المحتوى الرئيسى

الراعي: لمصالحة وطنية ومعالجة أخطار مليوني لاجىء

12/25 17:06

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الميلاد على مذبح الباحة الخارجية للصرح – كابيلا القيامة

وألقى عظة بعنوان “وأشرق نور مجد الرب حولهم في هجمات الليل”، استهلها بالتوجه الى رئيس الجمهورية بالقول: “فخامة الرئيس، عيد ميلاد الرب يسوع، مخلص العالم وفادي الإنسان، يكتسب هذه السنة رونقا خاصا بانتخابكم رئيسا للجمهورية، وبحضوركم مع السيدة اللبنانية الاولى عقيلتكم، بعد فراغ سنتين وخمسة أشهر، حرمتنا من وجود رئيس في ميلادين. وأتى توافق معظم الكتل السياسية والنيابية على انتخابكم شخصيا لا سواكم، ليقينها أنكم الأفضل والأنسب لتوطيد دولة القانون والمؤسسات، ولتحقيق الوفاق الشامل وشد أواصر الوحدة الوطنية التي تشمل جميع الأفرقاء. هذا ما ينتظره الشعب اللبناني المدرك أن لبنان لا يستطيع النهوض، على كل المستويات، إلا بتضافر قوى الجميع. وقد ازداد هذا الرونق بتشكيل الحكومة الجديدة الجامعة، التي تعكس كل مكونات البلاد، وهذا دليل على أن لبنان أرض التعددية والحوار. وإنا نأمل أن يتمكن عهدكم، في قلب النزاعات الدينية والمذهبية والخوف المتبادل في الشرق والغرب، من اعتماد منظمة الأمم المتحدة “لبنان مقرا دوليا للحوار بين الأديان والثقافات والحضارات والإتنيات”.

أضاف: “يسعدني وسيادة السفير البابوي وإخواني السادة المطارنة، أن أهنئكم بالأعياد الميلادية المجيدة، وصاحبي الفخامة رئيسي الجمهورية السابقين الشيخ أمين الجميل والعماد ميشال سليمان وأصحاب المعالي والسعادة الوزراء والنواب وسائر الشخصيات الرسمية الحاضرة معنا، والإخوة والأخوات جميعا. ومعكم نهنئ كل الشعب اللبناني، المقيم والمنتشر، ملتمسين من الطفل الإلهي أن يشع بأنواره على الجميع كي نتمكن من تبديد الظلمات التي تكتنف الوطن وحياة شعبنا من كل صوب، مثلما “أشرق نور مجد الرب حول رعاة بيت لحم وبدد ظلمات الليل” (لو2: 8-9).

وتابع: “ميلاد المخلص يفعل في العالم مثل النور الذي يلج الظلمة ويبددها مهما كانت كثيفة. ووجود الرب وسط شعبه يمحو ثقل الانكسار واليأس والقلق، وينشر الفرح والبهجة. عن نور الفادي الإلهي تنبأ آشعيا منذ سبعماية سنة قبل الميلاد: “الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما. والسالكون في ظلال الموت أشرق عليهم نور” (أش60: 1). لا تستطيع الكنيسة، ولا أحد أيضا، الظن أنها تشع بنورها الذاتي. بل تشع بنور المسيح كالقمر الذي لا يضيء من ذاته، بل يعكس نور الشمس. كل مسيحي مدعو، في أية حالة كان أو موقع في الكنيسة أو المجتمع أو الدولة، أن يعكس نور المسيح، نور الحقيقة والعدالة والمحبة والحرية، ويقشع كل أنواع الظلمات.وهذا مطلوب بنوع خاص من كل مسؤول. المسيح هو النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آت إلى العالم على ما يكتب يوحنا في إنجيله (يو1: 9). فبمقدار ما نبقى متأصلين فيه، وبمقدار ما نستنير بنوره، بقدر ذلك نبلغ إلى إنارة حياة الأشخاص والشعوب من حولنا”.

وقال: “استنار الرعاة، الفقراء والبسطاء والمتواضعون والمهمشون، بنور الطفل الإلهي، فجاؤوا واستناروا وأناروا المجتمع بالخبر المفرح الذي انتشر حتى بلغ في أيامنا المسكونة كلها. واستنار المجوس الثلاثة، رجال الغنى والعلم والحضارة المغايرة، بالنجم المميز الذي عكس أمامهم نور الملك الجديد المولود في بلاد اليهودية، وساروا إليه من بلد بعيد. فرأوا الطفل-النور، وترجموا رؤياهم بثلاث هدايا نبوية عن شخصية من يجهلون أنه المسيح: الذهب للملك، والبخور للكاهن، والمر للفادي. وعادوا إلى بلادهم حاملين البشرى، وهم يعكسون نور هذه الحقيقة”.

أضاف: “فخامة الرئيس، ظلمات كثيفة تكتنف الشعب والوطن. إن عهدكم، مع معاونيكم فيالمجلس النيابي والحكومة والمؤسسات العامة، ينتظر أن يكون عهد الاستنارة من أجل تبديد الظلمات عن الوطن والاقتصاد والأمن الاجتماعي. فالوطن بحاجة إلى مصالحة وطنية شاملة تشدد عراه بروح الشركة والمحبة، فتزول معه ظلمة الخلافات والنزاعات على حساب الخير العام. والاقتصاد بحاجة إلى إصلاح ونهوض في كل قطاعاته الإنتاجية بحيث يسير نحو توطيد دولة الإنماء والنهوض الاقتصادي، من أجل إخراج الشعب من ظلمة الفقر، والمجتمع من ظلمة التقهقر. ولا بد من تبديد ظلمات: الفساد المستشري، وفساد البيئة الطبيعية والاجتماعية، والتهرب الضريبي، والهدر والتوظيف العشوائي المذهبي والسياسي، والنفقات غير المنضبطة، والمشاريع المكشوفة سقوفها وسواها من الظلمات. والأمن الاجتماعي بحاجة إلى معالجة أخطار المليوني لاجئ ونازح. فهم مع تضامننا الإنساني معهم ومع قضيتهم، يهددون الاستقرار الداخلي، وينتزعون لقمة العيش من فم اللبنانيين، ويعرضون نفوسهم للاستغلال السياسي والمذهبي والإرهابي، ويشكلون عبئا ثقيلا تنوء تحته الدولة والشعب. فلا بد من العمل الجدي السريع، مع الأسرة الدولية، على إعادتهم إلى أرض وطنهم، وتوجيه جميع المساعدات إليهم هناك، لكي يتمكنوا من إعادة بناء بيوتهم، واستعادة حقوقهم وكرامتهم كمواطنين”.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل