المحتوى الرئيسى

صفقات لوزان.. تاريخ من استهداف العرب

12/22 17:53

ربما ليس صدفة أن الاتفاق الأولي بين إيران والغرب تم توقيعه في فندق البوريفاج في لوزان بسويسرا، وهو نفس المكان الذي شهد توقيع معاهدة إنهاء الخلافة العثمانية عام 1923، المسماة اتفاقية "لوزان الثانية" تمييزا لها عن اتفاقية لوزان الأولى عام 1912 بين إيطاليا والدولة العثمانية، القاضية بانسحاب الأخيرة من ليبيا لصالح إيطاليا.

ولعل في الأمر رمزية ساخرة ومقصودة في الوقت ذاته، سواء باختيار المكان أو موضوع الاتفاق الجديد الذي يفترض أن يشكل محطة مفصلية وفارقة في الصراع ضد الحضارة العربية الإسلامية الذي عمل المشروع الغربي بحربتيه الصهيونية والفارسية على اجتثاثها وبشكل خاص في الأراضي الواقعة بين الفرات والنيل، التي تضم عواصم الحضارة بغداد ودمشق والقاهرة لتضاف إليها صنعاء التي وقعت فعلا في حضن الاستعمار الغربي الإيراني.

إن العرب بعد أن قدموا كل شيء وخسروا -ماديا وسياسيا على الأقل- كل شيء، آن لهم أن يدركوا أن بقية القصة في نهاية مطافها هي صراع وجود لا أكثر ولا أقل، وأن المركب الذي يعبر مياه منطقتهم المتلاطمة يتسع لراكب واحد لا ثلاثة.

على العرب أن يدركوا أن الخيارات المتاحة محدودة، ومن ضمنها حروب الوكالة، تلك الحرب التي طالما مارسها العرب على مدى قرن من الزمان لحساب غيرهم، فكانت محطتها الأولى صهيل خيولهم صوب القضاء على وجودهم كأمة ومعهم خلافة العثمانيين تحت إمرة عميل المخابرات البريطانية لورانس -الضاحك على العرب- لتصبح معاهدة لوزان الثانية عام 1923 تحصيل حاصل.

أما محطتها الأخيرة فكانت ثورتهم المضادة على ربيع العرب -ورمز تحرر أمة العرب- والتي كانت محصلتها عام 2015 معاهدة لوزان الثالثة ومحصلتها العصف بكيانات قُطرية هزيلة مرسومة بعناية وممهورة بتوقيع سايكس وبيكو.

الحرب ذاتها أي الحرب بالوكالة يمكن أن يقوم بها ثوار -غير مخدوعين كثوار لورانس بالأمس- حيث يصبح بالإمكان -عند تقاسم أعباء التسليح ولعب دور الظهير ليس فقط إزاء الشعوب العربية التي استعمرتها إيران وإسرائيل في العمق العربي، وإنما الشعوب المستعمرة من إيران داخل إيران نفسها- تفكيك الاستعمار الغربي في المنطقة وليس المشروع النووي الإيراني فحسب، وذلك فقط عند إدراك حاجات الشريحتين المستعمَرتين -أعلاه- من الدعم المادي واللوجستي والسياسي.

فتوفر السلاح النوعي -لا الخفيف فقط- يلعب دورا بالغ الأهمية في تسريع حسم صراع تاريخي قدره الأزلي أن ينتصر فيه الطرف الأضعف تسليحا والأقوى عقيدة وبناء معنويا على الخصم المتسلح بكل أسباب القوة المادية.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل