المحتوى الرئيسى

الغناء فى 2017.. مستقبل مظلم للأغنية المصرية

01/01 21:55

الأغنية المصرية ليست بخير، هذا ما تؤكده السنوات الأخيرة التى استمعنا فيها إلى أعمال إما مكررة من كبار النجوم الذين دائمًا ما يملأون الدنيا صياحًا وكلامًا عن أعمالهم، وأغلبهم يتحدث بلهجة أنه الراعى الرسمى للتطوير وعندما تستمع إلى ما يقدمه تكتشف أنك أمام أعمال مستهلكة ليست التكرار فقط هو الخطر الأكبر على الأغنية المصرية فى العام الجديد، الذى بدأ منذ ساعات، بل هناك خطر أكبر، وهو انحياز الإعلام لأغانى الهلس، فالسنوات الأخيرة شهدت قيام مجموعة من الإذاعات تدعم وتساند أغانى المهرجانات ومطربيها بمجموعة من البرامج وكأن الأغنية المصرية أصبح مكتوبًا عليها المعاناة، لذلك فالأغنية فى 2017 لن تكون أفضل حالًا من العام 2016 أو 2015 أو 2014 كل ما يقدم يصب فى الاتجاه السيئ، وربما يكون القادم أسوأ.

ماذا ننتظر فى العام الجديد أو حتى الأعوام المقبلة ونحن نتجاهل كل الكبار الذين ما زالوا على قيد الحياة، أمثال محمد سلطان وحلمى بكر ومحمد على سليمان وخالد الأمير وفاروق الشرنوبى وجمال سلامة وهانى شنودة وحولتهم إلى موظفين على مقهى المعاشات، فهذه الأسماء وغيرها لم تعد هناك جهة واحدة حتى من الجهات الحكومية، مثل الإذاعة والتليفزيون يسعون للتعامل معهم، فى الوقت الذى تفتح نفس الجهات أبوابها لأنصاف الملحنين، لذلك لم يعد هناك وجود للأغنية الجادة، أصبح ما يقدم عبارة عن أغانى كثير منها مسروقة وأخرى مسلوقة أى لا تصلح لكى تعبر عن دولة بحجم مصر، قدمت للعالم كوكبة من أهم المطربين والملحنين والشعراء، والأغرب أن أغلب الدول العربية خاصة الخليجية أصبح اهتمامهم بالفنون وخاصة الغناء يفوق الوصف، فى الخليج سوف تجد الكلمة الجادة واللحن الثرى، والتنفيذ الموسيقى الذى يمنحك الطعم الحقيقى للغناء، مصر لم تعد تقدم سوى الأغنية الخفيفة التى تعتمد على الكلمة السطحية، واللحن المكرر والمسروق، والتنفيذ الموسيقى الفقير، وبالتالى أصبحنا فى زمن اللا غناء.

الشىء الأكثر بشاعة هو أن الإعلام عندنا لم يعد يتذوق الغناء الجاد، وبالتالى أصبح ينشر كل ما هو سيئ وردىء، لأنه يرى أن الشارع وسائق الميكروباص عاوز كده وبالتالى أصبحت تلك الإذاعات تخاطب أقل الشرائح ثقافة فى مجتمعنا المصرى.

والأسوأ من ذلك أن كل مقدمى البرامج أصبحوا يتحدثون بنفس اللغة الركيكة الموجودة فى الأغانى، وبالتالى لم يعد غريبًا أن تسمع على هذه الإذاعات أوكا وأورتيجا، وتجد مقدم أو مقدمة البرنامج تحدثك بنفس المفردات فى النهاية الضحية هو الشعب.

أزمة الأغنية أيضًا فى أن الدولة لم تعد تتعامل معها على أنها صناعة هم ينظرون إليها على أنها شىء ترفيهى لا قيمة لها، لأن المسئولين حكموا عليها من خلال ما يسمعون على الإذاعات، وبالتالى غاب عنهم أنها صناعة يعمل بها الملايين من البشر، أو كان يعمل بها الملايين، لأن هناك أكثر من 300 شركة تم إغلاقها وحولت نشاطها إلى تجارة فى الملابس والمحمول، ولم تعد هناك سوى ثلاث شركات على الأكثر والبركة فى القرصنة التى عجزت الدولة عن مواجهتها، وتركت القراصنة يفعلون ما يريدون، مواقع على الإنترنت.

وتخلى الدولة عن تلك الصناعة جعل الكثير من المهتمين ينظرون للمستقبل بنبرة من التشاؤم، وبالتالى فالأزمة سوف تتفاقم طالما أن هناك تجاهلًا من الدولة، صناع الأغنية يطالبون الدولة منذ سنوات طويلة بإقرار قوانين لحماية الصناعة وتغليظ العقوبات الموجودة لتماثل الموجودة فى كل دول العالم المتقدم، خاصة أن دولًا عربية، مثل السعودية والإمارات العربية أصبحت تطبق هذه القوانين وبالتالى ليس من الطبيعى أن تكون دولة بحجم مصر رائدة الفنون فى عالمنا العربى وإحدى القلاع الفنية العالمية ما زالت تكافح القرصنة بقوانين تم وضعها فى بدايات القرن الماضى.

صدور قوانين تدعم الأغنية سوف يكون طوق النجاة لمئات الموسيقيين، وكذلك العاملون فى الاستديوهات وللمطربين أنفسهم ويكفى أن يعى المسئولون أن هناك مطربين لم يصدروا ألبومات لمدة 7 سنوات، مثل: سميرة سعيد وهشام عباس وإيهاب توفيق ولولا وجود روتانا ما شاهدنا أعمالًا لإليسا ونانسى عجرم وتامر حسنى ونجوى كرم وعشرات من المطربين العرب.

الأزمة التى تعانى منها مصر وتجعل أغلبية العاملين فى الحقل الموسيقى فى حالة من التشاؤم هى سوء التخطيط على كل المستويات، والنظرة للأمور بقدر كبير من السطحية، والسعى خلف الموضة حتى لو كانت ضد العادات والتقاليد بدليل استقبال مصر لموجات غنائية هابطة أبرزها موضة أغانى البورنو كليب التى ما زالت تضرب الأغنية منذ عشرين سنة، وحتى الآن ولم تجد من يتصدى لها بل والأكثر من ذلك أن القنوات الحكومية كانت تتبارى فيعرضها فى تقليد محموم وأعمى للفضائيات الخاصة.

فى النهاية كبار الموسيقيين فى منازلهم يجلسون حول المدفئة فى صالون المعاشات والأولى بنا أن نستمتع بإبداعاتهم حتى آخر لحظة قبل أن نندم كما ندمنا على كبار رحلوا بعد أن ظلوا أيضًا فى مقاهى المعاشات لسنوات.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل