المحتوى الرئيسى

رأس السنة فى العاصمة.. ليلة الباحثين عن «الضحكة السلف»

01/01 20:23

- ميدان الجيزة: ألعاب نارية وزمامير.. «المهندسين»: تفاوت طبقى واحتفالات مختلفة

- «الزمالك»: حفلات خاصة.. وفتيات يوثقن عاما جديدا وآخر مضى بالفيديو.. وكوبرى قصر النيل: أحاديث الهموم تغزو «فسحة» البحث عن فرح

بعد جولة لـ«محرر الشروق» فى مناطق متفرقة بأنحاء القاهرة والجيزة، استمرت لثلاث ساعات مساء أمس، وحتى ما بعد استقبال المصريين عامهم الجديد بحلول الثانية عشرة صباحا، بدا المصريون، على شتى انتماءاتهم، يفتشون معا عن تلك «الضحكة السلف» التى لطالما صدحت بالمطالبة بها حناجر البسطاء منهم، على مدى السنوات الستة الماضية منذ إطلاق الفنان الشعبى عبدالباسط حمودة أغنيته «سلفنى ضحكتك» فى عام 2010.

لم يكن حمودة وحده الذى يعانى، ليلة السبت، «تعب القلب» سائلا الناس الإجابة «يا ناس قلبى تاعبنى، يا ناس حد يجاوبنى يا ناس.. محدش عنده ضحكة سلف أدارى دموعى جواها»، ولم يكن وحده كذلك الذى يفتش فى العابرين عن «عم» يعلمه الضحك «ياعم ياللى ماشى وبايع دنيتك.. علمنى أضحك يا إما سلفنى ضحكتك»، فمن ميدان الجيزة والشوارع المتفرعة منه إلى ميدان جامعة الدول العربية بحى المهندسين، ثم إلى شارع 26 يوليو بحى الزمالك، وأخيرا إلى وسط القاهرة، سادت حالة احتفالية تفاوتت فى حدتها وطرق التعبير عنها بين مكان وآخر، غير أن جميع أبطالها اتفقوا على شىء واحد: الاحتفال والفرح ولو لساعات قليلة يعود بعدها الجميع لمواجهة أشباح حياتهم اليومية.

بخلاف بعض الألعاب النارية التى أطلقها بعض الشباب الصغار فى سماء ميدان الجيزة، وإطلاق بعضهم الآخر أصوات «الزمامير» العالية فى شوارعه الرئيسية بشكل احتفالى، لم يكن هناك مظاهر أخرى بالميدان تعلن قدوم سنة جديدة، عدا بعض قبعات لبابا نويل تم رصها دون تنظيم على سور حديدى أسفل الكوبرى المؤدى نحو حى المنيب وحى الهرم، فيما انشغل بائعها فى أشياء أخرى، وترك أمر بيع القبعات لسيدة خمسينية تشوى الذرة الشامية وإلى جانبها طفلة صغيرة فى يدها بعض علب المناديل تستجدى المارة وقائدى السيارات، الشراء منها.

فى سيارة «مينى باص» أجرة من ميدان الجيزة إلى حى المهندسين، لم يكن السائق وزبائنه معنيين كثيرا بأمر انتظار تجاوز عقارب الساعة عام 2016 من ميلاد المسيح عليه السلام، غير أن العام الجديد أعلن عن نفسه على باب السيارة بشكل صارخ، إذ قفز أحد المحتفلين الصغار فى السيارة عند إشارة مرور «المصل واللقاح» على مدخل شارع البطل أحمد عبدالعزيز.

كان للصغير وجه طفل لم يبرح الثالثة عشرة من عمره، وجسد نحيف يختبئ داخل ملابس رثة، وفى يده شىء لم يكن معروفا للكل قبل أن يصرخ أحد الركاب مخاطبا السائق: «وقف وقف نزل الواد ده يا اسطى.. الواد ده بيشد كُله»، أوقف السائق السيارة وصرخ فى الطفل لينزل، فقفز بظهره للخلف حتى وقف على الأسفلت متوعدا: «أعورك»، قالها بنبرة أقرب للبكاء منها إلى الوعيد، وبوجه بدا من بعيد وقد غابت ملامح الطفولة فيه بشكل أقرب ما يكون لكلام الفنان محمد سعد، حين تحدث عن الأطفال المشردين فى فيلمه «اللى بالى بالك» قائلا: «تلاقى العيل الصغير قاعد تحت كوبرى الملك الصالح وماسك الكيس البلاستك بيشم كُلُه لحد ما وشه يبقى زى فردة الكوتش».

انزوى الصغير جانبا، وسط لوم بعض الركاب الحكومة «التى تتركه هكذا فى الشارع يفعل ما يريد»، وحين فتحت إشارة المرور، انطلق قائدو السيارات نحو مقاصدهم، على إيقاع بعض الأغنيات الشعبية المحمولة عبر مكبرات صوت تثير زهو أصحابها خلف عجلات القيادة.

بامتداد شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين، اختلطت أفخم السيارات الفارهة بسيارات الأجرة القادمة من ناهيا وبولاق الدكرور وأرض اللواء وغيرها من الأحياء والمناطق الشعبية، كما اختلط الباحثون عن البهجة والفرح والاحتفال من شتى الانتماءات فى سلم الطبقات الاجتماعية فى مصر المحروسة، غير أن واقع الحال كان يقول للناظرين إن الجميع يعرف حدوده تماما.

فبسطاء الناس، وخاصة العائلات منهم، اختاروا الاكتفاء من الاحتفال بالجلوس على المقاعد الخشبية أو الأسمنتية المتناثرة بامتداد الحدائق العامة التى تتوسط جانبى الشارع، فيما لجأ كثيرون من صغار الشباب والمراهقين، فى جماعات صغيرة، إلى الاقتراب من الكازينوهات وأهلها، ما استطاعوا إليها سبيلا، خاصة وأن الأخيرة فتحت أبوابها أمام روادها فى ساعة مبكرة من مساء أمس الأول.

لكن الطرق لم تكن مفتوحة على الدوام أمام هؤلاء الذين لم يكفوا عن الضحك بأصوات مرتفعة، والغناء بشكل جماعى بأغان مختلفة من المهرجانات الشعبية، وبعضها تحمل إيحاءات جنسية، فكثير من الكازينوهات الشهيرة، والتى تستضيف مطربين وراقصات محل شهرة واسعة، نشروا أمام أبواب الدخول ما يتراوح بين خمسة وعشرة من أفراد الحراسة الخاصة ذوى الأجسام الضخمة، لمنع المتطفلين من مزاحمة زبائنهم.

ومن المهندسين إلى حى الزمالك، لم تغب مظاهر الاحتفال، وإن بدت أكثر هدوءا، رغم سماع المارة بشارع 26 يوليو أصوات اثنتين من المطربات يغنين فى حفلة أقامها أصحابها لاستقبال العام الجديد.

وأمام أحد المقاهى الشهيرة بالشارع، حرصت بعض الفتيات على تسجيل مقطع فيديو جماعى لهن قبل دقائق من حلول الثانية عشرة صباحا، ثم تسجيل مقطع آخر للعام الجديد، فيما اكتفى آخرون بالتعبير عن فرحتهم المبتغاة بقيادة السيارات فى شكل جماعى وإطلاق آلات التنبيه باستمرار، بل وصراخ بعضهم مع التلويح للناس فى الشارع.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل