المحتوى الرئيسى

"العفيفي" يكشف أسرارا بسورة يوسف .. ويدعو لقراءة عصرية للقرآن

12/24 13:04

كتاب الله “أجل” من أن ندعي تفسيره المطلق

لا كهنوت في الإسلام .. وعلينا التعامل مع الوحي بحقيقته العصرية

هناك من يقول “أنا الإسلام” ويجبرنا على السير بطرق مستهلكة

تجديد الخطاب الديني لا يأتي بقرار رسمي

سورة يوسف” تلخص المشاعر الإنسانية .. وزمنها أقرب للهكسوس

استضاف مركز نهر النيل الثقافي بمدينة الزقازيق الكاتب الصحفي الدكتور مجدي العفيفي، رئيس تحرير جريدة أخبار الأدب السابق ليتحدث عن (السرد في القرآن الكريم.. سورة يوسف نموذجا) .

وفي الندوة التي أدارتها الكاتبة نجلاء محرم رئيس مجلس إدارة المركز، على مدار ثلاث ساعات، أبدي “العفيفي” تفضيله لاستخدام مصطلح “القراءة” أكثر من مصطلح “التفسير”، تأدبا مع القرآن؛ فكتاب الله أعلى وأسمى من أن ندَّعي نحن البشر “تفسيره” لكننا نقرأ ما يمكننا قراءته، وفق معطيات عصرنا العلمية والفكرية والتاريخية والاجتماعية، ومرجعيتنا المعرفية والعرفية والاخلاقية والجمالية .

وفي هذا السياق، فرق الكاتب بين كلمتي “ التلاوة” و”القراءة”؛ فالتلاوة هي نطق اللفظ كما هو، أما القراءة فهي الفهم والتدبر والتبيان.

وأكد “العفيفي” تقديره الكامل لكل خطوة بُذِلت من قبل علماء الدين لفهم وقراءة القرآن الكريم، وأنه لا يمكن إغفال أو إنكار دور العلماء السابقين، وأن العلم عملية تراكمية يُبنى لاحقُها على سابقها. كما أكد على كوننا الآن في أمس الحاجة لاحتشاد العلماء من كافة التخصصات: علماء الدين واللغة والفلسفة والزراعة والفلك والجيولوجيا والكيمياء والفيزياء والتاريخ والجغرافيا وغيرها من التخصصات ليقدموا قراءة أكثر فهما للقرآن الكريم، مستفيدين بما وصل إليه العلم وما تم من اكتشافات وما وصل إليه الإنسان من نُضج ووعي.

وأثار د. مجدي العفيفي عدة قضايا قبل الدخول في رحاب سورة يوسف، حيث طالب بإطلاق سراح القرآن من القيود المفروضة على فهمه وتفهمه وقراءته قراءة كاشفة. وأضاف انه ليس من حق أحد أن يقف ويقول انا الإسلام ، فلا كهنوت في الاسلام، مطالبا بإطلاق سراح القرآن من أيدي الذين يعرضون علينا صورا شاهدناها من قبل آلاف المرات ، ويمشون في طريق تعبنا من السير فيه، وقال اننا يجب ان نتعامل مع التنزيل الحكيم كما لو أنه أنزل على البشرية الآن.

ورفض الكاتب المصري مبدأ الذين يغتالون سبعة قرون ويتجمدون عند الثلاثة والعشرين عاما الأولى، وقد حبسوا الإسلام في البيئة العربية، ثم اختزلوها في مكة والمدينة، ثم احتجزوها في قريش ، وانهم يتوقفون عند السنوات الأولى للإسلام ، وضيقوا الدعوة وشوهوها وهي التي في جوهرها عالمية إنسانية

كما تحدث عن قضية تجديد الخطاب الديني وقال ليس لدينا خطاب ديني واحد عندنا عدة خطابات ومعظمها خطابات هشة، وكل خطاب يقصي الآخر، واشار الي ان التجديد لا يأتي بقرار، ولا يقوم عليه فئة بعينها، فالذين يجددون هم المفكرون الأحرار والباحثون المستنيرون، لا الموظفين في الهيئات الدينية ، فالتجديد يأتي من الحراك الفكري والبحثي. ومن تفاعل الآفكار والابداع لا الابتداع.

وهناك اتجاهات عدة في قراءة القرآن - بحسب الكاتب- ويذكر منها “الاتجاه الثوري” وهو الذي يتتبع الحوادث التاريخية والظواهر الاجتماعية، و”الاتجاه السنني” الذي يستخرج سنن الله في الكون، و”الاتجاه المعادلاتي” الذي يحول أيات القرآن إلى معادلات لها مدخلات تؤدي إلى مخرجات، و”الاتجاه الإحصائي” الذي يعد ويحسب، و”الاتجاه البنيوي” حيث تتوافق فواتح الآيات مع خواتيمها وتتناغم مفردات الآيات مع بعضها البعض والسور كلها في كتلة سردية متناسجة في النعنى والمبنى، ثم و”الاتجاه العلمي” و”الاتجاه اللغوي”و”الاتجاه التوحيدي”..

انتقل الكاتب المصري بالحديث لتحليل سورة يوسف بلاغيا، وبدأ من عتبة النص بحسب النقد الأدبي، وهي العنوان؛ وأشار إلى ورود اسم سيدنا يوسف في القرآن الكريم ضمن أسماء ستة وعشرين نبيا ورسولا، وأنه هو النبي الوحيد الذي جاءت قصته كاملة في سورة واحدة بينما تفرقت قصص غيره من الأنبياء والرسل على عدد من السور.

بعد ذلك انتقل الحديث إلى فاتحة السورة “الر” وتحدث مجدي العفيفي عن رؤيته الخاصة لهذه الفواتح القرآنية وكيف أنها تحمل إشارات ومدلولات تفوق كونها مجرد أحرف متفرقة، وذكر مثلا كلمتي “الكتاب المبين” لا تأتيان في القرآن أبدا إلا عند ذكر قصص الأنبياء؛ حيث وردتا في سور: يوسف وطه والقصص والنمل في سياق ذِكر قصص الرسل والأنبياء.

ومن الظواهر السردية التي تحدث عنها “العفيفي” في سورة يوسف ظاهرة انقسامها إلى متواليات تُفْضِي كل واحدة منها إلى الأخرى، فلولا حدوث واحدة ما أعقبتها أخرى، بدءا من رؤيا يوسف ثم الجب ثم السيارة ثم امرأة العزيز ثم السجن ثم صاحبي السجن ثم رؤيا الملك ثم إخوة يوسف ثم القميص ثم التئام شمل الأسرة اليعقوبية. وتحتوي سورة يوسف على كافة المشاعر والحالات الإنسانية التي يمكن أن تتغشى البشر مثل ثنائيات المحبة والكراهية والغيرة والحقد والحسد والكيد والمكايدة والابتلاء والشفقة والعفة والهوى، والصبر والاجتمال والأمل والرجاء والطموح وغيرها.

أما عن الشخوص في سورة يوسف فهي: شخوص محورية فاعلة كيوسف ( وهو الاسم الوحيد المذكور في السورة) وقد تكرر 33 مرة تصريحا وتلميحا، ثم امرأة العزيز، وشخوص ذات علاقة اجتماعية كإخوة يوسف وأبيه، وشخوص ذات بعد سياسي كالملك والعزيز.

أما الشخصيات المعارضة فتمثلت في سيدنا يعقوب وأخي يوسف الأكبر حيث رفض يعقوب تصديق رواية أبنائه وعارض أخو يوسف الأكبر قتل أخيه وقال لهم: “لا تَقتُلوا يوسُفَ وَأَلقوهُ في غَيابَتِ الجُبِّ”.

وكان للرؤيا دور كبير في سورة يوسف، فهناك رؤيا يوسف، ورؤيا عاصر الخمر، ورؤيا الخباز، ورؤيا الملك، وكل واحدة من هذه الرؤى وجهت مسار الأحداث بصورة كاملة. أيضا للـ”كيد” نصيب وافر في السورة، فهناك كيد إخوة يوسف وهذا كيد شر، وكيد امرأة العزيز وهو كيد شر أيضا، وكيد يوسف لإخوته وكان كيد خير.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل