المحتوى الرئيسى

تجربة جماعية: كيف أثرت زيادة أسعار الصحف على بائعي الجرائد؟ - E3lam.Org

12/25 20:38

يجتمع ممثلو الإعلام والصحافة من وقت لآخر، للتباحث حول “مصير المهنة”، هذا المصير الذي يواجه يوميا تحديات مضاعفة، أضيفت إليه مؤخرا تحديات أخرى بعد زيادة أسعار بعض الصحف بسبب زيادة أسعار الأحبار والورق التي أعلنت عنها مطابع الأهرام. وإذا كانت الصحافة منظومة متكاملة فإن بائعي الجرائد يظلون الحلقة الأضعف في هذه المنظومة، وأكثر المتأثرين بزيادة أو نقصان معدلات البيع.

إعلام دوت أورج قرر أن يخوض تجربة جماعية جديدة، وذلك من خلال قيام خمسة محررين بالتحدث إلى بعض بائعي الجرائد، في مناطق ومحافظات مختلفة، للتعرف على تأثيرات زيادة أسعار الصحف على حركة البيع.

الزقازيق: من 10 آلاف نسخة إلى ألف فقط!

بسؤال ثلاثة من أكبر باعة الصحف في مدينة الزقازيق، يمكن استخلاص أن حركة البيع لم تتأثر كثيرا بزيادة الأسعار الأخيرة، لكنهم أكدوا على أن التأثير السلبي يسبق هذا القرار بعدة سنوات، حيث قال طلعت سلامة، عميد متعهدي بيع الكتب بالزقازيق ووكيل الهيئة المصرية العامة للكتاب، إن مبيعات الجرائد والصحف قلت بعد ثورة يناير بنسبة تصل إلى 80% بسبب انتشار المواقع الإلكترونية والبرامج المتخصصة في قراءة الصحف والتعليق على أخبارها، وبالتالي لم يعد المواطن بحاجة إلى شراء الصحف والمجلات.

أكد أنه كان يبيع قبل الثورة ما يصل إلى 10 آلاف نسخة يوميا ولكن اليوم يبيع حوالي ألف نسخة فقط. كما أضاف أن زيادة أسعار الصحف مؤخرا لم تؤثر على الإقبال عليها، وأن التعليق الأبرز للمواطنين أثناء الشراء هو: “فيه إيه في البلد مغليش عشان الجرايد متغلاش؟”.

عن مهنة السريح، أكد أنها اختفت بسبب انتشار المواقع الإلكترونية وأن من كانوا يعملون بتوزيع الصحف في القطارات والتجمعات تركوا المهنة وعملوا بالتجارة.

أضاف أن توزيع الجرائد يخضع لمواسم معينة فمثلاً أيام الامتحانات تكثر مبيعات “الجمهورية” وهكذا، وأكد أن جريدة المساء هي أكثر الجرائد توزيعا لديه في الوقت الحالي. كما شدد على أن الجيل الجديد “جيل رائع” وحريص على شراء واقتناء الكتب وقراءتها و أنه متفائل جدا بهم.

توقع سلامة انحسار الصحف والمجلات واختفائها خلال السنوات القادمة وناشد رؤساء مجالس إدارت الصحف بضرورة الاهتمام ببائع الجرائد وذلك بسبب عدم وجود أي مظلة تأمينية أو نقابية له، وأكد على أن باعة الصحف على استعداد لدفع اشتراكات في سبيل أن يكون لهم وضع إنساني محترم يضمن لهم العيش الكريم عند التقاعد أو المرض.

كما طالب نقابة الصحفيين بضرورة إنشاء شعبة لباعة الصحف والاهتمام بهم وحمايتهم من المحليات، لأن هذا الاهتمام سيزيد من نسبة توزيع الجرائد بنسبة 50%.

لم تختلف وجهة نظر عم “صالح السيد” الذي يعمل في بيع الجرائد منذ 50 عاما في منطقة المنتزة بالزقازيق عن وجهة النظر السابقة بتأثير المواقع الإلكترونية بنسبة كبيرة على مبيعات الصحف، وأن نسبة التوزيع في الزقازيق كانت 60 ألف عددا يوميا تقلصت هذه الأيام إلى 10 آلاف عددا في المدينة كلها.

أوضح عم “صالح” أن صحيفة “المصري اليوم” و”الوطن” محافظتان على نسبة مبيعات عالية تقارب نسبة توزيع الأهرام والجمهورية. مشيرا إلى أن جمهور الصحف الذي اعتاد شراءها يوميا يزيد عمره على الـ 50 عاما وأن الأخوة الأقباط حريصون على شراء الجرنال يوميا خاصة الأهرام بسبب صفحة الوفيات، على حد قوله.

البلينا – سوهاج: الصحف “للعرض فقط”!

خلال جولة بجوار محطة سكك حديد مدينة البلينا بمحافظة سوهاج، قال أحد باعة الصحف إن جميع الجرائد ما زال سعرها كما هو ولم يرتفع سوى سعر صحيفة اليوم السابع، التي أصبح سعرها 3 جنيه، مشيرا إلى أن أسعار جميع الصحف ستزداد أكثر خلال الفترة القادمة “لأن أسعار الأوراق زادت جدا زي كل شيء في البلد” على حد قوله.

أكد أن الصحيفة الواحدة تتكلف أكثر من 2 جنيها وبالتالي فحتى إن باعت المؤسسة جميع الأعداد المطروحة ستتعرض للخسارة. كما ذكر أن بائعي الجرائد “السريحة” لم يعودوا موجودين الآن، لافتا إلى أنه كان يبيع الجرائد منذ أكثر من 20 سنة، وكان حينها يسرح بالجرائد في الشوارع، حينما كان لها قراء كثر، أما الآن فلا يوجد سوى عددا قليلا جدا من القراء مازالو يشترون الجرائد.

أشار إلى أن الناس أصبحت تقرأ الأخبار على الإنترنت والفيسبوك، ولم تعد تهتم بالجرئد، لكنه أكد في الوقت ذاته أن بعض الشباب وكبار السن، مازالوا يأتون إليه باستمرار لشراء الجرائد، موضحا أن من اعتاد على قراءة الصحف، سيظل يشتريها حتى بعد زيادة الأسعار.

أوضح “بائع الجرائد” الذي رفض ذكر اسمه أو التقاط صورة له، أنه لا يعتمد على بيع الجرائد فقط، لكنه يعتمد في الأساس على “كشك” السجائر، لافتا إلى أنه يضع بعض الكميات القليلة من الجرائد أمام الكشك، من أجل العرض ليس أكثر، مضيفا أنه لايبيع سوى طبعة واحدة من الصحف التي تأتي إليه، ولا تصله طبعات أخرى.

الكوربة: الباعة يتوقعون “انهيار جزئي”

قالت “أم أحمد” بائعة الجرائد في ميدان الكوربة إن غلاء أسعار الصحف للضعف لن يؤثر على الصحف ولا الجمهور، لكنه سيضر كثيرًا بالبائعين، فهم أكثر الفئات المطحونة بعد ذلك القرار.

أضافت أن من كان يشتري جريدتين سيشتري واحدة بعد ذلك، لكنها مستمرة كغيرها من البائعين في انتظار ما سيحدث بعد زيادة الأسعار.

أشارت إلى أن المواقع الإلكترونية لم تؤثر على شراء الصحف، فمن يقدر على الشراء سيستمر مهما حدث، وهنا نرى أنها حللت الأمر من ناحية القدرة الشرائية فقط، مشيرة إلى اعتمادها في الأساس على الذين يقومون بالشراء بصورة شهرية.

أكدت أن أكثر الجرائد شراء هي “الأهرام” و”الأخبار” و”المصري اليوم”، موضحة أن حركة بيع الصحف المعارضة ضعيفة، بينما أكدت أن الطبعات الأولى والثانية مازالت مستمرة لدى معظم الجرائد.

وفي سياق مختلف قالت إنها تتمنى أن يتحول كشك الجرائد إلى بيع مختلف السلعات لكن لا أحد سيوافق على ذلك ويعطيهم ترخيص، مشيرة إلى أن زوجها كان يعمل هنا من أكثر من أربعين سنة عندما كانت الجريدة بعدة قروش فقط.

في منطقة أخرى، قال “عم إبراهيم” صاحب “كشك الجرائد” بمنطقة عين شمس، إن الصحف بعد زيادة أسعارها ستنهار انهيارا جزئيا، لامتناع الجمهور قليلا عن الشراء.

أضاف أن الجمهور تلقى خبر زيادة الأسعار بهدوء شديد، فبعد زيادة أسعار كل المنتجات كان من المتوقع زيادة أسعار الجرائد.

أشار إلى أن الطبعات الأولى والثانية مازالت مستمرة وتلتزم بها الأهرام والأخبار والمصري اليوم والشروق والوطن، مضيفًا أن هناك جرائد لم تتأثر كثيرًا بزيادة الأسعار وما زالت مبيعاتها ثابتة، مثل الأهرام والأخبار والمصري اليوم، موضحا أن “الزبون” مستمرا في شرائهم على الرغم من توقع غلاء أسعارهم.

أكد أن المواقع الإلكترونية أثرت بشدة على مبيعات الجرائد، مضيفا أن المواطن يمكنه تصفح جميع الجرائد إلكترونيا بـ” 5 جنيه في الشهر فقط”. بدلا من أن يدفعهم يوميا في شراء الصحف الورقية.

القطامية: بائعة الصحف آخر من تعلم بالزيادة

يبدو أن رواد كشك “المظلوم” في منطقة القطامية، سيلعنون اليوم الذي مرت من أمامه صحفية تسأل صاحبة الكشك عن تأثير زيادة أسعار الصحف على مبيعاتها. والسبب وراء ذلك، هو أن صاحبة الكشك نفسها لم تكن تعلم بهذه الزيادة إلا عندما أخبرتها بذلك!.

في البداية بدت “أم رحمة” الواقفة منذ الصباح في كشك “المظلوم” متحفظة على الحديث معي قليلا، حيث جاءت إجاباتها مختصرة وسريعة، سألتها أولا عن مدى تأثير زيادة أسعار الصحف على مبيعاتها، لكنها نفت هذه الزيادة، وعندما توجهت لشراء جريدة المقال، حاولت فتح حديث جديد معها، فقلت مبتسمة “ماهي زادت أهي!”، وهنا ظهرت على ملامحها دهشة حقيقية وصادقة. أكدت لي أنها لم تعلم بالزيادة، وتحسرت قليلا على الصحف التي باعتها منذ الصباح بسعرها القديم.

أخبرتني بعد ذلك أن أكثر صحيفة محتفظة بنسبة بمبيعاتها هي “الجمهورية”، متمسكة بحديثها عن ثبات مبيعات الصحف، حتى أنها أطلعتني على بعض الأعداد التي تضعها داخل الكشك بعيدا عن فرشة الجرائد، موضحة أنها لأشخاص يأتون يوميا لشرائها، وعرفت منها أنهم كبار في السن وليسوا شبابا.

نفت أن تكون مبيعات الصحف قد تأثرت حتى مع وجود المواقع الإلكترونية، على اعتبار أن “الجرايد ليها زبونها”، كما أشارت إلى أن نظام الطبعات “الأولى والثانية” مازال قائما.

عن مهنة “سريح الجرائد”، أكدت أن هذه المهنة موجودة حتى اليوم، ثم أشارت بإصبعها إلى “عم عبده”، الذي ظهر خلال حديثنا، فتحدث معي عن الصحف التي يقف بها أمام “جهاز مدينة القاهرة الجديدة”، ليبيعها إلى الموظفين صباحا أثناء توجههم إلى العمل، مؤكدا أن الصحف مازالت تُباع لكنه لا يسرح بها ليلا.

شاركنا في الحوار بعض رواد الكشك، حيث فوجئ أحدهم وهو ممسكا بصحيفة “اليوم السابع” بزيادة سعرها إلى “3 جنيه”، بينما أكد لي آخر، قام بشراء الأهرام المسائي، على أن سعرها لم يزد عن 140 قرشا، وعندما سألته “هتشتريها تاني لو زادت؟”، قال على الفور “لا طبعا.. هبقى أعرف الأخبار من التلفزيون”، ثم اقترح عليه زبون آخر سماع الراديو مؤكدا أن “الراديو أحسن”.

الجيزة: العزوف عن شراء الصحف “مسألة وقت”

عقب إعلان مؤسسة “الأهرام”، عن رفع أسعار تكاليف الطباعة بنسبة 80% من القيمة المتعاقد عليها مع المؤسسات الصحفية، ارتفعت أسعار بعض الصحف الورقية. إعلام دوت أورج التقى “علاء الجمل” أحد باعة الجرائد الذي يجلس على أحد نواصي “ميدان الجيزة”، والذي أكد أنه لم يعد يعبأ بمن يقترب من جرائده سواء للتصفح أو للشراء، قائلا: “من يريد شراء جريدة بعينها يأخذها ثم يضع الثمن وينصرف، فالجميع بات لديهم علمًا بأسعار جميع الصحف عقب ارتفاع أسعارها”، مضيفا: “كثير ممن يقتربون من الجرائد يكون من أجل إلقاء نظرة، ومن ثم ينصرفون”.

أوضح أن حتى “السريحة” لم يعودوا يقتربون من ناصيته لشراء الجرائد التي يبيعوها بالقرب من الأماكن الحيوية كالمحاكم والمحطات والجامعات، مضيفا: “السريح كان مكسبه قليل قبل ارتفاع أسعارها، دلوقتي هو اللي هيتحمل الخسارة لوحده”.

لم يشمل ارتفاع أسعار الصحف جميع الجرائد، فيقول الجمل: “هناك بعض منها لازال محتفظًا بسعره القديم مثل “المصري اليوم” الذي كان سعرها جنيهين، بينما الجرائد التي ارتفع سعرها : “البوابة نيوز، المقال، اليوم السابع، الشروق”.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل