المحتوى الرئيسى

بوتين يوجِّه فرق الموت إلى سوريا.. وقديروف يبعث برجاله لاستعادة الشيشانيين من "داعش"

12/26 21:56

اصطَّفت العشرات من الوحدات العسكرية الخاصة من ذوي القبعات الحمراء في الشمس، في انتظار الطائرة التي ستقلُّهم إلى ما يشيرون إليه بتلطُّفٍ "شاما"، والتي تعني بلغتهم الشيشانية الأم "الأرض المقدَّسة في سوريا".

بدت وجوههم متجهِّمةً بفعل الطقس بعد سنواتٍ قضوها في رياح الجبال. بعضهم كانت لديه أسنانٌ مفقودة. وبعضهم كانت لديه عيونٌ مفقودةٌ رأت الموت قريباً للغاية. ويقول أحد الجنود الذين ظهروا في فيديو نُشِر مؤخراً، وأذاعته قناة "Top Donbass News" في الجزء الذي يسيطر عليه المتمردون الموالون لروسيا في شرق أوكرانيا، إنَّه ذاهبٌ إلى سوريا "لمساعدة أناسٍ يمرُّون بلحظةٍ عصيبةٍ".

الشيشان، جمهوريةٌ بمنطقة شمال القوقاز حاربت وخسرت حربين انفصاليتين ضد روسيا فترتي 1994-1996 و1999-2006، وهي الآن ترسل المئات من أبنائها إلى الشرق الأوسط لقتال الجماعات الإسلامية المتطرفة، بما في ذلك ما يُسمَّى الدولة الإسلامية "داعش"، الذي يضم هو الآخر الكثير من الجنود وبعض القادة الشيشانيين، بحسب تقرير لموقع The Daily Beast الأميركي.

وذكرت تقارير روسيةٌ عدّة أنَّ ما بين 3500 و5000 شيشاني منخرِطٌ في صفوف الجماعات المتطرِّفة في سوريا والعراق.

كانت تلك إحدى الخطوات التي تُظهِر للعالم أنَّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أرسى السلام في حلب بسوريا، ووسيلةٌ جديدةٌ تماماً لإحكام السيطرة على المناطق الموالية لروسيا على الأرض. كان الكرملين يُعزِّز قواعده الجوية والبرية في اللاذقية. فالجيش الروسي رأى في تفوِّقه في سوريا فرصةً لمشاركة الضبَّاط في العمليات القتالية لتنمية خبراتهم.

تلك هي الأجواء التي خلقها الصراع إلى درجة أنَّه يوم الأحد، 25 ديسمبر/كانون الأول، حين تحطَّمت طائرة نقلٍ عسكريةٍ في البحر الأسود، ما أدّى إلى مقتل 92 شخصاً، من بينهم أعضاء كُثُر في أوركسترا الجيش الأحمر، آثارت الحادثة تكهُّناتٍ فوريةٍ حول وجود شبهاتٍ إرهابيةٍ، وهو الأمر الذي استبعده المحقِّقون الحكوميون لاحقاً.

ومع ذلك، الأمر الذي لا يمكن التشكيك به هو أنَّ حرب روسيا في سوريا، والتي هي بشعةٌ بالفعل، على وشك أن تصبح أكثر بشاعةً كلياً.

الصحيفة الروسية المستقلّة "نوفايا غازيتا Novaya Gazeta" أفادت بأنَّ القادة الشيشانيين كانوا يحشدون الجنود في وحدات "سوريا" الخاصة على مدار أشهرٍ عدّة.

وقال سيرغي ماركوف، مسؤولٌ روسي ومستشارٌ للحكومة، لموقع "ذا دايلي بيست" إنَّ "هذا العام ينتهي كأحسن ما يكون بالنسبة لروسيا، محقِّقةً أكثر مما كانت تأمل".

وأضاف ماركوف: "الرئيس بوتين فاز بمعاركه في العديد من الساحات، بما في ذلك حلب في سوريا، وأميركا، والاتحاد الأوروبي. ويتَّفِق المزيد والمزيد من الناس على أنه محقَّاً بأنَّ قوة روسيا وشرعيتها في تزايدٍ". مضيفاً: "أجندة عمل الشيشانيين (في سوريا) سرية، لكن على الأرجح سيشاركون في قتال داعش بالرقة شمالي سوريا".

وبذل الزعيم الشيشاني "رمضان قديروف" جهوداً كبيرةً في بناء وحداتٍ خاصةٍ، تُعرف باسم فِرَق الموت، من رجالٍ لا يعرفون الخوف، عديمي الرحمة، خبيرين بحرب الشوارع والجبال (حرب العصابات).

وقالت هيدا ساراتوفا، ناشطةٌ داعمةٌ للحكومة، لـ"ذا دايلي بيست" إنَّ "نجل ابن عمي عمِل لصالح بعض أجهزة إنفاذ القانون في الشيشان". وأضافت: "تطوَّع للذهاب إلى سوريا. وتجمَّعت أسرتنا بأكملها لتودِّعه".

وظهر في أحد مقاطع الفيديو التي نشرتها محطة أخبارٍ شيشانيةٍ محلِّيةٍ قديروف شخصياً أثناء تفقَّده جنوده.

قال قديروف لي ذات مرةٍ في 2014 إنَّ استعادة الشيشانيين من داعش "مسألة شرفٍ". وقال إنَّه سافر شخصياً إلى سوريا لتقديم الاستشارات إلى جيش بشار الأسد ومساعدة ذوي الشيشانيين للعثور على بناتهم وأبنائهم في سوريا.

ورأى مركز كارنيغي في موسكو أن مسألة الشيشانيين المنخرطين في داعش اختبارٌ جدِّيٌ لقوة قديروف، فالإسلاميون تعهَّدوا بالفعل بدعم ثورةٍ في الشيشان، بل وحتى رصدوا جائزةً قدرها 25 مليون دولار مقابل رأس قديروف ورفقائه.

والحياة في الشيشان متأرجحةٌ بين الحرب والسلام. فالأسبوع الماضي، تبادلت قواتٌ شرطيةٌ خاصةٌ النار مع مسلَّحين إسلاميين، يُسمِّيهم قديروف "شياطين"، بالقرب من العاصمة الشيشانية، غروزني. وقُتِل على الأقل 11 مسلحاً.

وتقول إيكاترينا سوكريانسكايا، مديرة مشروع مجموعة الأزمات الدولية حول روسيا وشمال القوقاز، إنَّ "جنود الوحدات الخاصة الشيشانيين أثبتوا قدرتهم على إنجاز أية مهمة، وهم مسلمون سُنَّة، والقادة الروس ربما يرون أنهم مفيدون في المناطق السورية التي يخشى فيها السكان (السُنَّة) من العلويين".

وتضيف: "إنَّه أمرٌ مخيفٌ أن نرى هذه الوحدات الشيشانية في طريقها إلى سوريا باعتبارها بمثابة بعض التجارب المعملية الخرقاء لكسر معنويات الناس. لكن ليس لديهم خيارٌ، ولا يمكنهم قول (لا)، وظيفتهم هي أن يكونوا مُطيعين للكرملين".

ولا يفهم كل الناس في الشيشان بشكلٍ واضحٍ سبب الدفع بجنودٍ سُنَّةٍ من جديدٍ في حربٍ ضد مسلمين سُنَّة.

قالت الناشطة الداعمة للحكومة ساراتوفا لـ"ذا دايلي بيست" إنَّ "النساء يبكين عندما يرون جنودنا مغادرين لأنَّهم يعلمون أنَّ الحرب في سوريا لم تنتهِ". وتضيف: "أنا شخصياً لا أستطيع التوقُّف عن البكاء كلما رأيتُ حلب، فذكرياتي حول غروزني المُدمَّرة تعاودني في الحال".

ومع نهاية 2016، تبدو روسيا بوتين في سباقٍ مع الزمن للقتال والحفاظ على المناطق التي سيطرت عليها في جبهاتٍ عِدّة. فقد أفادت تقارير عن خططٍ لبوتين، مدفوعاً بنجاحه في سوريا، لتقويض الحكومة، حكومة الوفاق، التي تدعمها الأمم المتحدة في ليبيا ودعم القائد العسكري القوي، خليفة حفتر، الذي أُشيِع يوماً أنَّه كان في حظيرة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA).

وتُواصِل أوكرانيا تحميل روسيا مسؤولية الهجوم على جيشها. وتفجَّرت فضيحة اختراقٍ جديدةً الأسبوع الماضي، هذه المرة ادَّعى الجيش الأوكراني أن هواتف جنوده الخلوية قد اختُرِقت بواسطة مجموعةٍ تقف موسكو ورائها.

وأضاف تقريرٌ لشركة أمنٍ معلوماتيٍ أميركية الخميس، 22 ديسمبر/كانون الأول، أدلَّةٌ جديدةٌ تربط بين فريق القرصنة "فانسي بير Fancy Bear"، الذي اشتهر بالهجوم على اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي الأميركي، وبين الاستخبارات العسكرية الروسية.

فقد وجد التقرير أنَّ الشيفرة الحاسوبية "Computer Code" الذي استخدمتها إحدى الوحدات التابعة لمديرية المخابرات الرئيسية الروسية (GRU)، خلال عمليتها في أوكرانيا هي نفسها التي استُخدِمت في اختراق اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي.

نفت الحكومة الروسية كل هذه المزاعم. وأصرّ ماركوف على أنَّ "جميع وكالات الاستخبارات الأميركية تتذرَّع بأي تهديدٍ لحماية أنفسهم من دخول السجن. لا أحد يمكن تصديقه في وكالات أوباما".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل