المحتوى الرئيسى

سوريون في تركيا- هموم الأهل وقسوة اللجوء لا تسلبهم أمل العودة

01/01 09:31

في الوقت الذي كان فيه العالم يتهيأ لاحتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة كانت لمياء رجب (33 عاما) تعيش ما وصفته بـ "أسوأ أيام حياتها" خوفا على أهلها من الطيران الحربي الذي كان لا يوفر أي نوع من أنواع الأسلحة والقنابل ليمطر بها الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة في مدينة حلب السورية .

لمياء التي انتقلت للعيش مع زوجها وطفليها في تركيا منذ عشرة أشهر بعد اشتداد الحصار على الحي الذي كانت تسكن فيه بحلب، كانت تراقب بخوف وقلق شديدين تطورات الوضع في حلب ومآلاته وخروج أهلها سالمين من هذه المحنة، ليس فقط في فترة اشتداد القصف بل أيضا في مرحلة الإخلاء التي كانت معرضة للتوقف والفشل في أية لحظة. وتقول لـDW  عربية "كنت أنتظر خبر استشهادهم في أية لحظة، فالنظام ليس له أمان. بل مرت علي لحظات كنت أتمنى أن أسمع فيها خبر استشهادهم، الذي هو أفضل بالنسبة لي من أن يقعوا بين أيدي مليشيات النظام. وإلى الآن لا أصدق أنهم خرجوا سالمين من قلب هذا الجحيم الذي عاشوه، فليس أسوأ من الموت سوى انتظاره."

قررت تركيا دمج الأطفال السوريين الخاضعين لقانون الحماية المؤقتة في المدارس التركية، وما زال الجدل قائما حول آلية تنفيذ القرار.DW عربية رصدت بعض الآراء حول صعوبات تنفيذ هذا القرار وإشكاليات التطبيق. (05.12.2016)

هربت اللاجئة السورية المقعدة، نوجين مصطفى من حلب إلى كولونيا في ألمانيا. وذلك مرورا عبر تركيا والبحر الأبيض المتوسط وطريق البلقان. نوجين تحمل مسؤولية الوضع في سوريا للسياسيين وتوجه رسالة للألمان بخصوص اللاجئين. (21.10.2016)

إلا أن والد لمياء الحاج أسعد (70 عاما) يرى "أنه ليس أسوأ من انتظار الموت سوى عدم وقوعه"، حيث نقلت لنا لمياء مشاعر الحزن والأسى التي تعتري والدها جراء إخراجه من حي المشهد الذي ولد وعاش فيه وكان يأمل أن يموت فيه ولا يضطر للخروج منه إلى "اللامكان" كما هي حاله اليوم. فرغم كبر سن والدها، إلا أنه  كان من أشد معارضي الخروج من الوطن ودفع ثمن تمسكه به حياة اثنين من أبنائه الثلاثة الذين شجعهم على الانضمام للقتال في صفوف أحد فصائل المعارضة، وتضيف لمياء "كلما تحدثت مع والدي على الهاتف يطلق العبارات  التي يتمنى فيها لو أنه مات ودفن في تراب بلدته قبل أن يجبروه على الخروج منها بحماية روسية من شر أبناء بلده" فأسرة لمياء تقطعت أوصالها بعد أن خرجت والدتها وأخوها الصغير في الدفعات الأولى من عملية الإخلاء نحو المناطق التي يسيطر عليها النظام في مدينة حلب عند بعض الأقرباء، أما والدها وأخوها "المقاتل " فقد تأخروا في الخروج بعد أن تركوا المجال للجرحى والنساء والأطفال ليخرجوا أولا من الأحياء المحاصرة. حيث يتنقلون حاليا في ريف إدلب  بين الخيام التي أقامتها بعض المنظمات الإنسانية، حالهم كحال الكثير من العائلات المهجرة التي ازدادت معاناتها جراء العاصفة الثلجية التي ضربت المنطقة.

لاجئون سوريون يتظاهرون في مدينة عنتاب التركية تضامنا مع أهالي حلب المحاصرين في شرقي المدينة والذين تم إخراجهم منها فيما بعد

على الرغم من الظروف الصعبة التي مرت بها لمياء ولا تزال، إلا أنها تعتبر أوفر حظا من زوجها زياد (40 عاما) الذي كان ينتظر أيضا خروج أخيه من أحياء حلب المحاصرة .

يقول زياد لـ DW عربية عن معاناة أخيه إنه "كان يحرص على أن يحادثني يوميا ولو لدقيقة واحدة لضعف الاتصالات في الأحياء المحاصرة، ليطمئنني أنه مايزال وأسرته على قيد الحياة وكيف كان يضطر إلى النوم مع عائلته في العراء تحت الأشجار". زياد الذي تحدث عن مشاهدات أخيه قبيل الاتفاق، بأن الأبنية كانت تتهدم فوق رؤوس أصحابها جراء القصف الشديد. فرحة الناس كانت كبيرة عندما بدأت تلوح في الأفق بوادر اتفاق على وقف إطلاق النار وإجلاء المحاصرين بعد تضييق الخناق عليهم وبدء النظام بعملية الاقتحام. يتوقف زياد عن الكلام بعد أن غلبته دموعه، فيسارع بكفكفتها ويتابع "عاد أخي ليحزم أمتعته منتظرا بدء الاتفاقية، إلا أن إحدى القذائف التي سقطت على منزله كانت أسرع إليه من اتفاقيات الإجلاء ليدفن مع زوجته وطفلته تحت جدار منزله الذي وقع عليه وإصابة ابنته ذات الستة أعوام التي استطاع عناصر الدفاع المدني إخراجها من تحت الأنقاض".

رغم نزوحهم إلى تركيا لا يزال السوريون يحملون هموم أهلهم الباقون هناك ويتضامنون معهم من خلال الوقفات الاحتجاجية ويأملون بالعودة إلى الوطن في العام الجديد

مصاب زياد الكبير الذي ألم به لم يكن كفيلا بجعله يستسلم للحزن. فظروف اللجوء الصعبة التي يعيشها وانطلاقا من عبارة "يلي فيني بكفيني" تجعل السوري أقوى من أية مشاعر إيجابية أو سلبية قد تعتريه وتحرمه من أن يعيش لحظة حزن على عزيز فقده، خاصة في مثل هذه الأيام التي تعتبر بالنسبة لزياد صيدا ثمينا يجب استغلاله في فترة الأعياد، حيث تكون فيها حاويات القمامة تزخر بالكثير من العلب الكرتونية والأواني البلاستيكية التي يقوم زياد بجمعها وفرزها وبيعها للمعامل مقابل القليل من النقود التي تسد رمق عائلته .

"لقد كان عاما حافلا بالأحداث المؤلمة" بهذه الكلمات يصف زياد عامه الذي يهم بالرحيل ويلخصه باستهزاء "لقد كان أوله غربة وأوسطه فقر وآخره فقد للأحبة. آمل أن يكون العام القادم عام فرح وفرج للسوريين".

أما لمياء فهي ما زالت متمسكة بأمل العودة إلى الوطن وانتهاء هذه المحنة التي يمر بها السوريون في غربتهم وتغريبتهم. فجرح أهلها لم يندمل بعد وهم تائهون بين القرى بحثا عن الأمان والاستقرار ولم شملهم من جديد. ومشاعرها ممزقة بين فرحة خروج أهلها وحزنها على معاناتهم الحالية. وليس أفضل من إطلالة عام جديد يكون بمثابة بارقة الأمل لهم.وهم يرددون عبارة "راجعين راجعين".

مروة الغفري/ غازي عنتاب- تركيا

رغم ظروف الحياة القاسية استقر الحال بحوالي 2000 من اللاجئين السوريين على حواف الحقول والمزارع في منطقة توربيل بإزمير، شرقي تركيا، حيث يكسبون قوتهم من العمل في الحصاد.

بعد أن فقد هؤلاء سبل العيش في بلادهم، سيما أولئك الذين أتوا من الأرياف حيث كانوا يعملون بالأجر اليومي، أصبحوا يعملون مقابل نصف الحد الأدنى من معدل الأجر اليومي المتبع في تركيا، كما أنهم عرضة للاستغلال بسبب حاجتهم وظروفهم.

الهمّ الأول لهؤلاء اللاجئين هو توفير إيجار مسكن يأوي عائلاتهم، والذي عادة ما يكون خرابة قديمة أو خيمة مهترئة، ويكون ذلك بطبيعة الحال على حساب توفير متطلبات المأكل والمشرب، حيث لا تتوفر للكثير منهم إمكانية الحصول على وجبات منتظمة.

"في ظل الحرب في بلادنا، ليس لدينا خيار آخر"، يقول ديهال النازح من الحسكة السورية، لذلك هو سيبقى هنا مع عائلته، مع أن إزمير الخيار الأفضل بالنسبة إليه. ورغم أن الأجور في هذا الميناء جيدة إلا أنه لا يعرف المدينة ولا يجد سوى العمل في الزراعة، ومع ذلك يقول "لا بأس".

يوجد في تركيا أكثر من مليونين ونصف المليون سوري، وفيما يجد البعض منهم موسم الحصاد فرصة للعمل وكسب الرزق، تتجه الغالبية العظمى منهم نحو المدن الكبيرة، على أمل الحصول على فرصة عمل أفضل هناك، أو مواصلة الرحلة نحو غرب أوروبا.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل