المحتوى الرئيسى

2016: دهش.. يدهش | المصري اليوم

12/31 22:39

غيابان للتاريخ، وليس فقط للسنة الزائلة: باراك أوباما، أول رئيس أسمر فى الولايات المتحدة، وفيدل كاسترو، أول رئيس شيوعى فى الأمريكتين، الجنوبية والشمالية ومعهما الوسطى. كلاهما كان متوقعاً، الأول بسبب الدستور المدنى، والثانى بسبب الدستور الأعلى. الأول سجّل سابقته الكبرى عبر مسار ديمقراطى لم يكن فى الماضى يعترف ببشرته، الثانى سجّلها بالقوة فى قارة اشتهرت بالديكتاتوريات والتخلّف وتناوب العسكريين على الانقلابات والبلاغ الأول. كلاهما صنع التاريخ على طريقته. أوباما بالامتناع عن صناعته، وكاسترو بالإصرار على صناعته بالقوة. أوباما اعتبر التاريخ خطوطًا حمراء، وكاسترو اعتبره منصات إعدام حمراء، ترسل إليها «الوجبات» كل فجر. و«الوجبة» فى وصف الجثث المعلقة، مصطلح تكنولوجى استخدم أولاً فى العراق، عندما كانت الدولة تدعو المتنزهين إلى التمتع بالحدائق وسط زينة إضافية: جثث الخونة المعدومين ذلك الصباح.

جاء أوباما إلى الرئاسة من مكان بعيد. وقطع المسافة بسرعة الأرانب وكدّ السلحفاة، هارفارد، فمجلس الشيوخ، فالبيت الأبيض. المشكلة أنه اعتبر أن المسألة انتهت هناك. كان مهمًا أن يصل، فوصل. وآمن كاسترو بأن الوصول يعنى البقاء، فحاكَ بلدًا على قياسه، لا منافسين فيه. لكن مثل جميع دول القياس الشخصى والخياط إلى التفصيل، فإن كوبا الكاستروية قد تنهار مع غياب راؤول كاسترو «العملى» الذى صافح أوباما وفاوضه واستضافه فى هافانا، بينما فيدل يتفرج على مسافة مائة متر، ويعترض على الـ«فيسبوك». غاب فيدل وهو يهاجم العدو الأمريكى، ويغادر أوباما فرِحًا بأنه الذى أعاد فتح أبواب كوبا.

يمر التاريخ بمراحل وألوان عجيبة. على 75 ميلاً من أكبر قلعة رأسمالية فى التاريخ، أقيمت أول جمهورية شيوعية قبالتها. وأشهر، أو أسوأ بلد فى تاريخ العبودية السوداء، أصبح رئيسه ابن رجل كينى مزواج، صدفت بين زيجاته امرأة أمريكية بيضاء. باراك حسين أوباما رئيسًا للبلد الذى ذهب إلى حرب أهلية فقد خلالها أكثر مما فقد فى جميع حروبه، لكى لا «يحرر العبيد». كان «السود» حتى الخمسينيات ممنوعين من دخول الفنادق والمطاعم وركوب المقاعد الأمامية فى الحافلات، فإذا رجل أسود يتقدم الموكب.

كنت عائدًا مشيًا ذات مرة إلى فندقى فى نيويورك، فوجدت نفسى فجأة فى متاهة. مداخل الشوارع مغلقة الواحد بعد الآخر.. لماذا؟ ما الذى حدث فجأة يا أخا العرب؟ إنه باراك يزور المدينة، والمدينة تتحول من أجله إلى قلعة، ورجال الشرطة البيض يحرسون المفارق، هذا بلد اغتيل فيه إبراهام لينكولن وجون كنيدى، وأصيب رونالد ريجان فى محاولة فاشلة، ولذا، لا مكان للإهمال.

فيدل كاسترو نجا من مئات محاولات الاغتيال، بعضها أيام كنيدى وريجان. اختار الحل الآخر، المصافحة: «هذى يدى عن بنى مصر تصافحكم/ فصافحوها تصافح نفسها العرب»! ورحم الله حافظ إبراهيم. فالعرب لم تعد تصافح نفسها حتى فى الاجتماعات والمؤتمرات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل