المحتوى الرئيسى

"كرم الشراقوة" في كلمتين: احنا اللي عزمنا القطر

12/25 13:50

"احنا اللي عزمنا القطر".. بهذه العبارة الشهيرة يتفاخر أبناء محافظة الشرقية ويدللون بها على "كرم الشراقوة"، الذي تجسد من وجهة نظرهم في قصة عن دعوة أهالي إحدى قرى المحافظة لركاب قطار تعطل أمامها على الإفطار في شهر رمضان.

أحمد جدوع أحد شباب الشرقية المدافعين عن فكرة "كرم الشراقوة" ، والمؤكدين لصحة واقعة القطار التي يقول الكثير من أبناء المحافظة إنها وقعت في الحقبة الملكية، عندما تعطل قطارا كان متوجهًا للشام وعلى متنه ركاب من جنسيات مختلفة منهم اتراك.

جدوع قال لـ "مصر العربية :" الشراقوة فعلا كُرما .. فالمجتمع الشرقاوي به جينات عربية أصيلة نظرًا لنزوح العائلات العربية قديمًا لمصر ومن ثم استقرار بعضهم بالمحافظة، ومن المعروف أن العرب يوصفون بالكرم والمروءة ".

محمد زكى ـ مهندس وأحد أبناء المحافظة أيد ما ذهب إليه سابقه مدللا على ذلك بقوله :" الكرم الشرقاوي يتجسد في أشياء كثيرة خاصة في القرى .. فمثلا عند وفاة شخص يقوم أهالي القرية بتحمل نفقات العزاء، فضلا عن قيام كل منزل في تلك القرية بإعداد مائدة طعام وتقديمها في العزاء".

أما سليمان عبد الله ـ فلاح من الشرقية ـ الذي استحى في البداية الحديث عن الكرم باعتبار أنه من العيب الحديث عما يجود به الإنسان، إلا أنه تحدث - بعد اقناعه بأن إعلان الخير يشجع الآخرين على المشاركة فيه - عن أحد مظاهر الكرم في قريته قائلا :" يوجد في القرية مكان يسمى المضيفة وهو مكان يقيم فيه أهالي القرية مناسباتهم و يتبرع كل يوم من3 إلى 5 منازل لإعداد طعام بهذه المضيفة لتكون سبيل لاستضافة المحتاج من سكان القرية أو الغرباء".

بدوره قال حشاد عبد الله ـ 33عاما أحد مواطني الشرقية: معروف عن أهل الشرقية شدة الكرم لدرجة ان البعض وصلت بهم الدرجة للسخرية من ذلك ووصفهم بالعبط. حسب وصفه.

عبد الرحمن – موظف من الغربية- اتفق مع سابقيه بأن هناك بالفعل مظاهر لكرم الشراقوة  وهو ما لاحظه من خلال تعامله مع الكثيرين منهم، لكنه رفض تعميم الصفة على جميع أبناء المحافظة، مؤكدا أنهم مثل غيرهم في باقي المحافظات التي تضم الكريم وغير ذلك.

وفي تعليقه على هذه القضية قال الدكتور حمدي طلبة استاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الزقازيق لـ "مصر العربية " :" لا نستطيع تعميم صفة على مجتمع بأكمله لكن الشرقية حازت على نصيب الأسد في صفة الكرم مقارنة بغيرها من المحافظات".

وعزا ذلك إلى أن "الشرقية مجتمع زراعي به جينات عربية أصيلة نظرا لنزوح العائلات العربية قديما إليها ومن المعروف أن العرب يوصفون بالكرم"، معتبرا أن الكرم صفة مكتسبة ولكن من الممكن أن تكون وراثية.

وعن قصة مقولة "احنا اللي عزمنا القطر " فأكد صحتها برواية  تفاصيلها قائلا : هي واقعة حدثت في أحد أيام شهر رمضان عندما تعطل قطار خط الشرق وقت أذان المغرب في قرية إكياد التابعة لمركز فاقوس وكان يقل العديد من التجار من جنسيات مختلفة وكان منزل العمدة أمام المحطة مما دفعه لتوزيع الركاب على جميع منازل القرية لتناول طعام الافطار".

يذكر أن بعض الروايات الشعبية تشير إلى أن الملك – لم يحدد شخصه- أرسل مندوبًا يشكر القرية في حينها وأن الباب العالي في تركيا (مركز حكم الدولة العثمانية التي كانت مصر إحدى ولاياتها) أمر أيضا بمنح عمدة القرية لقب الباشوية، تقديرا لموقفه .

الدكتور عماد مخيمر أستاذ علم النفس بجامعة الزقازيق شارك "مصر العربية" مناقشة القضية بقوله :" هناك صفات موجودة عند كل المصريين ولكن الشرقية تتميز ببعص الصفات الخاصة ، أشهرها على الاطلاق الكرم والطيبة".

وأوضح أن :" التعرف على صفة الكرم عند الشراقوة جاء من خلال دراسات نفسية تمت بجامعة الزقازيق ملخصها أنه إذا سادت صفة في عدد من الشخصيات على فترات زمنية متواصلة نستطيع القول ان هذه البيئة تشتهر بهذه الصفة وتسمى بيئة منوالية في علم النفس".

وقال إن نسبة الاكتئاب في المجتمع الشرقاوي ضعيفة للغاية وذلك يرجع لكونهم يتمتعون بروح المساعدة والعطاء وهي من ضمن الصفات التي تقلل ظهور الأمراض النفسية.

وعن التفسير  التاريخي لوصف الشراقوة أنفسهم بالكرماء قال الدكتور محمود قمر أستاذ التاريخ بكلية الآداب جامعة الزقازيق :" المجتمع الشرقاوي تكون من قبائل عربية ومن المعروف عن صفات هذه القبائل الكرم والشجاعة وقوة البأس، فاستقرت هذه العادات في جينات المجتمع الشرقاوي حتى هذا الوقت".

واضاف : لعل موقع المحافظة كبوابة مصر الشرقية التي دخل من خلالها الأنبياء والرسل والعديد من الصحابة على رأسهم عمرو بن العاص رضي الله عنه الذي فتح مصر، دفع أهلها في تقديم المساعدات لهذه الضيوف من مشرب ومآكل حتى سادت هذه الصفة حتى في العصر الحديث".

أبناء محافظة الشرقية لا يصفون أنفسهم بالكرم فقط ، بل يضيف إليه الكثيرون منهم المروءة والشجاعة، معبرين عن ذلك بمقولتهم "إحنا ولاد عم الصعايدة".

وائل عبد الباري ـ موظف من الشرقية -  أحد هؤلاء المقتنعين بشجاعة ومروءة أبناء الشرقية عبر عن ذلك بقوله : يوصف أهالي الشرقية بالشجاعة لأنهم لا يرون خطأ إلا وتدخلوا لحله، فعندما تجد شابا ما يقوم بمعاكسة إحدى الفتيات أو حدوث مشكلة ما بين شخصين أو عائلات يتدخل على الفور العقلاء ويقومون بحل المشكلة.

وأضاف :" تقديم المساعدة بلا مقابل عند الشراقوة مازال موجود رغم تطور ذلك في المدن إلى مهنة السمسرة وهي تقديم مساعدة نظير مقابل مادي، وربما يكون ذلك دفع البعض لوصفهم بالطيبة الزائدة ".

الدكتور ظريف حسين عميد كلية آداب الزقازيق اتفق مع عبد الباري  فير رأيه قائلا :" لعل موقف الزعيم أحمد عرابي وهو أحد أبناء الشرقية عندما وقف امام الخديوي اسماعيل بكل شجاعة وبسالة لعرض مطالب الشعب عليه دليلا على الشجاعة والمروءة وهي صفة مازالت موجودة حتى الآن في المجتمع الشرقاوي".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل