المحتوى الرئيسى

محمد السيد صالح يكتب: حكايات السبت | المصري اليوم

12/30 22:01

نودع غداً عامًا طويلًا. كان 2016 أصعب ما عشناه فى عمرنا اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا. أما صحفيًا فكان قاسيًا للغاية، لكنى أقول دائمًا إن «المحن» تخلق «إبداعًا إنسانيًا».

حاولنا أن نقدم صحافة قادرة على التنفس والبقاء. قادرة على المنافسة فى بيئة اقتصادية معقدة للغاية. الحديث عن الصحافة يطول، لكنى أكتب هنا فى حكايات نهاية العام عن عدة موضوعات أراها مهمة إلى حد كبير تتعلق بأبطال الأحداث خلال الأسبوع الماضى.. عشت حكاياتى فى الإسماعيلية عند قناة السويس، بعضها مرتبط بالحكومة ورئيسها وبشخصيات أخرى مهمة.

الرئيس يثق فى الوزير محمد عرفان، رئيس جهاز الرقابة الإدارية بلا شك. الصورة واضحة للعيان. فى كل مرة يتم فيها افتتاح مشروعات كبرى يطلب الرئيس، وعلى الملأ، أن يتم مراجعة المشروع من قبل رجال الرقابة الإدارية. رسالة مهمة للجميع بأن الدولة مستمرة وبكل قوة فى محاربة الفساد. كانت رسائل سلبية قد خرجت من بعض المعارضين- وكررها بعض الموالين- بأن الدولة غير جادة فى مكافحة الفساد. الموضوع زادت حدته مع تصعيد أزمة المستشار هشام جنينة، انتهاء بصدور حكم بحبسه رغم أن القضية كانت فى نظر البعض بسيطة. أنا أرى أن «دولة السيسى» جادة فى مواجهة الفساد، وجنينة كانت له مشاكل مع جهات سيادية، ولعبت علاقاته السابقة وظروف تعيينه ومن اختاره للمنصب فى لعب دور زائد فى تصعيد أزمته، لكن الدولة الآن جادة فى هذه الحرب. والأيام المقبلة ستشهد ظهور قضايا كبرى على الملأ. «عرفان» مؤهل لهذا الدور. الجهاز المركزى للمحاسبات- ورئيسه المستشار هشام بدوى- توارى دورهم كثيراً. لم نعد نسمع عنه رغم دوره الرقابى المهم، الذى لا يقل فى أهميته عن دور «الرقابة الإدارية».

ظهور «عرفان» الأربعاء الماضى وعرضه بيانا تفصيليا عن المشروعات التى سيفتتحها الرئيس، رغم أنها تخص هيئة قناة السويس ورئيسها المقرب من السيسى- أثار التساؤلات، وزاد من التكهنات بإمكانية توليه رئاسة الوزراء فى الفترة المقبلة. معلوماتى ملخصها أن الرئيس يثق فى الوزير عرفان ورجاله، وأنه سيدعمه فى الفترة المقبلة بشكل أكبر، كما سيدعم لجنة المشروعات القومية، لكن «عرفان» باق فى منصبه الحالى كرئيس لهيئة الرقابة الإدارية.

صحة رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل ليست على ما يرام. الكل يعرف ذلك والحديث عن صحته الأسبوع الماضى ليس بجديد. الرجل سافر لألمانيا وهو وزير للبترول فى رحلة علاجية، ويومها تولى مهام عمله فى هذه الفترة الانتقالية وزير النقل فى حينها هانى ضاحى. ورغم سجله المرضى هذا اختاره الرئيس لخلافة المهندس محلب رئيسًا للوزراء. وأشهد أن الرجل يؤدى بشكل رائع. سنة صعبة للغاية لكنه أدارها بقوة. تعرض لانتقادات عنيفة من الرأى العام مع انخفاض قيمة الجنيه، وبسبب باقى قراراته الاقتصادية الأخرى، لكنه- مثل الرئيس فى ذلك- يدرك أن هذه القرارات تأخرت طويلاً ولا مهرب منها. أعتقد أن العام المقبل 2017 سيكون أفضل. كنت حريصًا على أن نوجه فى «المصرى اليوم» سؤالاً وحيداً للمسؤولين وخاصة الوزراء، وعلى رأسهم إسماعيل نفسه، عن وعد وحيد يقدمونه للمصريين لكنهم سينفذونه خلال 2017 كلٌ فى مجاله. أتمنى أن يجيب رئيس الوزراء عن سؤالنا ولو فى وقت متأخر، لكن زميلا صحفيا فى «المصرى اليوم» لديه علاقات قوية قال لى: لماذا تطلب هذا الوعد من المهندس شريف إسماعيل، ألا تعلم أن الرئيس سيختار قريبًا رئيس وزراء جديدا؟. قلت له: معلوماتك مشابهة لما كتبته مواقع قليلة الأهمية. الرئيس يثق فى إسماعيل ولن يلجأ لتغييره إلا إذا كان البديل رمزاً اقتصاديًا بارزاً. أو إذا اعتذر الرجل بنفسه عن عدم البقاء لظروف صحية، أو قرر السفر مجدداً للعلاج بالخارج.

اختلف دور «الإعلام العسكرى» عن الماضى. أتذكر أننا كنا ننتظر البيان الرسمى الصادر عن القوات المسلحة بشأن أى نشاط، ولا نستطيع النشر تحت أى ظرف بدون هذا البيان. الوكالات الأجنبية ومراسلوها، ثم الفضائيات، غيروا المعادلة بعض الشىء إلى أن جاءت ثورة يناير ونزل الجيش إلى الميادين وإلى السياسة، وضاع الخط الفاصل بين البيان العسكرى عن العمليات وبين المواقف السياسية لرجال الجيش. بعد 30 يونيو، عاد «الإعلام العسكرى» إلى ما كان عليه ربما بفعل القوانين الجديدة وعلى رأسها قانون الإرهاب، بالتأكيد مواجهة الإرهاب نفسها ساعدت فى وجود رقابة ذاتية للصحفى على أدائه. زادت المحظورات مؤخراً لكننا نتفهم أننا نواجه أعداء قساة لا يقلون شراسة عن العدو الخارجى.

بعد تولى السيسى مقاليد الحكم، زاد اعتماده على إدارة الشؤون المعنوية، يثق فى تنظيمهم أكثر من باقى الجهات الرسمية. ظهرت المواد الإعلامية التى تنتجها «الشؤون المعنوية». رجال محترمون ومحترفون ومثقفون بقيادة اللواء محسن عبدالنبى.

بالتوازى مع هذه الإدارة، برزت أهمية المتحدث العسكرى للقوات المسلحة. العميد محمد سمير مثقف وقارئ بعمق. يرد على الجميع. لا يفرق بين صحافة قومية وصحافة مستقلة. يتصل هاتفيًا بمن يجيد ويهنئه، حتى لو كان ما نشره موضوعات سياسية أو ثقافية لا علاقة لها ببيانات القوات المسلحة. عتابه رقيق وعندما يقول: لا أعرف.. أو لا تعليق.. فإننا كنا نعرف أنها إجابة كافية وصادقة. نتمنى كل التوفيق للعميد محمد سمير وهو يغادر منصبه إلى مهمة جديدة. ونتمنى النجاح والتوفيق للعقيد تامر الرفاعى فى نفس المنصب.

خلال حوار هيئة تحرير «المصرى اليوم» الممتد مع الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس بمكتبه العام الماضى، والذى شرح لنا فيه حكاية «القناة الجديدة»، وكيف ولدت الفكرة انتهاء بافتتاحها، وكذلك أفق المشروعات المرتبطة بالقناة- سألته عن الأنفاق الستة أسفل القناة وما هى جدوى تشغيلها فى المستقبل. أعرف بالطبع أن حلم ربط سيناء بالوادى والدلتا والعاصمة هو مشروع تعطل لأسباب خارجة عن إرادتنا. وقد يكون السبب اقتصاديا أحيانًا، ولغياب الرؤية السياسية والاستراتيجية فى أوقات كثيرة، وأنه لو تعمرت سيناء وربطت بالوادى بعد تحريرها لتغيرت الصورة تمامًا ولكانت المناطق المأهولة بالسكان خير مدافع ضد الإرهاب. قلت فى سؤالى لمميش: الدولة تغلق فى معظم الأوقات كوبرى السلام لأسباب أمنية ولديها مشاكل مع إدارة نفق الشهيد أحمد حمدى، فكيف الحال مع ستة أنفاق. الرجل شرح طويلاً طبيعة المواجهات الإرهابية حاليًا وكذلك سهولة إدارة نفق أسفل القناة عن كوبرى يعلو الممر المائى لو حدث شىء فيه- لا قدر الله- لتعطلت الملاحة. عادت صيغة السؤال والإجابة لذهنى. وأنا أعبر كوبرى السلام الأربعاء الماضى للمشاركة فى الاحتفال الذى شرفه السيد الرئيس وافتتح خلاله مشروع الاستزراع السمكى. خضعنا لتفتيش أمنى وعسكرى شامل. أجهزة حديثة. تتناسب مع المكان وطبيعة المواجهات مع الإرهابيين فى سيناء. عبرت كوبرى السلام ثلاث مرات من قبل كانت كلها لمهام صحفية. فى طريق العودة، فوجئنا بالضابط المسؤول عن فريق تأمين الكوبرى يبلغنا أنه على السادة الصحفيين استخدام «المعديات» فى العودة. وأن الوزراء فقط سيعبرون كوبرى السلام للعودة إلى الإسماعيلية. دخلت فى نقاش محدود- حرصت على أن يكون بلا أى انفعال- فالرجل لديه تعليمات يؤديها بالطبع. لنحو ساعتين وأنا فى انتظار «المعدية» لعبور «القناتين» إلى الاتجاه الغربى، فكرت فى معاناة المواطنين من أهالى سيناء فى التحرك. الوقت الذى يقضيه سكان الإسماعيلية الجديدة للعبور للمصانع والمزارع التى غزت أرجاء سيناء. نحتاج عقلية جديدة فى إدارة الكبارى والأنفاق الجديدة. مواجهة الإرهاب لها الأولوية بالطبع، لكن المطلوب وبشكل عاجل أن نمنح أنفسنا الفرصة لابتكار أساليب جديدة فى التأمين والمراقبة وفحص المشتبه فيهم، وفى نفس الوقت عدم تعطيل التنمية وحركة المرور الطبيعية.. والأهم تأكيد الاحترام لحقوق المواطنين وفقًا للقانون.

هل سافر وفد مصرى للسعودية فى سرية تامة الأسبوع الماضى. هل جاء وفد سعودى بارز برئاسة الأمير تركى بن عبدالمحسن آل الشيخ على متن طائرة خاصة وعاد للرياض ولم تتكشف زيارته إلا عندما تعطلت طائرته فى مطار القاهرة، كما ادعت وكالة الأناضول فى تقريرها الذى لاقى انتشاراً واسعًا؟. أتمنى فى قرارة نفسى أن تكون هناك زيارات قد تمت. أنا واحد من الصحفيين الذين يتمنون عودة العلاقات لطبيعتها وأنا مؤمن أن أواصر الصداقة والأخوة والتاريخ المشترك ستنتصر فى النهاية ولن يبقى إلا ذكريات الإساءات والاستهداف الشخصى.

قلت لزملاء صحفيين تمادوا فى سب الرياض، وكذلك الدوحة وأنقرة، لا تغرنكم قوتكم ودعم النظام لكم. تعلموا من درس الصحافة المصرية حينما هاجمت القذافى منتصف السبعينات من القرن الماضى، ونعتها القذافى بأحط الصفات، وعندما عادت العلاقات لمجاريها أيام مبارك. وجد كثيرون صعوبة بالغة فى التواصل مع الزعيم الليبى. البعض كان لديهم برود لا نهائى وتحولوا إلى أصدقاء للرجل!.

أعود للسعودية. سألت دبلوماسيًا سعوديًا بارزاً بشكل محدد: هل زار مسؤولون سعوديون القاهرة مؤخراً؟.. الرجل رد بشكل غريب قال لى: لن أجيب.. لا أنفى ولا أؤكد حاليًا، لكنى لى عتاب طويل مع الصحافة.. عتاب تجاه صحفيين محترفين، تناسوا مهنيتهم وتمادوا فى هجاء «المملكة». علمت أن جهود المصالحة الخليجية متواصلة، وأنها تنطلق من نقطة مهمة وهى وقف التلاسن، وأعتقد أنها نقطة صائبة جداً فى هذا الإطار. علينا أن نتناسى نقاط خلافنا مع السعودية ومع الخليج بشكل عام وبصراحة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل