز قسوة ووحشية جيوش «فرديناند وإيزابيلا»، وجمال عمارة الحضارة الإسلامية الآفلة في إسبانيا، ورشاقة وخفة ومهارة المنتمين للطائفة، وسيطرة وتنظيم المنتمين لفرسان المعبد.

المخرج «جاسيتين كورزيل» – سبق وقدم مع مايكل فاسبيندر معالجة بصرية رائعة لمسرحية شكسبير «ماكبث» في فيلم حمل نفس العنوان تم عرضه العام الماضي – اهتم بأدق تفاصيل الملابس والحلي والإكسسوارات والأسلحة المستخدمة في تلك الحقبة، وخصوصًا أسلحة الطائفة المستخدمة في عمليات الاغتيال، من خناجر آلية يتم ارتداؤها على الرسوغ وتنطلق لتنغرس في أجساد الضحايا قبل أن يدركوا ما يحدث، وقنابل دخان للتمويه والاختباء والتشتيت، هذا بجانب السهام والأقواس والنصال بأنواعها ومنها النجوم المسنونة التي تذكرك بتلك التي يستخدمها مقاتلو النينجا، بجانب نماذج بدائية من المسدسات من النوع الذي يسمى «الغدارات».

يعود لينش من تجربته الأولى مع آلة الـ Animus ليبدو غاية في التوتر والاندهاش، يخبر صوفيا أن كل ما شاهده بدا حقيقيًا للغاية، فتؤكد له صوفيا أنهم بحثوا عنه لفترة طويلة جدًا بعدما تأكدوا أنه من سلالة الطائفة، وأنه بالفعل مر بتجربة حقيقية قد مرت لأسلافه منذ أكثر من 500 عام، والآلة قامت بقراءة تلك الأحداث المدفونة في حمضه النووي وإعادة تمثيلها بصريًا أمامه وإدماجها في جهازه العصبي ليتم عمل محاكاة للأحداث وكأنه شخصيًا يمر بها. يسألها لينش عما تريده منه بالضبط. فتخبره أنها تريد مساعدته للوصول إلى السلاح السري.. سلاح الإرادة الحرة.

هدف نبيل بين عالم شرير

تعمل صوفيا في مؤسسة غامضة يديرها والدها «ريكين» – الممثل الإنجليزي الكبير جيريمي آيرونز – في منشأة كبيرة تقع أيضا في إسبانيا بالمستقبل غير البعيد في عالم تديره أنظمة شمولية تهدف لتعزيز سيطرتها على المجتمع. وبعكس والدها الذي يبدو وكأنه يسعى لتنفيذ أجندة غامضة تهدف لحماية تلك الأنظمة الديكتاتورية الشمولية، تبدو صوفيا غاية في البراءة، تهدف للحصول عى سلاح «الإرادة الحرة» لتستطيع تحرير المجرمين من أمثال «لينش» من إجرامهم، وإعطائهم فرصة للتخلص من الجزيئات الشريرة التي تسري في أعماق حمضهم النووي وتفرض عليهم – من وجهة نظر صوفيا – القيام بتلك الأفعال الإجرامية. كانت تحاول إعطاء لينش وآخرين مثله موجودين في تلك المنشأة التجريبية الممولة بمليارات من الدولارات، أملًا في التحرر وامتلاك إرادة لفعل الخير.

كانت صوفيا من السذاجة لتدرك أن الحكومات ستدفع مليارات الدولارات من أجل برنامج إصلاحي لمجموعة من المجرمين المحكوم عليهم بالإعدام، كانوا يريدون «السلاح السري» لغرض آخر ينكشف مع نهاية الفيلم.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل