المحتوى الرئيسى

كيف يصبح التعليم أداة لمواجهة الإرهاب؟

12/27 22:23

عقب الهجوم الإرهابى الدنىء الذى ضرب الكنيسة البطرسية فتح النقاش مجددا حول مواجهة الأفكار المتطرفة، التى تنفذ من خلالها التنظيمات الإرهابية إلى الشباب، وتستخدمهم لتنفيذ مخططاتها الوحشية فى القتل والتخريب. ويبدو أن الحديث عن أوضاع التعليم فى بلادنا قد احتل موقعا بارزا فى هذه النقاشات، وللمصادفة كان الرئيس قبل يوم من الهجوم الإرهابى يتحدث عن أوضاع التعليم فى لقاء شهرى مع الشباب، واهتم مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى بجملة قالها الرئيس «ينفع التعليم فى إيه مع وطن ضايع»، تناول البعض هذه الجملة بسخرية، إلا أن المعنى الذى قصده الرئيس كان: كيف يمكن أن يفيد «التعليم» وطن مأزوم وهناك خلل فى وعى مواطنيه بكيفية التصدى لهذه الأزمات والمخاطر؟ لذا أحاول التفكير فى إجابة لهذا السؤال تطبيقا على خطر حقيقى بحجم الإرهاب.

بداية لا يقتصر التعليم فقط على الجوانب الأكاديمية والإعداد المهنى. ولنركز الحديث أكثر على التعليم العالى، فمؤسسات التعليم العالى وعلى رأسها الجامعات تعمل على تحقيق أهداف أكاديمية وتعليمية، الطلاب يذهبون لقاعات المحاضرات ويقومون بأبحاثهم ويؤدون الامتحانات، يسأل أحدهم أستاذه فى مجال التخصص أيا كان فى العلوم الهندسية أو الطب أو العلوم الاجتماعية، وتجرى هذه العملية التى تؤدى فى النهاية إلى تخريج طلاب يمكن لهم الإسهام فى سوق العمل بما يملكون من معرفة علمية. ولكن هل يعنى ذلك أن مهمة مؤسسات التعليم العالى قد انتهت؟ وهل يمكن أن تقتصر نظرتنا للتعليم على هذا الجانب؟ بالطبع هذه نظرة خاطئة للغاية، فالجامعات منوط بها أن توفر تعليما مدنيا وتتيح لطلابها حرية الكلام والإبداع والنشاط، أن يعرف الطالب الجامعى ماهية حقوق الإنسان وأهميتها فى المجتمعات الحديثة، وأن يمارس نشاطا ثقافيا أو رياضيا، وأن يدرك قيمة الالتزام بالقانون، وأن يدرك أهمية العمل السلمى سواء من خلال الأحزاب السياسية أو المجتمع المدنى.

وهكذا تعد الجامعة ساحة للتعليم المدنى والانفتاح على الفكر والفن والأدب والسياسة، ساحة يلتقى فيها مئات الآلاف من الطلاب لتنمية قدرتهم على التفكير والنقد وخدمة مجتمعهم، وتؤهل الجامعة طلابها للالتزام بقيم حكم القانون وحقوق الإنسان والمساواة. سيرد البعض على ذلك بالقول أن هذه السطور بمثابة كلمات شديدة المثالية، والواقع الذى نعيشه بعيد كل البعد عن تلك الصورة. بالكاد يذهب الطلاب إلى الجامعات، وربما لا يجدون مكانا فى قاعة المحاضرات المزدحمة، والمعامل تعانى الإهمال، والنشاط الطلابى مقيد، وهكذا تزداد الصورة قتامة.

لا ينبغى لنا أن نغفل أن هذه الحالة توفر بيئة تساعد على نمو الأفكار المتطرفة وتجعل الشباب فريسة للتنظيمات الإرهابية، ولنتأمل بعض الأمثلة:

• جامعة الأزهر تشكل لجنة للتحقيق مع أستاذ جامعى بتهمة الإلحاد والترويج لأفكار طه حسين ومحمد عبده، وتقرر وقفه عن العمل وتلزمه بعدم الحديث عن القضية إلى وسائل الإعلام، حتى لا يذهب البعض إلى اعتبار جامعة الأزهر تقيم محاكم للتفتيش.

وزير التعليم العالى يرفض الاعتراف بنتائج انتخابات اتحاد طلاب مصر العام الدراسى السابق، وتقارير إعلامية تنقل عن مسئولين أن الأجهزة الأمنية أوصت بعدم تنظيم الانتخابات الطلابية فى العام الدراسى الحالى.

• جامعة خاصة تنهى التعاقد مع أستاذ جامعى بسبب اعتراضات على مشروعات تخرج فى قسم العمارة تناولت موضوعات تستند إلى العرى فى تاريخ الإنسانية.

• جامعة تحيل أستاذين للتحقيق فى اتهامات بإهانة الرئيس ــ لا أعرف كيف لا زلنا نتحدث عن إهانة الرؤساء والملوك والأمراء حتى الآن.

• جامعة أخرى تحقق مع أعضاء هيئة التدريس بسبب انتقاداتهم لرئيس الجامعة على مواقع التواصل الاجتماعى.

• طلاب قبض عليهم فى تظاهرات احتجاجية يقبعون فى السجون جنبا إلى جنب مع أفراد متطرفين.

• أسر طلابية تواجه تعنتا فى تسجيل أوراقها وممارسة نشاطها.

• اتحاد طلاب ينظم حفل استقبال للطلاب الجدد، فتعاقب إدارة الكلية أحد أعضاء الاتحاد بالفصل لمدة شهر لأنه ألقى قصيدة ساخرة ــ التعبير الفنى عن الرأى يصبح موضع اتهام وتحقيق.

• طالبة بقسم الإعلام يمنع لها مشروع التخرج لأنها أجرت حوارا مع عضو بالمجلس القومى لحقوق الإنسان عن علاقة الدولة بالشباب. عشرات الطلاب المفصولين نهائيا من الجامعات وآخرين لمدد تصل إلى عامين.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل