المحتوى الرئيسى

رحلة الدم والقتلة الأوائل

01/01 22:11

جدارية الدم التى ما زلنا نضيف إليها حتى الآن رتوشاً وألواناً ونزفاً ونحيباً وخربشات مخالب وعضات أنياب!!، جدارية الفتنة الكبرى التى تظللنا حتى الآن وتثبت أن تاريخ المسلمين مثل قوانين الفيزياء لا يفنى ولا يستحدث، صراعاته أزلية، سنة وشيعة، فرقة رافضة وفرقة ناجية، والكل يحتكر الحقيقة، ما أن أنهيت آخر سطور كتاب «رحلة الدم - القتلة الأوائل» لإبراهيم عيسى حتى شعرت أننا نحمل جثثنا على كاهلنا، مقابرنا فى داخلنا، وكرات الفولاذ التاريخية ما زالت مربوطة فى أقدامنا تقيد خطواتنا نحو مضمار الحضارة، كتب إبراهيم عيسى قصة الفتنة الكبرى بنفس روائى مختلف عن طريقة السرد والتحليل التاريخى لكتاب طه حسين الرائد العظيم، بدأ عيسى من نقطة أبعد، بدأ من فتح مصر التى كانت خميرة الفريق الذى بدأ الثورة على عثمان، كان لا بد من تلك البداية لكى نفهم لماذا مصر بالذات؟ ما هى التغيرات الاجتماعية والثقافية والسياسية التى جعلت مصر هى شرارة الثورة على أمير المؤمنين، الثورة التى لم تخمد حتى هذه اللحظة وما زالت شرارتها تشعل حطب الفتنة فى أرجاء هذا الوطن العربى المنكوب، حفر إبراهيم عيسى ببراعة حتى هبط إلى الجذور، لم ينسبها إلى أشخاص بعينهم برغم وجود رموز محركة مثل عمرو بن العاص المجروح من عزله، ولكنه نسبها إلى حالة ثقافية اعترت وتلبست البعض ممن أعلوا ثقافة الموت على ثقافة الحياة، تتبع عيسى فى رحلة الدم السكين الذى قطع أول شريان فنزف وسقطت أول نقطة دم فى رحلة دامت أكثر من ألف سنة، إنهم بعض حفاظ القرآن الذين لم يتجاوز القرآن حناجرهم إلى قلوبهم وعقولهم وظل مجرد شقشقات لسان وحركات شفتين، شرح بمهارة جراح تلك الشخصيات التى كانت بذرة التكفير فى الثقافة الإسلامية، وعلى رأسهم أعجب شخصية استعصت على التحليل النفسى، شخصية ابن ملجم قاتل على بن أبى طالب فيما بعد، والذى أرسل إلى مصر من قِبل الخليفة ليحفظ ويعلم أهلها قراءة القرآن!!، باختصار هو يجسد شخصية الحافظ مش فاهم التى عانينا وما زلنا نعانى منها، تتصاعد الأحداث حتى نصل إلى داخل غرفة أمير المؤمنين عثمان ذى النورين الذى منعوا عنه شربة الماء فى الحصار وظلت جثته فى بيته ثلاثة أيام حتى دفنوها فى مقابر اليهود، داخل هذه الغرفة نجد شريط سيناريو دراكولى بشع، كل من طعنه أو حاول طعنه هو من الحفاظ ومن العباد المتبتلين!!، أول من حاول طعنه وخذلته يده هو محمد بن أبى بكر!! الذى تربى فى كنف الأب أول رجل دخل الإسلام، وفى كنف المربى المعلم على بن أبى طالب، أول صبى دخل الإسلام، ثم توالى طابور القتلة كنانة وجبلة وسودان وابن الحمق وكلهم من الحفاظ العباد المتبتلين الذين كانوا يعلمون المسلمين كيف يقرأ القرآن!!، كيف تم طبخ تلك الكراهية التى وصلت إلى بقر بطن الخليفة وإخراج أحشائه ومحاولة قطع رأسه وهو يقرأ المصحف وقطع أصابع زوجته نائلة!، هذا ما يشرحه المؤلف بين السطور متسللاً إلى القارئ بدون تلقين مباشر، كيف تغلبت المصلحة على التقوى؟، كيف غيرت الثروة بوصلة الثورة؟!، كيف وصلنا للحظة يخذل فيها صحابى رفيق رحلته وشريك كفاحه ونضاله الصحابى الذى شهد معه ميلاد الرسالة ونشر الدين والهجرة والفتح.. الخ؟، لحظة أن يحرض طلحة وعمار على عثمان، وأن يختفى الزبير وعلى من المشهد وأن يقود الثورة والحصار على عثمان من بايع الرسول تحت الشجرة، وأن يستباح خليفة المسلمين وزوج ابنتى الرسول ويوصف بالنعثل اليهودى من رموز كبيرة لا من عامة هامشيين فقط؟!!، كيف وصلنا إلى تلك اللحظة الدراماتيكية الداعشية المرعبة والتى كانت بداية رحلة دم تذاكرها بلا عودة، كتاب يستحق أن تستقبل به 2017 لكى تكون من ضمن كتيبة إيقاف قطار رحلة الدم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل