المحتوى الرئيسى

لم تكن ابنتي مصابة إلا بنزلة برد.. ولكن مسكِّن للألم كاد أن يُودي بحياتها

01/02 20:53

يروق لي أن أحكي هذه القصة طالما كانت حاضرة في ذهني وقبل أن تتلاشى تفاصيلها بمرور الوقت من ذاكرتي، فبعد أن استقرت حالة ابنتي الصحية بعد تجاوز هذه المحنة، تيقنت أنه من الواجب عليَّ أن أقوم بحكاية تجربتي هذه لتوعية الآخرين بخطورة متلازمة "ستيفنس جونسون".

تحكي جين شو وهي أم لستة أطفال قصتها مع مرض ابنتها الصغيرة للنسخة الألمانية لـ"هافينغتون بوست" قائلة، فلقد رُزِقت بأول مولود منذ 13 عاماً وأصبحت أمّاً خلال هذه الفترة لـ6 أطفال، ولم أسمع أبداً قبل ذلك عن هذا المرض، وعندما تيقنت أنه حتى ولو لم تقرأ قصتي هذه وتتعلم منها إلا أسرة واحدة، قمتُ على الفور بأداء واجبي تجاه ذلك، الذي يُحتم عليَّ حكايتها وسردها.

وبدايةً أريد التنويه على أن سردي لقصتي هذه ليس رغبة مني في محاربة بعض الأدوية أو محاولة الوصول لإقناع البعض بعدم تناول أي أدوية على سبيل العموم، ولكني لم أرد من ذلك إلا توعية الناس وإعلامهم بمخاطر بعض الأمبولات الطبية قبل تناولها.

أصيبت ابنتي الصغيرة تشازيلي في يوم الإثنين الموافق 23 فبراير/شباط 2016 بنزلة برد، وكان عمرها آنذاك 7 أشهر، استمرت معها ما يقارب الأسبوع، وصاحب تلك النزلة كحة عادية، ورشح مستمر بالأنف وأيضاً حالة عادية مما يصاحب الطفل جراء ذلك من أنين وتعكير مزاج، إلا أن حالتها كانت إجمالاً مع كل ذلك جيدة.

وقمنا في هذا اليوم بحجز موعد عند الطبيب الخاص، وفي الحقيقة كان ذلك لأسباب أخرى، ولكني قررت أن يقوم بفحص حالتها الصحية، والذي اتضح في النهاية أنها تتعرض لأول نزلة برد لها.

وأكد الطبيب ما كنت أتوقعه، من أن هذه ليست أكثر من مجرد نزلة برد عادية؛ وأوصى لها بتناول الكثير من السوائل مع تناول قليل من مسكن الألم عند اللزوم.

وكالعادة تتلخص أولى خطواتنا نحو الامتثال للشفاء في تناول الشاي بالزنجبيل ومرقة اللحم والإكثار من أكل الخضراوات مع الاسترخاء والنوم، وهذا هو كل ما قمت به مع حالة تشازيلي.

وفي يوم الثلاثاء استيقظت تشازيلي وبدت نوعاً ما أكثر اضطراباً من الأسبوع المنصرم، فعندها كحة باستمرار وكانت تنازع البرد بصورة بالغة، فقررت عند ذلك إعطاءها قليلاً من مستحضر النوروفين، وأعترف أني قمت بهذا بسبب بعض الأمور الشخصية، حيث كنت بحاجة إلى قليل من النوم، وكذلك فترة راحة أنقطع فيها عن البكاء.

وقد كنت أعطي قبل ذلك كل أبنائي الآخرين مستحضر النوروفين وأعتقد أنه يساعدهم كثيراً على الامتثال للشفاء، ولم يكن لدي أبداً أي سبب أذكره غير ذلك.

وقبل الأسبوع الأخير لم تتناول تشازيلي أي أدوية طبية بأي شكل؛ إذ لا يبدو هناك تقريباً أي عارض مرضي يحتاج إلى تطبيب أو علاج، ولم نخالف أوامر الطبيب إلا فيما يتعلق بالطعام والشراب، وفي الواقع كان إذا ما ظهر على أحد أطفالي هذه الحالة المرضية، فأقرب شيء دوماً إلى متناول يدي هو مستحضر النوروفين.

وبدت ابنتي تشازيلي بعد تناول الجرعة الأولى أحسن حالاً وأكثر راحة مما هيأ لنا الخروج والقيام ببعض الأمور الخاصة بنا في المدينة، ولمَّا عدنا في المساء إلى المنزل مرة أخرى، بدأنا في تناول العشاء، ثم القيام ببعض المهام المنزلية ثم الأخذ في ترتيبات النوم.

وكانت الجرعة الأولى لتشازيلي مسكنة لها ومهدئة، مما دفعني لإعطائها جرعة أخرى.

لم تكن لدي أي فكرة أني أستدعي بذلك أشقى أسبوع في حياتي.

وباتت حالتها بعد تناولها للجرعة الثانية حزينة، وأكثر هياجاً مما كانت عليه قبل تناول النوروفين، فقد كانت تعاني على قصر عمرها من ارتجاع متزايد، ولكنه كان هذه المرة أسوأ من ذي قبل؛ وكلما حاولنا تنويمها كانت تصرخ من شدة الألم.

وكنّا نظنّ في أول الأمر أنها تعاني من تلبك معوي، حدث نتيجة تناولها لشيء غير نظيف، ولكن بدا عليها الألم بصورة غير عادية، فقد كنت أضعها على كتفي ويجب أن تظل على ذلك طوال الوقت.

وأتذكر أنه كان لدي في هذه الليلة شعور داخلي أن ما أراها عليه كان نتيجة تفاعل النوروفين مع أي شيء، وأتذكر كذلك أني بحثت كثيراً على علبة النوروفين عن قائمة ببعض الأعراض التي تخبر بإمكانية حدوث أي تفاعل تحسُّسي مفرط للحساسية، ولكني لم أتمكن من إيجاد أي شيء.

وكثيراً ما كان ينتابني شعور بأن تشازيلي لم تتناول أي مواد غذائية أذكرها، وكنت أتساءل عمّا إذا كان النوروفين يحتوي على مواد حافظة أو به بعض الإضافات، التي أوصلت حالتها إلى هذه الدرجة من الألم.

كان الليل طويلاً جداً ومرهقاً، وكانت تستيقظ كل 15 دقيقة تئن من الألم، وتكور يدها الصغيرة حول قبضة اليد، وتتلوى كثيراً من الألم وتعترضني في كل مرة أحاول فيها إرضاعها أو تهدئتها.

وكنا ننام في وضع قائم قليلاً على الأريكة، ولكن لا يستمر هذا طويلاً، وبمجرد بزوغ شمس يوم الأربعاء، قررت الذهاب بها إلى قسم الإسعاف والطوارئ، وعند وصولنا بها، لاحظت كأن هناك خاتما أو حلقة حمراء حول عينيها وحول أنفها وفَمِها، وكانت رقبتها حمراء كذلك ومغطاة -على حسب ظنّي- بطفح يشبه طفح الحفاضات.

وبعد القيام ببعض الفحوصات بما تشمله من عمل موجات فوق صوتية عدنا إلى البيت بتشخيص حالتها على أنها تعاني عدوى فيروسية، ثم لاحظت وأنا في طريقي للمنزل ظهور بعض الحويصلات برأسها، ولكن على الرغم من اكتشافي لذلك إلا أن مُخيِّلتي ذهبت بي إلى اعتبار ذلك جزءا من مضاعفات الفيروس.

لم ألبسها أي حفاضة، وقمت بمعالجة الطفح الظاهر عليها بوضع الكريمات، وفي المساء لاحظت ظهور حويصلات أخرى صغيرة؛ الأمر الذي دعاني لمناقشة زوجي ومراجعته في كم كان هذا مضحكاً، ولكننا نمنا بالفعل في هذه الليلة بصورة أفضل، وظننت أن هذا أول الطريق تجاه الامتثال للشفاء، ولكن هذا كان خطأً.

ولمّا استيقظنا صباح اليوم التالي ظهرت على تشازيلي بعض البثور المقززة وتحديداً على وجهها ورقبتها، وكذلك بثرة مؤلمة للغاية على أذنها، تَنُزُّ كثيراً، كما كان الطفح قد أصبح مُحْمراً جداً ، لدرجة جعلت تشازيلي شاحبة اللون وأشد وجعاً.

استلزم ذلك ذهابنا مرة أخرى إلى المستشفى، ولم تحتج الممرضة آنذاك إلا أن تلقي عليها نظرة واحدة تعلم من خلالها مدى ألمها ومستوى حالتها الصحية، وتم فتح غرفة لها على الفور لحجزها في المستشفى، وكم كان يوم دخولها غرفة الإسعاف والطوارئ مقلقاً جداً، فلم أستطع حينها أن أستقرأ أي قلق أو اهتمام على وجوه الموظفين، ولكن لاحظت حالة ارتباك كبيرة، وتعبير الوجه يبين أنه لم تكن عند الممرضة أية فكرة عن ماهية المشكلة التي عند طفلتي الصغيرة.

وقام أحد أطباء الأطفال بفحص حالة تشازيلي وتشخيصها على أنها حالة عدوى المكورات العنقودية، ولكنهم أرادوا تأكيد ذلك عن طريق سحب عينة من الدم، وفي هذه الأثناء مرَّ طبيب أخصائي أطفال كان له طلب بالصدفة عند طبيب الأطفال الآخر ليؤكد أيضاً تشخيص الحالة كذلك.

وبعد أن استفسر مني عن حالتها في الأسبوع الأخير، إذا به يبادر بمغادرة الغرفة، إلا أنه استدار في اللحظة الأخيرة قائلاً إن لديه شعورا لا يرجوه بأنه من الممكن أن تكون عندها نوبة حساسية ثقيلة بسبب تناول مستحضر النوروفين.

وأردف قائلاً إنه ينبغي فحص متلازمة كان قد سمع عنها تسمى متلازمة ستيفن جونسون، وتذكرت عند ذلك الشعور الذي انتابني ليلة الثلاثاء، وأدركت حينها أنه محقٌّ فيما ذهب إليه.

وفي هذا المساء حضر بعض الأطباء من كل التخصصات، ليجروا الكشف على تشازيلي ويعاينوا بشرتها؛ فأفزعني أن يحضر كل هذا الجمع من الأطباء ليشاهدوا شيئاً لم يروه من قبل، وكيف سيساعدونها وهم في الأساس لم يعلموا شيئاً عما بها؟ ثم حملوها إلى قسم الأطفال وبدؤوا في معالجتها عن طريق إعطائها جرعات عالية من المضاد الحيوي والبنادول لمعالجة الألم.

ظهرت على ابنتي الكثير من البثور وكانت بشرتها حمراء بالكامل وملتهبة كثيراً جراء هذا المرض التي كانت تتأوه منه كثيراً، ثم قام الطبيب الأخصائي بزيارتنا ليخبرنا بأنه عالج كلا الأمرين سواء متلازمة ستيفن جونسون أو عدوى المكورات العنقودية.

ولم تنم إلا بين ذراعي وفي حضني وكانت أي حركة ولو كانت بسيطة تجلب لها الألم.

وفي صباح يوم الجمعة عاينت طفلتي بالكاد مرة أخرى، وذكرت لي إحدى الطبيبات أنه ينبغي عليّ أن أجهز نفسي للأسوأ.

وقد كانت طفلتي منهكة تمامًا وضعيفة جداً، وأخبرتني بأن الحالة تميل الآن على الأرجح إلى تشخيص بمتلازمة ستيفن جونسون، وأننا يمكننا الانتهاء من ذلك في وحدة العناية المركزة لمستشفى الأطفال.

وكاد قلبي وقتها أن يتوقف، فبمجرد أن راحت تشازيلي في النعاس، ذهبت للحمام وظللت أبكي بهستيريا مع تنهيد ونحيب، فلم أكن أعلم كيف يمكن أن تعود حالتها مرة أخرى بصورة جيدة، وماذا عليّ أن أفعله لاحقاً؟ فلا يمكنني فعل أي شيء لها وإبقائها في غير المستشفى.

ثم رجعتُ مرة أخرى إليها، واحتضنتها، وهمست في أذنيها بأنها ينبغي عليها أن تقاوم، وأنها ستُشفى وأننا سنعود مرة أخرى إلى منزلنا، فقد نقلت إليها كل طاقتي وخالص حبي ومشاعري.

ولمّا عاد الأطباء الأخصائيون مرة أخرى في هذا اليوم، لاحظوا أن مظهرها قد تغير بشكل مأساوي وأن الأعراض باتت أسوأ، فقد كان جلدها مرصعاً بالبثور، وكان المتبقي من بشرتها محمراً وجافاً وملتهباً، وأجمعوا حينها على أنها حالة متلازمة ستيفن جونسون.

وقاموا بمعالجتها بمرهم للعين حتى يحموا عينيها من أية إصابات يمكن أن تلحق بها، إذ إن متلازمة ستيفن جونسون معروفة بأنها تسبب إصابات في العين، وحتى لا ينتشر المرض أكثر ويهاجم الأنسجة المخاطية قاموا بإعطائها "جيل" مهدئاً ومسكناً للألم في منطقة الفم، حتى تتمكن من الأكل بعد ذلك، ثم قامت بغسل فمها لتحميه.

كما أعطوها مسكناً ضد الألم (الأمر الذي أثار ذعري بشكل لا يصدق)، ولكني أعلم أنها بحاجة إلى تسكين الألم وتهدئته.

وفي المساء أتت إلينا ممرضة من قسم الحروق لتساعدنا في حماية بشرتها، وأعطيناها حماماً بارداً ووضعنا بعضاً من البرافين ولبن الأم على الجروح لمعالجتها وحمايتها؛ وقمنا بتضميد الجروح الشديدة، وأخبرني الأطباء بأنه لم نعد نستطيع فعل شيء سوى الانتظار، مع محاولة مداواة جسدها وبقائها في حالة إيجابية والعمل على ذلك كفريق واحد.

وفي مساء يوم السبت كانت حالتها قد تحسنت قليلاً فعادت مرة أخرى لتستلقي على السرير وتنظر حولها، وأتت أختي وابنتي الكبيرة في زيارة لي وحاولتا إسعادها ببعض اللعب، وبالرغم من عدم قدرتهما على التبسم أو الضحك، إلا أنهما كانتا مسليتين بعض الشيء.

وفي يوم الأحد بدأت بعض التورمات لديها في الاختفاء، كما بدأ الجزء الأول من جسدها، الذي كان مغطى بالبثور يتماثل للشفاء، وبدأت تعود كما كانت مرة أخرى.

وفي يوم الإثنين انتهى الأطباء من بعض المعالجات، وكانت حالتها تعتبر في تحسن مستمر، ولم أتمالك نفسي من البكاء عند رؤيتها، ثم ما لبثت أن بدأت بعد ذلك في الضحك.

وفي يوم الثلاثاء أذن الأطباء لنا بالخروج والعودة إلى المنزل مرة أخرى؛ فقد برئت البثور المؤلمة واندملت، وأما المتبقي فيمكن معالجته بالمنزل.

ويوم الجمعة، وبالرغم من أنها لم تعد تشعر بأي ألم، إلا أن جسدها ما زال يفقد الكثير من نعومة البشرة، مما جعلنا نستخدم ثمرة البابايا والكالندولا اللتين حصلت عليهما من صديقتي لويسا، وكذلك غذاء النحل من بلسم شجرة اليوجي للحفاظ على بشرتها وحمايتها.

وعلمنا حين ذلك أن النوروفين وايبوبروفين تفك المتلازمة المصابة بها تشازيلي، واقتصرنا على تجنب كل العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهاب، ولكن بقيت هناك قائمة الأدوية والتطعيمات والفيتامينات، لأننا نعلم أنه يمكن أن تستدعي كثرة المواد أمراضاً جديدة.

فنحن كنا أمام رحلة عناء لا بد منها لنحفظ أطفالنا من حدوث أي ضرر، وأعتبر نفسي مسؤولة تماماً عن زيادة الوعي تجاه هذا المرض، ومسؤولة كذلك عن مساعدة الآباء الآخرين إذا ما أصيب طفلهم بمثله.

فكلما قرأت عن متلازمة ستيفن جونسون أدركت تماماً قدر التوفيق الذي كان من نصيب ابنتي تشازيلي، عندما لم يعد عندها أي مضاعفات منه، وأرى أني مدينة للطبيب الذي جاء إلينا في اليوم الأول وعالج حالة الطفلة المتعثرة، فأنا ممتنة إلى الأبد له ولطاقم الممرضين الآخرين وللفريق الطبي الذي كان معنا بأكمله.

ولا تسعفني أبداً أي كلمات أشكر بها فريق العمل والذي ينبئك لفظه عن أهميته، فقد زاد تقدم الطب الحديث في نظري كثيراً، فقد شعرت أثناء رحلة مرض ابنتي بأكملها بالمشاركة والتواصل مع الفريق الطبي وبكوني جزءاً من رحلة ابنتي هذه، فكانت تُشرح أمامي الأمور بالتفصيل، وطُلِب مني ألا أستهين بعمل أي شيء، فكنت أُقدِّر ذلك وألتزم به أكثر مما يُتصوَّر.

وبجانب هذا كان هناك في حياتي الخاصة فريق رائع آخر يساندني طوال الوقت، فكانت صديقتي الرائعة مارينا كوتيدج قد بادرت ببعض أعمال المطبخ لنتناول أنا وتشازيلي بعد الأطعمة العضوية فترة تواجدنا في المستشفى (فلم يكن هناك أي طعام للوالدين أثناء مرافقتهم لأطفالهم بالمستشفى).

وبقي الآن أن أقدم بعض النصائح:

أهم أخبار مرأة

Comments

عاجل