المحتوى الرئيسى

''الصليب الأحمر'' يكشف لمصراوي كواليس إجلاء أهل حلب (حوار)

12/29 18:27

حوار- أحمد الليثي وشروق غنيم:

 نحو 35 ألف إنسان تم إخراجهم من جحيم حلب الشرقية. قبل أسبوعين كان العالم كله يصوب أنظاره قِبل تلك المنطقة المُلتهِبة، ومن خلال ما سُمي بعملية الإجلاء تم نقل المدنيين من ديارهم تجاه البر الغربي في عملية تولى إدارتها الصليب الأحمر بسوريا. عن كواليس رحلة استمرت قرابة 20 ساعة لمسافة لا تتخطى 20 كيلو متر، وعدد المشاركين في عملية الإجلاء.

 يحاور مصراوي إنجي صدقي، المتحدث الرسمي باسم الصليب الأحمر الدولي في سوريا، لتروي كيف تغلب "الحلبيون" على الساعات العصيبة؟. مهمة الهلال الأحمر في تلك الفترة، تفاصيل أيام هُدد فيها الإجلاء بالتوقف. دور المنظمة الدولية فيما بعد النزوح، وقصة 8 أشهر كاملة انقطعت فيها المساعدات عن أهل حلب.. فيما بقي القصف المميت مستمرًا.  

ما هو الدور الذي لعبه "الصليب الأحمر" خلال عملية الإجلاء في حلب؟

بعد المفاوضات بين الأطراف الموجودة على الأرض في حلب؛ طُلِب منا مباشرة عملية الإجلاء بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري. نقلنا المدنيين من أحياء حلب الشرقية، إلى الريف الغربي، حيث تفصلهم مسافة حوالي 20 كليو متر.

وكم شخص شارك في تنظيم عملية الإجلاء؟

 شارك في تنظيم عملية الإجلاء الصليب الأحمر، والهلال الأحمر العربي السوري، وبلغنا حوالي 100 شخص. تواجدنا طيلة الأسبوع، وخلاله تم إجلاء أكثر من 35 ألف شخص.

صوّب العالم أنظاره تجاه حلب خلال الإجلاء.. فكيف كانت الأوضاع في باقي المناطق السورية؟

في نفس التوقيت حدث إجلاء في بلدتي كفريا والفوعا، كان الصليب الأحمر والهلال الأحمر يُؤمن وصولهم حتى الريف الغربي لمحافظة حلب، وحاليًا بالتعاون مع الهلال نُجري ترميمات لمراكز الإيواء هناك، وتوفير مياه نقية عن طريق الصهاريج، بالإضافة لتقديم وجبات للعائلات، وتوزيع بطاطين، وألبسة شتوية.

اشتكى المدنيون في آخر أيامهم بحلب الشرقية من عدم وجود طعام.. هل وفرتم ذلك خلال عملية الإجلاء؟

 لم نستطع تقديم أي إمدادات خلال عملية الإجلاء، لأن الاتفاق معنا كان من أجل تسهيل عملية الخروج فقط خلال أسبوع، دون استجلاب أيّة إمدادات.

هل وضعتم أولوية بالنسبة للأشخاص المغادرة للمدينة؟ وهل اقتصر الأمر على إجلاء المدنيين فقط؟

الأولوية كانت للمصابين أو الجرحى فيمن فقد أطرافه نتيجة النزاع، وكذلك المرضى بأمراض مزمنة زادت بعد نقص الدواء، ثم جاء دور المدنيين من نساء، وبالطبع الأطفال وكبار السن. وفي آخر يوم من عملية الإجلاء نقلنا بعض من المقاتلين.

تداول البعض أخبارا عن مدنيين رفضوا ترك حلب.. كيف تعاملتم مع ذلك؟

وفقًا للقانون الدولي الإنساني، فإن عملية الإجلاء تتم بعد حسم المدنيين قرارهم سواء بالرحيل أو البقاء، من جهتنا كنا نتأكد في البداية أن من يتم نقله إلى الريف الغربي موافق على عملية الإجلاء. بالطبع الخيار لم يكن سهلًا، هناك أناس "معندهمش مكان يقعدوا فيه" ولجأوا في الأيام الأخيرة للمكوث في هياكل مباني، فقرروا الرحيل، وآخرون رفضوا لكننا لم نتواصل معهم، في النهاية ذلك قرار شخصي.

هل حدث خرقًا لعملية الإجلاء؟

بالفعل الأجواء كانت تسودها التوتر؛ وتسبب ذلك في وقف الإجلاء لمدة يومين، في الـ16، 17 من ديسمبر، مروا بثِقل على المدنيين، لكننا كجهة محايدة نُفضِل عدم الإفصاح عن الطرف المتسبب في ذلك للإعلام، فالخروقات التي تحدث نتناولها مع الطرف المسئول بطريقة ثنائية.  

وما التبعات التي نتجت عن التوقف؟

طبعًا تأثر الأمر بشكل كبير؛ إذ أننا لم نكن نعلم متى سيتم استئناف عملية الإجلاء مرة أخرى. انتاب التوتر المدنيين، وشعروا بعدم الأمان نظرًا لعدم معرفتهم ما سوف يحدث. قضينا الليل معهم ولم نبرح المكان طيلة عملية الإجلاء، حاولنا طمأنتهم "وعملنا اللي نقدر عليه". ثم تواصلنا مع أطراف الاتفاقية من أجل معرفة ما توصلوا إليه " الموضوع مكنش بإيدينا" وفي الـ18 من ديسمبر استأنفنا العملية مرة أخرى.

في ظل أحوال جوية صعبة.. كيف تعامل المُهجرون؟

سوء الأحوال الجوية تسبب في إجهاد كبير للراحلين، فكان هناك موجة برد صعبة، لذا لجأ المدنيون إلى إشعال النيران بملابسهم والبطاطين للحصول على تدفئة.

اشتكى البعض من تأخر الحافلات خلال رحلة الوصول للريف الغربي.. ماذا حدث وكيف تعاملتم مع ذلك؟

 اعتقدنا في البداية أن سير العملية سيكون سهلًا، لكن أخرتنا عوامل لوجستية مثل تعطل السيارات في منتصف الطريق، أو حينما دخلنا للمناطق الشرقية اعترض طريقنا مباني مُهدمة، فاضطررنا الوقوف حتى نُزيح الركام ثم نستأنف السير "وأعتقد أن تواجدنا كان بيمثل للنازحين شوية اطمئنان".

من جهتكم.. هل الإجلاء كان الحل الأمثل لحماية هؤلاء المدنيين؟

نحن لا ندخل في الصراعات السياسية، دورنا يتوقف على تنفيذ الاتفاقيات التي تتم بين الطرفين المتنازعين، المنظمات الإنسانية نفسها لا تقدم حلول أيضًا "عُمر الشغل الإنساني ما كان حل للصراعات". لذا يتركز دورنا على تهوين الأمر على نفوس المدنيين وإيصال الدعم الإنساني وفقط.

كانت عملية الإجلاء عصيبة.. ما أبرز ما رصده الصليب الأحمر خلال العملية؟

رصدنا حالة الصدمة التي غلّفت وجوه البشر هناك، إذ أنهم مضطرين لترك بيوتهم وذكرياتهم، حتى الأطفال حينما تنظر في عينيه "تحسه حد كبير من كتر الرعب واليأس اللي جواهم"، كما أن المدنيين عانوا من سنوات عدم توافر غذاء كافي أو رعاية صحية.

بعد نقل المدنيين إلى الريف الغربي.. هل عاين الصليب الأحمر المكان من حيث الأمن؟

 ليس لنا تواجد كبير في الريف الغربي، لكننا نعتمد هناك على فروع الهلال الأحمر العربي السوري، يقدمون الدعم المطلوب إلى جانب المنظمات الخيرية هناك. وبعد وصول المدنيين النازحين هناك يتم استقبالهم وإجراء اللازم.

في ظل الحصار المُحكم على حلب الشرقية.. كيف تعاملتم مع ذلك؟

منذ شهر إبريل لم نستطع إيصال أي نوع من المساعدات إلى الأحياء الشرقية بمحافظة حلب، وكان يوم الإجلاء هو الأول لنا هناك منذ 8 أشهر، حتى بعد دخولنا لم نقدم أي مساعدات إنسانية.

ما شكل الدعم المُقدّم من الصليب الأحمر لحلب الشرقية قبل إبريل الماضي (الانقطاع)؟

كنا ندعم بعض المشافي هناك، فضلًا عن وجود مطابخ جماعية تقدم وجبات ساخنة للأسر الأشد حاجة بشكل يومي، كان لدينا فريق المياه والإصحاح يُجري إصلاحات دورية لشبكات المياه ومحطات الضخ، بالإضافة إلى توفير  المولدات الكهربائية، لعدم توافر الكهرباء هناك بعض استهداف شبكاتها.  

ما السبب الرئيسي في انقطاع قافلتكم عن حلب الشرقية خلال تلك المدة الطويلة؟

لأننا لم نحصل منذ تلك الفترة على أي ضمانات أمنية من قِبل الأطراف المتنازعة، حتى نضمن عدم استهداف قافلتنا، ولا نضع فريقنا والمدنيين في خطر.

ما هي الضمانات التي تحصلون عليها لإرسال إمدادات وقوافل؟.. وهل قابلتم أي تعنت؟

كما ذكرنا سلفا، قبل إرسال أية قافلة في سوريا كلها نحصل أولًا على الضمانات الأمنية من قِبل طرفي النزاع، وتتمثل في عدم استهداف القافلة وقت دخولها أو اعتراض عمل فريق الصليب الأحمر. فنحن نفتح قنوات الاتصال مع جميع الأطراف وتلك طريقتنا الوحيدة لإيصال المساعدات الإنسانية "ده مهم لأننا منظمة معهاش سلاح". لكن ليس من دورنا توجيه اللوم أو الاتهامات لأحد الأطراف.

وما الذي تحويه القوافل المرسلة إلى الأماكن المحاصرة في سوريا؟ وهل تكفي السكان هناك؟

بصفة شهرية كنا نحاول إرسال قافلة مكونة من سلات غذائية، كل واحدة منها تحتوي على أرز، برغل، زيت وتونة، وهي مواد غذائية تكفي عائلة مكونة من 5 أشخاص لمدة شهر. وبالنسبة للمشافي نزودها بالأدوات الطبية المحتاجة لها والأدوية. ولحل أزمة المياه نقدم بعض الأدوات التي تساعد في استخراجها من الآبار، وأقراص كلورين لمعالجتها حتى تكون مياه صالحة للشُرب.

بالعودة إلى 2014 كان الصليب الأحمر متواجدًا في حلب.. ما التطورات التي تم رصدها خلال تلك الفترة؟

تواجد 50 شخصًا من الأطقم لدينا في حلب، لكن الصراع كان يحتدم من يوم للثاني، وعلى الجهتين الشرقية والغربية.. تواجدت معاناة كبيرة في إمدادات المياه تحديدًا، أثرت على سكان مدينة حلب كلها، بالإضافة إلى تزايد النزوح من المناطق الريفية لداخل المدينة، فحاولنا توفير إيواء لهم وغذاء بطريقة يومية.

حدث تهدّم تام للبنية التحتية في حلب، بعد استهداف المستشفيات، شبكات المياه والضخ، والكهرباء كانت منعدمة، كما أن الوقود لم يكن متوفرًا بطريقة ثابتة، وأسعاره غالية على أي أسرة متواضعة. الوضع كان سيئًا للغاية، والاحتياجات تضخمت كل يوم، والخسائر بالمدينة كانت تزداد.

وبالنسبة للمصابين، ما الدور الذي قمتم به؟

 عدد المصابين كان يتزايد، لذا أنشأنا مركز لإعادة البدن بحلب، لمساعدة الأشخاص الذين فقدوا أحد  أطرافهم، بتوفير أخرى صناعية، ونقدم هذه الخدمة مجانيًا، وكذلك يتم متابعة حالات المصابين على  مدى شهور حتى يتأقلموا على وجود أطرافهم الجديدة.

 هل وقعت أضرار على الصليب الأحمر خلال فترة تواجده في حلب؟

 لا، لكن الهلال الأحمر وقعت أضرار أكثر عليه، إذ أننا نعتمد عليه كليًا في سوريا، وهو الشريك الوحيد لنا، فلديهم 80 فرعًا "مغطيين سوريا كلها"، كما لديهم 11 ألف متطوعًا، ومنذ 5 سنوات فقدوا 50 متطوعًا.

وكم عدد المكاتب المخصصة للصليب الأحمر بسوريا؟

 للصليب الأحمر 4 مكاتب بمناطق؛ دمشق، حمص، حلب وطرطوس.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل