مصطفى محمود.. ''المشرحجي'' الذي فضل الصحافة عن الطب

مع دقات الساعة التاسعة يوم الاثنين من كل أسبوع يلتف الجمهور حول شاشة التلفاز، وبعد موسيقى الناي وتتر بخط مسعد الخضيري، يأتي صوته الهادئ معلنا بدء الحلقة بجملته الشهيرة "هلا بكم". على مدار 18 عامًا قدم العالم الكبير مصطفي محمود 400 حلقة من برنامجه "العلم والإيمان.

رغم الغياب مازال "العلم والإيمان" وكتب مصطفي محمود وأعماله الخيرية، تحيي ذكراه بين محبيه والجيل الذي حظى بمشاهدته عن قٌرب قبل الاعتزال والمرض بالزهايمر.

تمر اليوم الذكرى 95 لميلاد الزاهد مصطفي محمود، الذي أحب الطب والفلسفة والكتابة والموسيقى، وجعلت منه كل هذه الأشياء شخصا مميزا يمتلك مفردات خاصة تحيل الموضوعات العلمية المعقدة لأمور بسيطة، مستخدما لغته الأدبية المميزة.

في أحد حواراته التليفزيونية يقول مصطفى محمود إن أثناء دراسته في الثانوية العامة كان يذاكر مواد التشريح الخاصة بطلاب كلية علوم ويخصص جزء من مصروفه لشراء مواد كيميائية لإجراء التجارب العلمية.

يحكي المشرحجي الصوفي بعد التحاقه بكلية الطب أنه عاشقًا للتشريح، كان أول من يدخل إلى غرفة المشرحة وآخر من يغادرها، و أطلق زملاءه عليه لقب "المشرحجي"، وقام بشراء نصف بني آدم بمبلغ 60 قرشًا، وعكف على تشريحه في المنزل طوال فترة الإجازة.

وبسبب حفظه لنصف الجثة في مادة الفورمالين اسفل فراش نومه، أدى إلى تدمير جهازه التنفسي وجلس في منزله وتأخر في دراسته لمدة ثلاث سنوات وخلال هذه الفترة قرأ العديد من الكتب الأدبية والأدب المترجم وكتب 30 قصة وقدمها للعقاد.

أثناء ممارسته للطب كتب العديد من المقالات في مجلة روز اليوسف ثم ذاع صيته بعد أن كتب بابًا للجمهور تحت عنوان "اعترفوا لي" كان يرد فيها على رسائل القراء حول المشاكل العاطفية والاجتماعية وكان ذلك بداية ظهوره للأضواء والشهرة، بجانب ذلك قدم سلسلة من المقالات تحت عنوان"يوميات نص الليل"، وانتهى من أول رواية وهي "المستحيل" والتي تحولت إلى فيلم سينمائي عام 1962م.

وفي ذلك الوقت أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قرارا بعدم الجمع بين وظيفتين، وقرر المشرحجي أن يتخلى عن مهنة الطب ويتفرغ للكتابة بالمجلات والصحف.

للسياسة دور واضح في حياة مصطفي محمود فكان مهاجمها لجمال عبد الناصر ومختلفا مع السادات رغم تصريحاته بأنه حاد الذكاء والدهاء.