المحتوى الرئيسى

أفضل فيلم 2016| «نوارة».. التجربة الأكثر طلبا للكمال

12/31 12:31

◙ من النسخة الورقية ( جريدة اليوم الجديد الأسبوعية)

◄ الفيلم حافظ على المسافة الآمنة بينه وبين ثورة 25 يناير

◄ عدم اللجوء للمباشرة الفجة أنقذه من فخ «اشتباك»

عام 2016 شهد عددا من التجارب المميزة فيما يتعلق بالأفلام المصرية عددها ليس كبيرًا لكن هذا لا يمنع توثيقها فى الحصاد السنوى، الراحل الكبير محمد خان لا يخشى التجريب فى آخر أفلامه «قبل زحمة الصيف» والراحل حسين الأمام يصنع «زى عود الكبريت» الفيلم الكوميدى الخفيف بأقل تكاليف ممكنة، و«اشتباك» بكل الجدل الذى أثاره والدعاية السلبية التى افتعلها صناعه والتى أضرت بالفيلم لكنه فى النهاية تجربة مميزة كفيلم بعيد عن العوامل الأخرى ونفس الحال مع فيلم «من 30 سنة» الذى استأثر نجومه أحمد السقا ومنى زكى وشريف منير بغالبية مشاهده وقسموا حضور شخصياتهم فى الفيلم فيما بينهم متجاهلين باقى الممثلين فى الفيلم وهو الأمر الذى أثر بشكل كبير على التجربة ككل، لذلك يبقى فيلم «نوارة» هو الأفضل بشكل عام فى 2016، ولو وضعنا قائمة لأفضل الأفلام المصرية منذ بداية الألفية الثالثة سيحتل «نوارة» مركزا متقدما فيها.

أهم مميزات الفيلم الذى أخرجته هالة خليل، هو الحفاظ على المسافة الآمنة بينه وبين الثورة المصرية فى يناير 2011، الفيلم مجرد عرض لعدد من الشرائح الاجتماعية فى مصر منذ اندلاع الثورة وما بعدها، وما قبلها أيضًا لكنه متروك لاستنتاج الجمهور والمشاهدين، لم يسع أى من الصناع أو الممثلين لفرض وجهة نظر معينة فقط استخدموا عدسة مكبرة لمتابعة تفاصيل دقيقة تكشف الكثير من المشكلات الاجتماعية والحياتية فى مصر بغض النظر عن الحدث السياسى، ربما أبرزها علاقة الحب بين الشمال والجنوب المصرى، الشاب النوبى والفتاة ذات الأصول الريفية والاختلاف الصارخ بين المجموعات العرقية التى تعيش فى مصر.

هذا التجريد والمسافة الآمنة بين الحدث السياسى والواقع الاجتماعى جعلا الفيلم صالحا لكل الأوقات، ليس ثورة يناير فقط بل يعكس الكثير من المشكلات التى ما زالت آثارها مستمرة حتى الآن، الترميز واستغلال اللغة السينمائية أيضًا هو الأبرز فى هذا الفيلم أكثر من الأفلام الأخرى، فلم يلجأ للمباشرة الفجة كما الحال مع «اشتباك» على الرغم من تعرض كل منهما لحدث سياسى مهم، ولم ينته مثله نهاية تقليدية ساذجة أضعفت الفيلم ككل، وفى النهاية على مستوى الترميز والشخصيات كانت بالطبع أعمق وأكثر ثراء فى «نوارة» منها فى «اشتباك» الذى كانت شخصياته تتميز بالمباشرة وحواراتها أقرب للخطب الرنانة الجمل المنمقة القادمة من مواقع السوشيال ميديا وصراعاتها، كمثال شخصية صلاح (أمير صلاح الدين) بكل الإرث الذى تحمله على رأسها من عادات أقصى الجنوب القاسية بخلاف الفقر والمسئوليات التى يشارك فيها العديد من المصريين، هذا العمق الذى تحمله هذه الشخصية بكل بساطة وسلاسة وهى شخصية ليست رئيسية يقابلها على سبيل المثال شخصيات فيلم «من 30 سنة» الذى هيمن فيه أبطاله الثلاثة السقا ومنير ومنى على كل شىء بشكل يفوق المستوى الطبيعى ولحد خنق الخطوط الدرامية والشخصيات الأخرى على الرغم من ثرائها فأصبح محمد مهران وجميلة عوض وأحمد فؤاد سليم وصلاح عبد الله وميرفت أمين ضحايا حب نجمى شباك سابقين ونجم آخر يحاول أن يصبح نجما أول للظهور.

على الرغم من المجهود الخرافى المبذول للخروج بصورة فيلم «اشتباك» بشكل أكثر من جيد وهو ما حدث بالفعل ونفس الشىء فيما يتعلق بفيلم «قبل زحمة الصيف» لكن مدير تصوير «نوارة» زكى عارف كان الأفضل فى هذا المجال أيضًا، ففى آخر أفلام خان وعلى الرغم من الصورة الداعمة للخط الدارمى العام فى الفيلم فإنه نظرًا لطبيعة الفيلم الذى يأتى بلا حدث رئيسى، لا يضع الكثير من القيود والصعوبات الفنية فى ترجمة الصورة بمدلول له إسقاط على أحداث الفيلم وشخصياته، لكن الربط بين المدلولات والشخصيات من جانب والصورة من جانب آخر كانت أصعب وأكثر تعقيدًا فى «نوارة» من «قبل زحمة الصيف» على سبيل المثال وغيره من أفلام العام.

فالصورة الجيدة والألوان الزاهية والنظافة الواضحة التى تحكم كل الأماكن فى «نوارة» سواء كانت فاخرة أو شعبية، مستشفى أو شارع، ظهورها على هذا الشكل هو منهج عارف بحرفية شديدة، بشكل عام لعدم زيادة جرعة السوداوية التى يعيشها الأبطال على اختلاف شرائحهم الاجتماعية كما بدت اللغة السينمائية فى الفيلم مدخلا للمشاهدين فى التقرب أكثر من الشخصيات، فأقصى درجات تأنق لنوارة هو طلاء أظافر قديم سقط معظمه تركز عليه المخرجة والمصور فى لقطة مقربة كمفتاح رئيسى للشخصية فى مقابل اللقطات المقربة لأسامة ومحاولاته لإيقاف الزمن بصبغ شعره الأبيض.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل