المحتوى الرئيسى

شيخ الأزهر: الفتاوى المتجمدة تفصل الدِّين عن الحياة

12/25 13:38

قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إنَّ مِن الفقهاء مَنْ يُفتي بدون مراعاة أحوال الناس، ودون مراعاة تماسك الأسرة والحفاظ عليه، وقد نبَّهنا على ذلك في كلمتنا في مؤتمر دار الإفتاء.

وأضاف  الأزهر خلال حديثه الأسبوعي عل التليفزيون المصرى: يجب على مَن يُفتي الناس أن تكون لديه من الخبرة الواقعية والمجتمعية التي تؤهله إذا ما سُئل عن حادثة معينة أن يعرف الحادثة بظروفها وملابساتها وما يترتب عليها من منافع أو مصالح أو أضرار على الواقع، ومن هذا المنطلق ضربت مثلًا بمسألة الطلاق الثلاث.

وتابع: "ما عليه الجمهور أن الرجل إذا طلق زوجته ثلاث مرات في لفظ واحد كأن قال لها أنت طالق طالق طالق أو قال لها أنت طالق بالثلاثة فإن هذا الطلاق يقع ثلاثًا، وبه تنتهي العلاقة الزوجية تمامًا، ولا تحل له إلا إذا تزوجت رجلًا آخر وطلقها، وهذا الحكم ربما كان مقبولًا قديمًا؛ لأن الناس كانوا يتهيبون التلفظ بالطلاق، فلم يكن الوضع على ما نراه الآن من حلف الناس بالطلاق -والطلاق بالثلاثة- في مصالحهم اليومية والحياتية؛ لتأكيد كلامهم أو أنهم صادقون، فمثلًا لو اختلفوا في السوق على سلعةٍ ما حلفوا بالطلاق ثلاثًا، ويكون ذلك سببًا في هدم أسرة وتشريد أطفال وخراب بيوت، مع أن  المفروض على منْ أراد الحلف أن يحلف بالله -عز وجل.

وأوضح الإمام الأكبر أن علماءنا ومفتينا في القرن الماضي كانوا أكثر شجاعةً من علمائنا اليوم على اقتحام قضايا وأحكامٍ مستْ حاجة الناس إلى تجديدها والاجتهاد فيها في ذلكم الوقت، حيث إنهم اجتهدوا مثلًا في أن الطلاق الثلاث بلفظٍ واحدٍ يقع طلقةً واحدةً، على الرغم من أننا نجد شبه إجماعٍ من علماء الأمة على خلافه، وأن القاضي عبد الوهاب المالكي يراه قولًا من أقوال المبتدعة، ويقـول عنـه ابن عبد البر: «إنه ليس من أقوال أهل العلم» إلا أن علماء الأزهر لم يتحرجوا في ذلكم الوقت من اقتحام هذه المشكلة، ومن الخروج بفتوى رسميةٍ خالفوا فيها المذاهب السائدة على الساحة، ولم يعدمْ العلماء أن يجدوا لفتواهم سندًا من التراث الفقهي، فأفتوا بأن هذه الصيغة تقع بها طلقةٌ واحدةٌ، موضحًا أنه قد حدث هذا الاجتهاد عام 1929م، في القرن الماضي، ودخل كنص قانونٍ في قوانين الأحوال الشخصية، وفي عصور التألق العلمي والحضاري أفتى بذلك الفقيه الأندلسي المالكي "احمد بن مغيث الطليطلي" المتوفى سنة:٤٥٧هجرية، وفقيه قرطبة محمد بن عبد السلام الخشني المتوفى سنة:٢٨٦هجرية، وغيرهما من كبار ففقهاء المالكية؛ لأن البيئة عندهم اختلفت عن البيئة في العراق أو في الحجاز أو في الشام أو في مصر، مع أن بقية فقهاء المالكية رفضوا فتواهم هذه، وكذلك الشافعية والحنابلة رفضوها، حتى قال القاضي أبوبكر بن العربي وهو مَن هو في الفهم والاجتهاد: "ابن مغيث" لا أغاثه الله؛ لأنه توقف عند النص، وعند فتاوى سابقة وأفهام سابقة  لمسألة الطلاق في الإسلام.

وأكد  أن الاغتراب أو التشبث بتفسير النص بطريقة ظاهرية تقف عند لفظ النص وحرفيته، دون فقه النظر وتحري مقاصد الخطاب ومراميه، يجعل الشريعة غريبة تمامًا عن الحياة وهو يؤدي إلى انفصال الدين عن الحياة، وأن الفتاوى المتجمدة التي تُستدعي من قرون مضت دون التأمل في واقع المشكلة التي يراد الإفتاء فيها أيضا يؤدي إلى انفصال الدين عن الحياة، لذلك فإنه لا يجوز الاقتصار على فتوى واحدة في مسالة واحدة في القاهرة أو في باريس أو مقديشو أو جاكرتا، لاختلاف الظروف والبيئات والأحوال، فمثلًا علماء الأندلس تجد عندهم  فروقات كثيرة فيما يسمى بفقه النوازل، بل وجدنا اختلافات كثيرة في المسألة الواحدة بين الفقه في المغرب والفقه في العراق والفقه في الحجاز، مطالبًا المجامع الفقهية في العالم العربي والعالم الإسلامي أن ينظروا في أحوال الناس وأن ينظروا في بعض المسائل المستحدثة؛ كمسالة إيداع الأموال في البنوك التي لا تزال حتى الآن محل اختلاف مع أن هناك  جيلًا من العلماء من أمثال الشيخ أبو زهرة والشيخ على الخفيف تحدث فيها بعمق.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل