المحتوى الرئيسى

منير فخرى عبدالنور وزير التجارة والصناعة الأسبق لـ«المصري اليوم»: نرفض وصف الأزهر والبرلمان للأقباط بـ«الذميين» «١-٢» | المصري اليوم

12/27 23:10

قال منير فخرى عبدالنور، وزير التجارة والصناعة الأسبق، إن الحادث الإرهابى الذى ضرب الكنيسة البطرسية قبل أكثر من أسبوعين يندرج تحت ما يسمى «العنف الدينى» الذى يستند إلى فتاوى سلفية تكفيرية، مؤكداً أن رد فعل المصريين وكراهيتهم للعنف أظهرا معدنهم الأصيل.

ورفض «عبدالنور»، فى الجزء الأول من حواره لـ«المصرى اليوم»، وصف الأقباط بالذميين والطائفة من جانب الأزهر ومجلس النواب، مشدداً على أنهم وطنيون دون تصنيفات.

وطالب «عبدالنور»، الذى تولى وزارتى السياحة والاستثمار، فى وقت سابق، الكنيسة بأن تشجع الأقباط على الانخراط أكثر فى المجتمع، والابتعاد عن الانعزال والانكماش.

وتوقع أن يكون عام 2107 صعباً من الناحية الاقتصادية على المواطن، مؤكداً أن مصر إذا تخطت هذا العام بثبات فستنتقل إلى آفاق رحبة، وستضع قدميها نحو التنمية المستدامة.. وإلى نص الحوار:

المصري اليوم تحاور«منير فخرى عبدالنور»، وزير التجارة والصناعة الأسبق

■ فى البداية كيف قرأت الحادث الإرهابى الذى ضرب الكنيسة البطرسية قبل أسبوعين؟

- لى خمس ملاحظات، أولاً فهو حادث بشع وخسيس وجبان لأنه اعتداء على مصلين صائمين عزل، ثانياً هذا الحادث تكملة لسلسلة اعتداءات على أكمنة الشرطة ومعسكرات الجيش ومديريات الأمن وقتل النائب العام السابق وكبار الضباط، ثالثاً هو بالإضافة إلى كل ذلك يجب وضعه فى إطار حوادث العنف الدينى التى عرفناها خلال السبعينيات من القرن الماضى وتجددت فى التسعينيات ثم مرة أخرى اعتباراً من ديسمبر 2010 مع حادث كنيسة القديسين واستهداف الكنائس والأقباط، رابعاً أكثر ما هزنى وآلمنى هو المظاهرات الغاضبة للشباب القبطى أمام الكنيسة مساء يوم وقوع الحادث، والتعدى على رجال الإعلام والأمن، ولذلك يجب تحليل الظواهر الثلاث المتمثلة فى الإرهاب والعنف الدينى وغضب الشباب القبطى، خامساً انتفض المجتمع المصرى بأثره من بشاعة الجريمة وكشف عن معدنه الأصيل معبراً عن رفضه للإرهاب مؤكداً وحدته، فالأغلبية العظمى من المسلمين شاركوا إخوتهم فى مصابهم، والحقيقة أن الجريمة وإن قصدت الأقباط إلا أنها أصابت الوطن.

■ فسر لنا ماذا تقصد بالعنف الدينى؟

- الإرهاب فى مصر مدفوع من قوى تتستر وراء الدين تستغل الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وتهدف إلى إسقاط النظام، أما العنف الدينى كحادث البطرسية فهو عبارة عن حوادث تستند إلى فتاوى غالباً ما تصدر عن الحركة السلفية التى تكفر الأقباط وتشجع الاعتداء على حياتهم وكنائسهم وجميع أعمالهم، وتنكر حقهم فى تولى المناصب والولاية العامة، بما فيها على سبيل المثال إدارة مدرسة، وتعمل على التفرقة بينهم وبين إخوتهم المسلمين وتنظر إليهم كطائفة أو جماعة دينية غريبة أو مغتربة وانتشار هذا الفكر فى المجتمع المصرى هو ما أغضب الشباب القبطى الذى تظاهر أمام الكنيسة لشعوره بالتهميش والظلم، وبات يتألم من التفرقة ويتضامن مع إخوة له طردوا من منازلهم وهدمت كنائسهم فى قرى مصر، ويئن عندما يسمع بعض خطباء المساجد يدعون عليهم كى يهلكهم الله ويشتت شملهم وييتم أولادهم مما أصابهم بالإحباط، ولذلك أرى أن علاج هذه الظواهر لا يجب أن يقتصر على التعامل الأمنى أو إصدار القوانين وإعمالها على الخارجين على القانون فقط، بل يجب أن نواجه هذا الفكر الضال بفكر مضاد يستند لثوابت الوطنية المصرية وإلى إنسانية كل الرسالات الدينية، وقيم الإخاء والمحبة التى دعا إليها الإسلام السمح ذاته، ولذلك يجب أن نتعامل مع ثقافة المجتمع بكل مكوناتها، وما يؤثر فى تشكيل الوجدان بدءاً بالتعليم والخطاب الدينى والآداب والفنون والرياضة، وبالرغم من أهمية الاحتياطات الأمنية الواجب اتخاذها لتفادى الاعتداءات لكن لا يمكن التعويل عليها فقط، والأمر المهم هو مراجعة محتوى المناهج المدرسية والجامعية فى التعليم العام والتعليم الأزهرى، والاهتمام برفع مستوى الدعاة وأئمة المساجد، وعلى الدولة النهوض بالثقافة العامة والرياضة فى المدارس ومراكز الشباب.

■ كيف ترى الخطاب الدينى لكل من الأزهر الشريف والكنيسة؟

- بمنتهى الصراحة الأزهر يتعامل مع الأقباط على أنهم أهل ذمة وهذا خطأ كبير، لأنهم مواطنون مصريون وجزء لا يتجزأ من الأمة المصرية، خاضوا كل معاركها عبر التاريخ، وخضبت دماؤهم أرض الوطن للدفاع عن كرامته والحفاظ على استقلاله، ونرفض أن نكون أهل ذمة، وأرى أنه خطاب ينتمى إلى عصور ولّت، وليس لدىّ حساسية فى هذا الشأن، فالخطاب الرئاسى أكثر استنارة ووطنية وتقدمية من خطاب المؤسسة الدينية والخطاب الإعلامى وخطاب المجلس التشريعى، وهناك أمثلة، فالسيد الرئيس يُعَيِّد على الأقباط ويعزيهم بصفتهم مواطنين بينما المؤسسة الدينية الرسمية لاتزال تخاطبهم وتتعامل معهم على أساس أنهم ذميون، إضافة إلى أن مجلس النواب عندما أصدر القانون المنظم لبناء الكنائس، عملاً بأحكام الدستور، استخدم كلمة طائفة فى أكثر من مادة، وكأن مصر أصبحت والعياذ بالله بلد طوائف، متجاهلاً أكثر من مائة عام اختلطت خلالها دماء المصريين دون تفرقة فى معارك العزة، فى ثورة ١٩ وفِى معركة الدستور سنة ١٩٣٥ وفِى حروب ١٩٤٨ و١٩٥٦ و١٩٦٧ وحربى الاستنزاف و١٩٧٣ وفِى ثورة يناير ٢٠١١ ويونيو ٢٠١٣، وفِى الحرب ضد الإرهاب أراد الفاضل الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، حذف خانة الديانة فى كافة مكاتبات الجامعة، لكن اللجنة الدينية بمجلس النواب اعترضت على ذلك، أما خطاب الكنيسة فمن الطبيعى أن يعبر عن القلق، وهو أمر مشروع ويجب أن نتفهمه، وهو لا يؤسس للطائفية وأتمنى أن تدعو الكنيسة الأقباط إلى الانخراط أكثر فى الحياة الاجتماعية والسياسية المصرية، وأن تدعوهم إلى البعد عن الانعزال والانكماش.

■ صف لنا الحالة السياسية لمصر كما تراها؟

- وصفها صعب جداً لأنك أمام تحديات كبيرة جداً، جعلت الحراك السياسى أبطأ مما كنا نتطلع إليه، وهذا راجع إلى أسباب متعددة أهمها ضرورة حفظ الأمن فى مواجهة الإرهاب، وهذا يؤثر بالسلب على الحريات العامة لأن الإجراءات الأمنية الاستثنائية تجور على الحريات، مما ينعكس على المناخ السياسى، ويجب أن ننوه إلى أداء البرلمان الفاتر الذى لم يرتق إلى مستوى وآمال الشارع المصرى، فهو غير معبر عن طموحات وتطلعات الشعب بعد ثورتين، بالرغم من وجود بعض الكفاءات من أعضائه المنتخبين والمعينين، وأيضاً الأحزاب فشلت فى إثبات نفسها وفرض وجودها سواء داخل مجلس النواب أو فى الشارع، وبقاؤها على وضعها يشكل فى رأيى خطراً على مستقبل الديمقراطية فى مصر، وأخيراً يجب أن أشير إلى انحصار حرية الرأى فى الإعلام وسعى الدولة للسيطرة على وسائله، وهو أمر خطير جداً كما اننى لا أقلل من أثر الوضع الاقتصادى على العمل السياسى، فالمواطن مشغول فى حل مشاكله الشخصية، وأخيراً أرى أن عدم تنفيذ الأحكام القضائية يشوه صورة المشهد السياسى، خاصة أنه كان حكماً صادراً من محكمة النقض بشأن صحة عضوية نائب فى المجلس التشريعى، وأقصد هنا الحكم الصادر لصالح الدكتور عمرو الشوبكى.

■ من وجهة نظرك هل ضعف الأحزاب كما ذكرت يرجع للأحزاب نفسها أم إلى الدولة؟

- يقع الجانب الأكبر من المسؤولية على الأحزاب ذاتها، فهى ضعيفة لأنها بعيدة عن الشارع ولا تشارك الناس مشاكلهم وهمومهم ولا تقدم حلولاً لها، وحتى فى مجلس النواب لا تعمل الكتل البرلمانية داخله، بما فيها كتلة دعم مصر، بشكل ملموس يشعر به الرأى العام، وغابت مشاريع القوانين والمبادرات التى تتبناها الكتل الحزبية فضلاً عن أن النظام الانتخابى الذى أخذ به فى لانتخابات البرلمانية السابقة وطريقة إجرائها أفقد الأحزاب حماسها.

■ فسر لنا ماذا تقصد بأن الحالة الأمنية أثرت على الحريات العامة بسبب الإرهاب؟

- محاربة الإرهاب تحتاج إلى اتخاذ إجراءات استثنائية، وهذا فى العالم كله وليس فى مصر فقط، ويكون ذلك غالباً على حساب هامش الحريات، فإيجاد التوازن بين مواجهة الإرهاب واحترام الحريات العامة أمر صعب، وفِى غاية الدقة والحساسية، ففى فرنسا ذاتها، وهى بلد الدستور والقانون، اضطرت الحكومة إلى فرض حالة الطوارئ بعد حوادث الإرهاب التى وقعت فى باريس ثم فى نيس، وها هى اليوم تجدد حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر أخرى، بل بلغ الأمر إلى فتح النقاش حول تعديل الدستور ليسمح بإسقاط الجنسية الفرنسية عن مرتكبى الجرائم الإرهابية، بالمخالفة للمبادئ الراسخة، وأخذ الأمر مساحة واسعة من الحوار السياسى خلال الأشهر الماضية، واضطرت وزيرة العدل، مدام توبيرا، إلى الاستقالة من الحكومة تعبيراً عن معارضتها لهذا الاقتراح، ومن ناحية أخرى تم السماح بالقبض على المشتبه فيهم دون إذن قضائى سابق والاكتفاء برقابة قضائية لاحقة، وفِى مصر نعيش ظروفا استثنائية صعبة للغاية، فنحن نعيش حربا منظمة مع الإرهاب، بالإضافة إلى أزمة اقتصادية طاحنة وأحداث طائفية يغذيها فكر سلفى متطرف اخترق الثقافة المصرية وحركة سياسية تتستر وراء الدين، لذلك يُمنح الهاجس الأمنى أولوية.

■ ماذا تقصد بالاختراقات وما أسبابها؟

- أقصد ما حدث من اختراق للهوية المصرية بواسطة الفكر السلفى الوهابى بدءاً من سبعينيات القرن الماضى فى زمن رحل فيه عن دنيانا قادة الاستنارة الكبار أمثال العقاد وتوفيق الحكيم وطه حسين ونجيب محفوظ ولويس عِوَض وغيرهم من رموز الثقافة والفن فى مصر، وصاحب هذا الغزو الفكرى إنفاق أموال ضخمة مما أتاح له التأثير، ولا أريد أن أقول السيطرة على التعليم والإعلام للوصول إلى عقل ووجدان المصريين، والتقت أهداف هذا الفكر مع رغبات التيارات المتشددة، وخلقوا مناخاً ملائماً لنمو الاحتقان الطائفى ونشر فكر مناهض للحركة الوطنية المصرية والقومية العربية، مما أحدث شرخاً فى الوطن، وتستغل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر حاليا لعمل فجوة بين أبناء الوطن الواحد.

■ بمناسبة الظروف الاقتصادية هناك انتقادات وجهها خبراء ومتخصصون للإجراءات التى اتخذتها الحكومة لمعالجة الأزمة.. ما رأيك فى هذا الأمر؟

- أرى أنها إجراءات حتمية، فلم يكن هناك مخرج آخر لوضع الاقتصاد المصرى على الطريق السليم، وبالعكس فإنى أرى أننا تأخرنا كثيرا، فمن 60 عاما تقريبا تنفق مصر أكثر من إيراداتها وتستهلك أكثر من إنتاجها وتستورد أكثر من صادراتها مما أدى إلى عجز مطرد سنة بعد أخرى فى الموازنة العامة للدولة، وفِى الميزان التجارى، وفِى ميزان المدفوعات، حتى تراكم الدين العام وأصبح بقاء الحال على ما هو عليه مستحيلاً، ولنتذكر أن الرئيس الأسبق أنور السادات حاول فى عام 1977 اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتخفيض الدعم العينى الذى لا يصل إلى مستحقيه بهدف تخفيض العجز فى الموازنة العامة للدولة إلا أنه لم يستطع، وثار الشارع فيما عرف بانتفاضة الحرامية، ومنذ هذا التاريخ لم تجرؤ أى حكومة على مواجهة هذه المشكلة، وفى عهد الرئيس الأسبق مبارك طالب عدد من وزراء المجموعة الاقتصادية وبعض قيادات الحزب الوطنى المنحل بالبدء فى هذه الإجراءات إلا أن الدولة خضعت لرأى الأجهزة الأمنية التى كانت تحذر من تكرار مظاهرات 1977 فتأخر الحل وتفاقمت المشكلة.

■ لكن الزيادة المستمرة فى الأسعار الناتجة عن تلك الإجراءات أرهقت الشارع مما دعا الخبراء إلى وصفها بالحادة، وقالوا إنه كان على الحكومة أن تراعى ذلك.

- لا يمكن لأحد أن ينكر الضغوط المالية التى تضاعفت على الناس جراء هذه الخطوات، ويجب على الحكومة اتخاذ إجراءات لمساعدة محدودى الدخل على تحمل الأعباء الإضافية الثقيلة التى ألقيت على كاهلهم، كالتوسع فى البرامج الاجتماعية وزيادة الأعداد المستفيدة منها مثل برامج كرامة وتكافل، مع ضرورة التوجه للرأى العام بخطاب سياسى يكون صادقاً وشارحاً وكاشفاً لما حدث ويعطى الأمل فى الخروج عنق الزجاجة إلى آفاق رحبة، ويعد المواطنين بمستقبل أفضل، أما ترك الإعلام وحده للاضطلاع بهذه المهمة خطأ كبير، لا سيما أن بعض وسائل الإعلام تفتقد القدرة والكفاءة بل والمصداقية، والحقيقة أن الأمر يتطلب نزول المسؤولين الشارع وإجراء حوار لبث الأمل، فأمامنا فرص عظيمة للخروج من الأزمة تحتاج إلى توضيح، وأثق أننا إذا استطعنا تخطى سنة 2017 دون أزمات اجتماعية وسياسية عميقة فسنكون على الطريق السليم نحو التنمية المستدامة.

■ هل لديكم معلومات بأن هناك إجراءات اقتصادية أخرى يمكن أن تزيد حدة ارتفاع الأسعار عام 2017؟

- أعتقد أن خطة الحكومة الإصلاحية لم تكتمل بعد وسوف تشهد الأشهر القليلة المقبلة اتخاذ حزمة أخرى من الإجراءات لاستكمال برنامج الإصلاح تصاحبها آثار تضخمية إضافية، ودعنى أكون صريحاً سنة 2017 ستكون صعبة للغاية بالنسبة للمواطن، والأسرة، والوحدة الإنتاجية مهما كبر أو صغر حجمها، سواء كانت صناعية أو زراعية أو خدمية لأن معادلة التكاليف تغيرت بالنسبة لهم جميعاً ويحاولون البحث خلال السنة عن نقطة التوازن الجديدة وهو أمر شاق، فالأسرة مضطرة إلى تغيير أنماطها الاستهلاكية بما يتماشى ودخلها، والوحدة الإنتاجية تحتاج إلى إعادة تسعير منتجاتها فى الحدود التى تتقبلها السوق لتغطية تكاليفها والبحث عن سبل لزيادة إنتاجيتها للحد من ارتفاع التكاليف، ونقطة التوازن الجديدة هذه هى أمر صعب ومؤلم ويحتاج إلى وقت طويل فى ضوء التغير المستمر فى الظروف، لذلك لن تستقر الأوضاع الاقتصادية قبل نهاية 2017، ومع ذلك أنا متفائل وأتوقع فى ظل انخفاض سعر صرف الجنيه المصرى أن تزيد صادراتنا زيادة كبيرة، وأن تتدفق إلى مصر استثمارات أجنبية مباشرة كثيرة وتنخفض معدلات التضخم.

■ لكن رجل الشارع العادى لا يفهم تلك الأرقام ولا الخطط وكل ما يتطلع إليه هو قدرته على العيش بدون آلام؟

- فعلاً كل ما يحلم به المواطن البسيط هو أن يتمكن من الحصول على متطلبات الحياة الأساسية التى تكفل له عيشاً كريماً وهذه هى مسؤولية الدولة، ولذا أقول إن عليها مساعدته ليتخطى هذه المرحلة الصعبة والخطيرة، وأعتقد أن الإنسان مستعد أن يضحى اليوم من أجل حياة أفضل فى المستقبل القريب، بشرط أن يتحمل كل المصريين هذه التضحية وبشكل عادل، ومهمة الحكومة أن توضح برنامجها وأهدافها والمتوقع من تنفيذه، فالمواطن المصرى ذكى وقادر على الحكم على مدى صدق مُتَّخِذ القرار.

■ يدور فى رؤوس الكثير سؤال يكمن فى الاستفسار عن استدانة الدولة قروضاً من الخارج فى الوقت الذى تلقت فيه أموالاً ضخمة من الدول العربية كمساعدات.. كيف تفسر ذلك؟

- بلا شك هناك أخطاء ارتكبت ومازالت ترتكب زادت من المشكلات، وتكمن فى عدم وجود جدول للأولويات المطلوب تنفيذها ودخولنا فى مشروعات طويلة الأجل لا يمكن جنى ثمارها إلا بعد عشرات السنين، بينما نعانى من أزمة سيولة، وكان من الأوفق أن تستثمر هذه الأموال فى مشروعات تدر إيراداً سريعاً، فشخصياً أرى على سبيل المثال لا الحصر أن هناك أعمالاً تستحق أن تمنح الأولية على مشروع العاصمة الإدارية الجديدة لما لها من آثار اجتماعية حميدة، مثل استكمال الصرف الصحى فى ربوع مصر وتوسيع شبكة المياه فى الأماكن النائية والمحرومة فى الريف والصعيد، والنهوض بنظم الرى الحديثة لمواجهة أزمة نقص مياه الرى، ومن ناحية أخرى أرى أن الدولة دخلت فى مشروعات كان أجدى أن يضطلع بها القطاع الخاص. ومع ذلك يجب أن نشيد بثلاثة مشروعات كبرى تم تنفيذها على أفضل وجه، وهى شبكة الطرق والكبارى الرائعة التى اكتملت فى وقت قياسى وسوف ينعكس أثرها الإيجابى على اقتصاديات النقل وتمثل إضافة قيمة للبنية الأساسية، وأيضا مشروعات محطات توليد الكهرباء التى وفرت طاقات جديدة قدرها ١٤٤٠٠ ميجا وات لتسد العجز فى القطاعات الإنتاجية والمنزلية، وأخيراً مشروعات الإسكان الاجتماعى التى تهدف إلى القضاء على العشوائيات.

■ هناك من يرون أنه كان من الأفضل أن تتم تنمية حركة الإنتاج أولاً ثم نبدأ فى عملية التعويم الجزئى وليس الكامل للجنيه.. ما رأيك فى هذا الطرح؟

- جميعها وجهات نظر لها احترامها، لكن تقديرى أن القرارات التى تم اتخاذها صائبة، وكان من الصعب تأجيلها لأن الدين العام تخطى 100% من الناتج المحلى، وعجز الميزان التجارى وصل إلى 60 مليار دولار، وعجز الموازنة وصل أكثر من 12.5% من الناتج المحلى، وكان حتمياً أن يتم وقف هذا الانهيار، والجميع مقدر حجم الأعباء التى تلقيها سياسات الإصلاح على المجتمع «وكنّا عايشين بالشكك»، ويجب أن يأتى اليوم وتسدد الفاتورة، لو حدث هذا من قبل لكانت التكلفة أقل وضاعت فرص كثيرة منذ عام 1977 مروراً بعهد مبارك، وانتهاء بالوزارات المختلفة من ثورة يناير حتى ثورة يونيو، وازدحمت الأجندة بالانتخابات الرئاسية ثم الاستفتاء على الدستور، ومن بعدها الانتخابات البرلمانية فلم يكن الوقت مواتياً.

■ بحكم عملك وزيراً للسياحة فى السنوات الماضية.. من وجهة نظرك ما الأسباب الكبرى وراء أزمات هذا القطاع، وكيف يمكن معالجتها؟

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل