المحتوى الرئيسى

«أبو داليا».. رحلة إنعاش لقيمة النحاس التراثية

12/24 20:13

كرسي خشبي يجاروه طبق ملئ بالأساور النحاسية يتناول الواحدة تلو الأخرى يتابع حواف تقطيعها ورسمها ثم يقربها من ماتور يلمعها وينقيها لتكون كالمولود الجديد يضعها في وراء لوح زجاجي لامع.

على بعد خطوات من مسجد الحاكم بأمر الله، يجلس إيهاب خلف كرسيه وأصابعه تروي الكثير من رحلة طويلة مع النحاس بات فيها جزءً لا يتجزء من شخصه.

"أبو داليا".. اسم له مكانة بين سوق النحاسين معروف بجودة عمله، والاتقان الشديد لكافة تفاصيله البسيطة والمعقدة، رحلة ورثها عن والده وورثها إلى ابنه، إيهاب مجدي، منذ كان طفلًا على وشك دخول المدرسة، أراد والده أن يدخله مدرسة النحاس بجانب مدرسته التعليمية، ليتعلم تفاصيل التفاصيل في المهنة، حتى بات إيهاب يفعل الأمر نفسه مع ابنه وابنته مؤمنًا أن التعليم هام لكن أن تملك بين يديك حرفة لا يقل أهمية.

يبحث إيهاب عن أسلوبه الخاص في إحياء روح النحاس، يرغب في أن يلفت اتجاه العالم أجمع والمصريين لذلك المعدن النفيس ذو الطبيعة المميزة، فكما تعلق الانتيكات النحاسية حول العالم محتفين بقيمته كذلك يريد إيهاب أن يجعل النحاس والأعمال اليدوية بشارع المعز ضيف دائم في كل بيت يبحث عن القيمة الحضارية والتراثية بأسلوب حديث.

ويقول إيهاب، لـ"التحرير": "عايز أعلم أجيال تانية تعمل أحسن من اللي بنعمله عشان الصنعة متموتش وتنفع الجيل الجاي من الشباب، وبدل ما يكون وقتهم فاضي، نقدر من خلال ندوات وورش عمل إننا نعلمهم الصنعة ويقدروا يكسبوا من وراها فلوس بإيديهم".

 ورشة جد إيهاب بدأت صغيرة في الخرنفش على بعد خطوات من شارع المعز، إلا أن والده ثم هو حاولا التطوير منها إلى أن أصبحت مصنعًا متخصصًا في المشغولات الفضية والنحاسية المصنوعة المصنوعة يدويًا، ويسعى إيهاب لنقل حرفته، التي تخطى معرفته بها 40 عامًا، إلى كل باحث عن العلم ليفتح له أبواب مصنعه، كما يسعى لمخاطبة وزارات الثقافة والسياحة والآثار للاهتمام بالقيمة التي يحملها النحاس وشارع المعز والعاملين فيه.

ويروي أبو داليا عن حلمه: "مشروع يعلم النحاس في كافة أشكاله أسورة، حلة، صنية، طبلية، كل حاجة ممكن تتعمل من النحاس زي ما لسه منتجات شوارعنا بتتعلق في الدول العربية كقطع أثرية وتراثية، نفسي نرجع نصنع النحاس بشكل كبير واحترافي ونعرف قيمته الحقيقة، تحت شعار دولي هاند ميد.. صنع في مصر، والشارع كله يكون واجهة حضارية تتعرف في كل دول العالم"، موضحًا: "سبب نجاح تركيا إنها عرفت نقطة قوتها في تراثها وواهتمت بيها، إحنا عندنا بنهد الأثر ونطلع مكانه عمارة".

ارتفعت الأسعار، وحل النحاس محل الفضة، والفضة بديلًا للذهب، الذي أصبح صعب المنال على الفقراء، ليصبح مستقبل المشغولات اليدوية، المسيطر على الساحة، ويعرب إيهاب: "النحاس بجودته ومصنعيته اللي صعب تتنفذ في الفضة والدهب هيكون جزء من ديكور كل بيت وأساس في كل حاجة بسبب خامته العالية".

ويعقب عم ممدوح، صاحب خبرة تتخطى 50 عامًا اكتسبها من أبيه في فترة الخمسينات والستينات: "والدي كان شغال في النحاس في فترة الخمسينات، وظهرت صناعة الألومنيوم وقف شغل فيه، وبدأ يشتغل في الألومنيوم، وبعدها ظهر التيفال والاستانلس وشغل المصانع، لكن رجعت أنا بعد كدا مع بداية وجود شارع النحاسين، إني اشتغل في النحاس تاني".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل