المحتوى الرئيسى

كل ما قد تريد معرفته عن «إعلان موسكو».. البوصلة نحو «الأسد» كثيرًا! - ساسة بوست

12/22 14:48

منذ 1 دقيقة، 22 ديسمبر,2016

اجتمع يوم الثلاثاء الماضي، وزراء خارجية دول روسيا وتركيا وإيران، في العاصمة الروسية موسكو لبحث الأزمة السورية، وخرج الاجتماع الثلاثي بما يُسمى بـ«إعلان موسكو»، الذي يُظهر بجانب خلفيات الأحداث في سوريا، اتجاه البوصلة نحو مزيد من الاستقرار لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

بنود «إعلان موسكو» الأولوية لـ«محاربة الإرهاب» لا الأسد

بعد الاجتماع الذي جمع بين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافرورف، ونظيره الإيراني جواد ظريف، ونظيره التركي مولود جاويش أوجلو، كشف لافروف عمّا وصلت إليه اللجنة الثلاثية، وما اتفق عليه الأطراف الثلاثة بشأن الأزمة السورية، فيما عُرف بـ«إعلان موسكو»، وهكذا جاءت بنود الإعلان وفق ما أعلنه لافروف:

أولوية الدول الثلاث في سوريا تتمثل في محاربة «الإرهاب»، وليست إسقاط نظام الأسد. تأكيد الدول الثلاث عزمها على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وجبهة النصرة، التي تحمل اسم جبهة فتح الشام الآن بعد إعلان انفصالها عن تنظيم القاعدة، وتأكيدها أيضًا على عزل المعارضة عن «الإرهابيين». تأكيد الدول الثلاث على احترام سيادة الأراضي السورية واستقلالها ووحدتها، باعتبار سوريا دولةً ديمقراطية علمانية متعددة الأعراق والأديان. تأكيد الدول الثلاث على عدم وجود حل عسكري للأزمة السورية. إعراب الدول الثلاث عن استعدادهم أن يكونوا أطرافًا ضامنة لمحادثات السلام في سوريا، تهدف للوصول إلى اتفاق بين النظام والمعارضة، واعتبار أنفسهم الأطراف الأكثر فاعلية بشأن سوريا. ترحيب الدول الثلاث بالجهود المشتركة المبذولة شرقي حلب لإجلاء المدنيين والمسلحين، وامتنانهم لجهود منظمتي «الصليب الأحمر الدولي» و«الصحة العالمية» للمساعدة في عملية الإجلاء. اتفاق الدول الثلاث على ضرورة توسيع نطاق الهدنة في سوريا، وتمديد اتفاق وقف إطلاق النار ، وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين دون عوائق. اتفاق الدول الثلاث على استمرار التعاون بينهم حول سوريا واتخاذ الإجراءات التي تساعد على تخطي الركود في التسوية ودفع العملية الإنسانية. تأكيد الدول الثلاث على أهمية جهود الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لحل الأزمة السورية – في إطار القرار الدولي رقم 2254. اعتبار الدول الثلاث أن «إعلان موسكو» يُمثل خارطة طريق لحل الأزمة السورية، مع تأكيد التزامهم بتنفيذ بنوده.

تصريحات رسمية حول إعلان موسكو

وحول التصريحات الرسمية التي أعقبت الإعلان، وصف لافروف إعلان موسكو بـ«الخطوة الرائعة»، معتبرًا إياها بداية لوثيقة يكتبها خبراء روسيون وأتراك وإيرانيون، يتوقع أن تصدر خلال يوم أو يومين منذ «إعلان موسكو»، نافيًا السعي الروسي لفرض حل للأزمة السورية، بعيدًا عن الإرادة الدولية، ورغمًا عن إرادة الشعب السوري.

في حين أكد ظريف على ضرورة إنهاء الأزمة السورية والبحث عن تسوية سياسية تضمن وحدة الأراضي السورية، وقال إن العمل الثلاثي المشترك سيساعد على إنهاء العنف في سوريا، مشددًا على ضرورة التعاون لمواجهة الإرهاب في سوريا.

من جانبه، اعتبر أوجلو أن الحل السياسي هو الأنسب لحل الصراع المستمر في سوريا منذ 2011، وأكد رفض بلاده تقسيم سوريا، وقال إنه لا يجب على أحد الانزعاج من العمليات العسكرية التي تنفذها تركيا شمالي سوريا، ضد «تنظيم الدولة» والمجموعات الإرهابية، في إشارة إلى عملية درع الفرات التي بدأتها تركيا شمالي سوريا في أغسطس (آب) الماضي.

ولفت أوجلو إلى ضرورة أن يشمل وقف إطلاق النار جميع الأراضي السورية، فيما عدا تلك الأراضي الواقعة تحت سيطرة «تنظيم الدولة»، وجبهة فتح الشام. كما أكد وزير الخارجية التركي على ضرورة وقف الدعم لـ«الجماعات الإرهابية» التي تقاتل بجانب الأسد ومنها حزب الله بحسبه، ولكن الجملة الأخيرة لم تكن ضمن بنود الإعلان، بعد تأكيد لافرورف وظريف أن الجماعات الإرهابية المقصودة في الإعلان تلك التي حددها مجلس الأمن بـ«تنظيم الدولة» و«جبهة النصرة».

وفي السياق ذاته، اعتبر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، جون كيربي، أن الحديث عن نتائج إعلان موسكو «سابق لأوانه»، مُضيفًا في تصريحات أدلى بها أمس الثلاثاء، «إذا قادت المناقشات التي جرت في موسكو اليوم إلى نتائج عملية ملموسة، سيكون ذلك أمرًا جيدًا، وسيكون في مصلحة الشعب السوري والاستقرار في المنطقة وسنرحب بذلك».

وأكد كيربي على عمل بلاده جاهدة لفصل مسلحي المعارضة عن جبهة النصرة (فتح الشام حاليًا)، وقال «لقد تحدثنا عن هذا الموضوع إلى حد الغثيان.. لا يمكن القول إننا لم نبذل كل الجهود لإقناع الفصائل المعارضة بالانسحاب من المناطق التي تواجدت فيها النصرة. لكننا لسنا مسؤولين عن كل أنف أو رأس.. فقد قرر بعض المسلحين، ولأسباب مختلفة، أن يتحالفوا مع النصرة أو أن يبقوا في مناطق تواجدها».

ولم تصدر بيانات رسمية من النظام السوري بشأن إعلان موسكو، أو من الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة من المعارضة السورية، في حين أفاد موقع العربية بأن المعارضة السورية انتقدت غيابها عن الإعلان، ورفضت تقرير مصير السوريين «دون حضور المعنيين بأمرهم»، في حين أفاد يحيى مكتبي، عضو الائتلاف الوطني السوري المعارض، للجزيرة بعدم إبلاغ الائتلاف بما توصل إليه وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران، معتبرًا أن إعلان موسكو يعبر عن «مبادئ عامة» وأشار إلى ثقة المعارضة في تركيا واتصالها بها، وعدم ثقتها في روسيا وإيران.

يأتي إعلان موسكو عقب يوم واحد من تصويت مجلس الأمن بالإجماع، يوم الاثنين، على مراقبة مسؤولين من الأمم المتحدة وجهات أخرى لعملية إجلاء المدنيين شرقي مدينة حلب، وقال يانس لايركه، المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن الحكومة السورية سمحت لـ20 موظفًا إضافيًا من موظفيها بـ«مراقبة الإجلاء ومتابعته» شرقي حلب. فيما أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بإجلاء 25 ألف شخص من الجيب الذي تسيطر عليه المعارضة، منذ الخميس الماضي، بينهم 15 ألفًا الاثنين الماضي فقط.

وتأتي المراقبة الأممية والدولية تلك، بعد سيطرة النظام السوري المدعوم بروسيا وإيران وحزب الله، على الجزء الشرقي الذي كان خاضعًا لسيطرة المعارضة، في معارك استهدَفَ فيها النظامُ وحلفاؤه، مدنيي شرقي حلب بضربات استهدفت وفود النازحين الذين حاولوا الفرار من المدينة، وتزامن مع تلك المعارك استعادة «تنظيم الدولة» السيطرة على مدينة تدمر من سيطرة النظام السوري.

نسخة من بيان فتح الشام الذي أعلن فيه مسؤوليته عن مقتل السفير الروسي

وتجدر الإشارة إلى أنه في اليوم السابق لإعلان موسكو، قتل السفير التركي أندريه كارلوف بأنقرة، في حادث أزعج السلطات التركية والروسية ونفذه ضابط شرطة تركي، يُدعى مرت ألتنتاش، وتم تبني الهجوم بعد ذلك من قبل جبهة فتح الشام (النصرة سابقًا) وهو تبنٍّ اعتبرته صحف معارضة تركية انتقامًا لتغير الموقف التركي تجاه جبهة فتح الشام.

هل تصب لعبة الأولويات في مصلحة الأسد؟

«يجب أن يرحل الأسد القاتل، الذي قتل 600 ألف من مواطنيه»، هكذا قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تصريحات صحافية له أدلى بها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، معبرًا عن الأولوية التركية في رحيل الأسد على الأقل من منظور سياسي، وإن انصب الاهتمام العسكري التركي في سوريا على مواجهة «تنظيم الدولة» شمالي سوريا على الحدود التركية السورية، وضمان تقليص النفوذ الكردي هناك.

وكانت تركيا تُعَدّ أقوى داعم إقليمي للمعارضة السورية وأبرز دولة معارضة لبقاء الأسد، بجانب مواقف سياسية أمريكية معلنة داعمة للمعارضة السورية، ومعارضة للنظام السوري، دون أن تتطور لمواجهة عسكرية ضد الأسد، إلا أن الدعم السياسي للمعارضة في سوريا، وبالأخص من أمريكا، التي كانت تُعَدّ الداعم الدولي للمعارضة السورية، كان يُشكّل نوعًا من التوازن داخل حلبة الصراع السورية.

ولكن هذا الموقف الأمريكي كان في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي شارفت ولايته على الانتهاء، ليحل محله الشهر القادم الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي أكد  بشكل واضح عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية، لصحيفة «وول ستريت جورنال»، أن «تعزيز نظام بشار الأسد هو الطريق الأفضل للقضاء على التطرف الذي ازدهر في فوضى الحرب الأهلية والذي يهدد أمريكا».

وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية، أن السياسة التي يفضلها ترامب في الأزمة السورية، تتمثل في تحالفه مع روسيا وسوريا، لمواجهة «تنظيم الدولة»، لافتةً إلى أن ترامب عبّر عن عزمه إنهاء الدعم الأمريكي للمعارضة السورية المسلحة، رغم طلبها ذلك منه.

وعليه، فمن المتوقع أن تنصرف الولايات المتحدة عن دعم المعارضة السورية، وتتوجه لدعم الأسد وروسيا تحت اسم «الحرب على الإرهاب»، مع بقاء الدعم لعدد من الدول العربية والغربية للمعارضة السورية، وهو دعم مرشح للتقلص أيضًا، إذا ما وصل اليمين المتطرف إلى الحكم في فرنسا في الانتخابات التي تنتهي في مايو (أيار) المقبل.

أما عن الجانب التركي، فيمثل البند الأول من إعلان موسكو على ما يبدو تغيرًا في الأولويات التركية في سوريا، على عكس ما أعلنه أردوغان، لتتقدم أولوية محاربة الإرهاب على إسقاط الأسد. ربما تكون حادثة اغتيال السفير الروسي عاملًا ضاغطًا لما يمكن وصفه بـ«رضوخ» تركيا للمطالب الروسية والإيرانية في هذا الصدد، بجانب ما تعتبره تركيا مخاطرَ إرهابية تأتيها من «تنظيم الدولة» و«القاعدة» و«حزب العمل الكردستاني» و«جماعة فتح الله جولن»، وقد شهدت تركيا خلال الفترة الماضية العديد من الهجمات الدموية.

وجاء هذا التغير التركي في الأولويات، في الوقت الذي يعلن فيه النظام السوري وحلفاؤه عن أولويتهم أيضًا في مواجهة «تنظيم الدولة» والجماعات الإرهابية. وهي أولوية معلنة بدا عدم تحققها على أرض الواقع خلال الأسابيع الأخيرة، عندما تزامن استعادة «تنظيم الدولة» لمدينة تدمر، مع تكثيف هجمات النظام السوري وحليفه الدولي الأكبر روسيا، على الفصائل المعارضة والمدنيين شرقي حلب، تلك الهجمات التي انتهت بسيطرة النظام وحلفائه على حلب، في واحدة من أكبر الانتصارات الإستراتيجية لمعسكر النظام على الأراضي السورية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل