المحتوى الرئيسى

العلماء منقسمون.. هل يجلب المال السعادة؟ - ساسة بوست

12/29 19:16

منذ 1 دقيقة، 29 ديسمبر,2016

وجه علماء النفس السريري انتقادات كبيرة إلى إحدى الدراسات، التي قالت بأن العلاقات الفاشلة والأمراض الجسدية والنفسية، تعد أسبابًا أكبر من الفقر نفسه في الوصول بالإنسان إلى التعاسة والبؤس.

وكانت الدراسة المعروفة باسم «أصول السعادة» قللت من السياق الاجتماعي، طبقًا لما ذكره مجموعة من العلماء المنضمين لحملة تسمى مجموعة علماء النفس ضد التقشف (Psychologists Against Austerity). لكن على الطرف الآخر، ذكر أكاديميون أن نتائج هذه الدراسة تمنح السياسيين المتبنين لمذهب إجراءات التقشف فرصة أكبر ليصبح التقشف واقعًا إجباريًا على الشعوب.

وكانت مجموعة بحثية في كلية لندن للاقتصاد، بقيادة ريتشارد لايارد، نشرت في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي هذه الدراسة المثيرة للجدل، وقالت الدراسة إن القضاء على الاكتئاب والقلق سيكون وسيلة رخيصة للحد من البؤس بنسبة 20%، في حين أن القضاء على الفقر سيكون أمرًا أكثر صعوبة، وإلى جانب ذلك، فإنه سيقلل تعاسة البشر بنسبة 5% فقط لا غير.

وأدان مجموعة علماء نفس ضد التقشف، ما قالت إنه انقسام صارخ وارد في التقرير بين دخل الإنسان المالي والمرض العقلي باعتبارهم مقاييس للتنبؤ بمدى الرضا عن الحياة.

وفي رد نُشر على الإنترنت، سلطت المجموعة التي تتكون من مهنيين ممارسين للصحة النفسية، الضوء على حقيقة أن «بعض التقارير الإعلامية ذهبت أبعد من ذلك، لتأخذ على ما يبدو النتائج وتدلل بها على وجود علاقة سببية بين الفقر والمرض العقلي»، وألقت باللوم على الباحثين لعدم جعل العلاقة المعقدة بين الفقر والصحة العقلية أكثر وضوحًا عند نشر الدراسة، ووفقًا لعلماء النفس، فإن كلًا من الفقر والصحة العقلية هما أمران مرتبطان من خلال مجموعة متنوعة ومعقدة من الطرق، مع التأكيد على أن كل منهما له تأثير سببي على الآخر.

وقالت المجموعة المناهضة للتقشف إنه كان من السهل على الباحثين أن يقللوا من الارتباط في النتائج التي توصلوا إليها، وذلك لأن العلاقة ليست بسيطة كما لو أن السعادة البالغة تعتمد على الدخل وحده. وقال البيان: «الذين يعيشون في الفقر يعانون من ضغوط نفسية أكبر، مع وجود عدد أقل من وسائل التنفيس، لذلك هم أكثر عرضة لأن تتحول التحديات التي يواجهونها إلى كوارث». وأوضح البيان أن: «الناس الذين يعيشون في فقر لديهم قوة أقل وسيطرة أقل على حياتهم، كما أنهم يعيشون بمعنويات منخفضة، وغالبًا ما يرافقهم أحاسيس العار والعجز».

ما الذي يجلب السعادة للناس؟

وأشارت دراسة لايارد إلى ملاحظتها أنه مع ارتفاع متوسط الدخل في المملكة المتحدة، لم يصاحب ذلك ارتفاع واضح في انتشار السعادة بين الناس. لكن المجموعة المضادة للتقشف أشارت إلى أنه بالإضافة إلى أن أن المواطنين البريطانيين أصبحوا أكثر ثراءً، فإن هذا لازمه وجود مجتمع أكثر تباينًا وتفاوتًا منذ ثمانينيات القرن العشرين.

وتنص الدراسة الأصلية إلى أن الفقر النسبي هو أكثر أهمية من الفقر المطلق من حيث الصحة العقلية، ولكنها لم توضح معنى هذا الأمر بالتفصيل. وقال علماء الاجتماع في كلية لندن للاقتصاد: «إن القضاء على الاكتئاب والقلق يحد من الشعور بالبؤس بنسبة 20%، في حين إن القضاء على الفقر نفسه يقلل من البؤس بنسبة 5% فقط، وذلك بعد إجرائهم أبحاثًا معمقة حول أنجع السبل لتعزيز الرفاهية والحد من البؤس».

وأوضح العلماء أن علاج الأمراض العقلية لا ينطوي على تكلفة كبيرة للخزانة العامة للدول؛ لأن المنافع الاقتصادية سوف تتجاوز التكاليف الأولية. وذكرت مجموعة العلماء، التي يقودها الاقتصادي «ريتشارد لايارد»، أنهم يريدون إحداث ثورة في كيفية التفكير في أولويات الإنسان، وتعزيز استخدام علم جديد من الرفاهية الذاتية باعتباره مقياسًا لنجاح الحكم، بدلًا من الاقتصاد.

وقال «لايارد»: إن الأدلة تظهر أن الأشياء الأكثر أهمية لسعادتنا ولتعاستنا هي علاقاتنا الاجتماعية وصحتنا النفسية والجسدية، موضحًا أن هذا الأمر يتطلب دورًا جديدًا للدولة، «ليس خلق الثروة، ولكن خلق الرفاهية»، كما قال. وفي الماضي كانت تأخذ الدولة على عاتقها – على الترتيب – الفقر، والبطالة، والتعليم، والصحة البدنية، ضمن سلم أولوياتها تجاه مواطنيها.

ولكن هناك أمورًا أخرى الآن أصبحت بنفس القدر من الأهمية، مثل العنف الأسري، وإدمان الكحول، والاكتئاب، وحالات القلق، والشباب المغترب، والهوس تجاه الاختبارات المدرسية، وأشياء أخرى كثيرة. مثل هذه الأشياء يجب – في رأي العلماء – أن يكون لها الأولوية الآن، وتكون على قمة صدارة اهتمامات الدولة.

وقال فريق البحث: إنه على الرغم من أن مستويات المعيشة قد تحسنت بشكل كبير في السنوات الأربعين الماضية في الكثير من دول العالم، فإن مستويات التمتع بالحياة ظلت ثابتة بين الناس في أستراليا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة. ويستعد الفريق البحثي لتقديم نتائج الدراسة المثيرة للمرة الأولى في مؤتمر تشارك في تنظيمه منظمة التعاون والتنمية المعنية بالرفاهية، والذي عقد الآن.

ووجدت الدراسة أنه عندما يقيّم الناس دخلهم أو التعليم، فإنهم يقيسونها في مواجهة المعايير المحلية السائدة، ونتيجة لذلك، فإن الزيادة الإجمالية في الدخل أو التعليم لا يكون لها تأثير يذكر على السعادة العامة للسكان. في الواقع، فإن التفاوت في الدخل يفسر فقط 1% من التباين الحادث في السعادة في المجتمع، بينما تفسر الاختلافات في الصحة العقلية أكثر من 4% من التباين في السعادة بين الأفراد.

وتضمنت النتائج الرئيسة الأخرى للدراسة، أن التعليم ليس له سوى تأثير قليل جدًا فيما يتعلق برضا الإنسان عن الحياة، مقارنة، على سبيل المثال، مع وجود شريك محب.

وأظهر علماء وأكاديميون في علم النفس اتفاقًا واضحًا مع بيان المجموعة المناهضة للتقشف، فقال مدير علم النفس السريري في جامعة كانتربري كريست تشيرش، آن كوك، إن الدراسة تمنح السياسيين فرصة للخروج من الورطة المتعلقة بضرورة محاربة الفقر وتحسين مستويات الدخل، كما أنها تمنح التقشف فرصة للانتشار، وذلك عن طريق علاج المرض العقلي كما لو كان موجودًا في الفراغ، وليس في صورة أنه أمر مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعوامل المجتمعية.

وأضافت أن «الدراسة تقول أن كل ذلك لا يهم، وتحسين الظروف المعيشية للمجتمع أمر غير مهم، فقط على الدولة تقديم علاجات نفسية»، مشيرًة إلى أن: «أنا واحدة من الناس الذين يقدمون مثل هذه العلاجات، وأعتقد أنها يمكن أن تكون مفيدة للغاية لبعض الناس، ولكن هذه الحجة لا يجب أن تمتد إلى أبعد من النقطة التي تنطبق عليها، ولا يمكن تعميمها».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل