«حليمة»: نفسنا فى أكلة «سُخنة» واللى ما يعرفش يقول «عدس»!!

على أحد الأرصفة جلست متعبة.. مثقلة بهموم لقمة العيش. تبدو وكأنها تراقب المارة وترجوهم الاقتراب والشراء من بضاعتها»، شوية جبنة فلاحى هى كل ما تملكه لتجارة صغيرة بسيطة تعينها على إعالة أطفالها الخمسة جلست «حليمة» تفكر كيف تصنع وجبة ساخنة تشبع أطفالها طوال اليوم وتجعلهم يتحملون نهار الشتاء البارد وليله الطويل القاسى الأكثر برودة؟ من أين لها أن تدبر تكاليف طعام الأسرة المكونة من سبعة أفراد بمن فيهن الحاجة فوزية حماتها العجوز وباستثنائها هى شخصياً. وذلك بعد أن تعودت الزهد والتضحية بنصيبها فى كل وجبة على أن تسد جوعها بما يفيض على حاجة أفراد أسرتها أو «تبيت على لحم بطنها».

تقول «حليمة»: أنا لقمة بملح وشوية كمون بتكفينى وأحمد ربنا على الستر والصحة.. أكل العيال بقى صعب ومش ملاحقة كل حاجة غالية.

نظرت إلىّ فى اندهاش واستنكار كأنما تحكى حكاية خيالية قالت: تصدقى يا مؤمنة كيلو العدس بتلاتين جنيه ولو طبخت على زيت اللتر بـ15 جنيه والسمن أردأ نوع بـ50 جنيه يعنى طبخة العدس تتكلف أكثر من 50 جنيه، ولو اشتريت كيلو على بعضه علشان يكفى ليوم تانى محتاجة ولا 100جنيه!! أكل الفقرا اللى كان يدفينا فى البرد. كنا نطبخ النص كيلو ونسقى فيه بـ2 جنيه عيش «وندش» بصلتين ونأكل ونشبع طول النهار..

وبتوع التليفزيون يقولولك كلوا عدس علشان تدفوا. على رأى المثل «اللى ما يعرفش يقول كلوا عدس!!

وكأنما تحاول الخروج من همومها ضحكت بائعة الجبن فلم تخفِ ضحكتها أحزانها وقالت: عارفة حكاية المثل ده؟؟ لا تعرفى انت؟؟

أيوا.. دول جماعة فلاحين صحيوا الصبح لقوا جارهم بيجرى ورا واحد ويقول حرامى.. حرامى، والواحد ده بيقع من حجر جلابيته عدس. قاموا قالوا شوفوا الراجل بيجرى ورا الواد الغلبان علشان أخد شوية عدس. فقال لهم ده سرق من أسبوع نحاس الدار كله ولمحت وشه بس مالحقتوش والنهاردة شوفتو فى السوق جريت وراه علشان النحاس. واللى ما يعرفش يقول «عدس»!!

أهم عملوا زى الناس اللى مش حاسة بينا ويقولوا كلوا عدس ما يعرفوش إن العدس بقى غالى علينا زى اللحمة؟!!

نظرت بائعة الجبن فى سيالتها التى أخرجتها من صدرها وأخذت تحصى ما بها من نقود فوجدت 15 جنيهاً فهزت رأسها وكادت تدمع عيونها بعد أن ضحكت مع حدوتة العدس، وقالت كأنما ترثى حالها: أنا فى رقبتى خمس عيال وأبوهم وأمه العيانة وجوزى كان أرزقى والمرض هد حيله يعنى أنا المسئولة عن الكل. أعمل إيه فى الغلا ده كل يوم الحاجة تزيد بالتلاتة والأربعة جنيهات. وبطلت أجيب سكر بعد ما بقى بـ11 جنيهاً العيال «بتسفو».