المحتوى الرئيسى

لماذ يركب المسئولون الـ«بى إم دبليو»؟

01/02 21:52

يوم الخميس الماضى نشرت صحيفة الوطن تقريرا قالت فيه إن بعض كبار المسئولين بإحدى الجهات الرسمية يستخدمون سيارات «بى إم دبليو« و«تويوتا كورولا» تم شراؤها خلال عام ٢٠١٦ لتوصيل أقدم مستشارى مجلس الدولة. إذا صحت هذه الرواية فنحن أمام مأساة تقترب من الكارثة، علينا أن نوقفها فورا بكل السبل الممكنة.

واحتراما لقرار النيابة بحظر النشر فلا أستطيع اليوم أن أخوض فى تحقيقات قضية الفساد المتورط فيها المتهم جمال اللبان والمستشار وائل شلبى الذى تم الإعلان عن انتحاره صباح الإثنين الماضى. وهى القضية التى فجرتها الرقابة الإدارية الأسبوع الماضى فى إطار سلسلة من العمليات النوعية ضد الفساد.

لكن أتحدث اليوم تحديدا عن سؤال بسيط وصعب هو الآتى: كيف تسمح وزارة أو هيئة أو مؤسسة ــ فى دولة تعانى ظروفا اقتصادية غاية فى الصعوبة وديونها الداخلية ٢.٥ تريليون جنيه، والخارجية أكثر من ٥٥ مليار دولار بخلاف ديون الهيئات الاقتصادية ــ باستيراد سيارات من طراز «بى إم دبليو» أو حتى كورولا لتوصيل أى مسئول؟!.

لا أعرف بالضبط أسعار السيارات، لكن أسمع من أصدقائى كل يوم أن أسعارها صارت نارا هذه الأيام، خصوصا بعد تعويم الجنيه فى ٣ نوفمبر الماضى. سمعت شخصا يقول إنه حجز سيارة كان سعرها قبل التعويم ٤٠٠ ألف جنيه، ثم قفزت بعده إلى نحو ٨٠٠ ألف جنيه، وأظن أن الـ«بى إم دبليو» تقع فى نفس الشريحة تقريبا، فى حين أن سعر التويوتا الكورولا قد يصل إلى نصف مليون جنيه.

السؤال البديهى الذى نوجهه إلى الجميع حكاما ومحكومين: لماذا يركب أى مسئول سواء كان قاضيا أو ضابطا أو وكيل وزارة سيارة غالية الثمن لتوصله من البيت للعمل فى بلد يواجه أسوأ أزمة اقتصادية، بل ويضطر لتحمل سخافات وتفاهات و«رزالات» خارجية كثيرة من كل من هب ودب بسبب هذه الأزمة؟!.

نفهم أن يركب المسئولون هذه السيارات الفارهة إذا كنا فى مستوى الدول الأوروبية المتقدمة جدا أو الصين وماليزيا وسنغافورة والخليج وغيرها، لكننا لسنا مثلهم.

قبل أيام كتبت هنا فى هذا المكان تحت عنوان «السمك لا يعيش فى المياه الصافية» عن تجربة الصين فى التقشف حيث تجبر كبار المسئولين ألا ينزلوا فى فنادق خمس نجوم ولا تزيد سفرياتهم على ثلاثة أيام وألا تزيد قيمة وجبات طعام ضيوفهم الأجانب على خمسة دولارات.

الصين تتقشف وهى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم ولديها احتياطى نقدى فلكى، وحققت معجزة اقتصادية يشهد بها القاصى والدانى، فى حين يستمر السفه عندنا على الرغم من كل دعاوى التقشف!.

من الجيد والمهم أن نحارب المرتشين واللصوص بأقصى درجات الشدة والبطش فى إطار القانون، لكن وبالتوازى فإن سياسات ترشيد الإنفاق ينبغى أن يتم تطبيقها فورا، حتى يصدق الناس أن الحكومة جادة فى التقشف.

ما الذى سيتغير إذا وصل «المسئول» إلى عمله فى الوزارة أو المحكمة بسيارة بسيطة، بدلا من الفشخرة الكذابة، فى بلد يحتاج إلى معجزة ليقف على قدميه؟!.

إذا كان هذا المسئول يريد أن «يتفشخر» فعليه أن يفعل ذلك من «حر ماله» وليس بفلوس دافعى الضرائب الغلابة.

وإذا كنا نلوم بعض رجال الأعمال على سفههم على الرغم من أنهم يفعلون ذلك بأموالهم، فكيف نقبل ذلك من بعض مسئولى الحكومة أو المؤسسات الرسمية؟!

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل