المحتوى الرئيسى

«الضرب تحت الحزام» بات متاحا بعد تحرير حلب

12/22 08:28

لم يكن اصرار وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو على احراج نظيريه الروسي والايراني في موسكو من خلال محاولة اجراء مقايضة علنية بين حزب الله والمجموعات الارهابية في  سوريا، مجرد «زلة لسان» عابرة، بل استكمال لضغط علني واكبته بعد ساعات وزارة الخارجية الاميركية، وهو جزء من نقاشات خلف «الابواب المغلقة»، هدفها الرئيسي اخراج حزب الله من المعادلة السورية..طبعا لن ينجح الامر، ولن يكون تمريره سهلا، لكن هذا الاصرار على ان يدفع الحزب «الثمن» يزيد من القلق، ويرفع منسوب التحديات الامنية على الساحة اللبنانية في مرحلة مفصلية من تاريخ الصراع على سوريا…

اوساط دبلوماسية في بيروت، تتخوف من ارتدادات «سقوط» حلب على المشهد الامني اللبناني، فالحدث ليس بسيطا وليس من السهل على الدول المعنية بدعم المسلحين «هضم» هذا التحول دون ردود مفترضة على الجهات المؤثرة في هذا الحدث وفي مقدمتها حزب الله، طبعا الحرص الغربي والاقليمي على الاستقرار في لبنان مستمر، لا يريد هؤلاء سقوط البلاد في الفوضى، المسار السياسي المتصل بتشكيل الحكومة بعد اتمام الاستحقاق الرئاسي يؤكد هذا الامر،»غلبة» 8آذار في التشكيلة لم يمنع ولادتها، لكن الاستقرار العام شيء وضرورة «معاقبة» حزب الله شيء آخر… ووفقا لاجندة هؤلاء فقد حان «وقت الحساب» لان ما قبل حلب ليس كما بعده..

وتدعو تلك الاوساط الى ضرورة الحذر والتنبه من خطورة المرحلة الراهنة، فاللقاء الثلاثي في موسكو لم يكن فقط بداية مسار جديد للتفاهمات الايرانية، التركية، والروسية، بل كان بمثابة الاعلان الرسمي عن تهميش قوة اقليمية ودولية مؤثرة في الحرب السورية، الولايات المتحدة والسعودية وقطر وحتى اسرائيل، يشعرون بان دورهم بات في دائرة الخطر الجدي، لديهم الكثير من «الاوراق» في سوريا، لكنها قد لا تكون كافية للضغط على باقي الاطراف لتحسين شروط «اللعبة»، والتقليل من الخسائر، تصاعد «موجة» الارهاب من اغتيال السفير الروسي في انقرة، الى الانفلات الامني «المشبوه» في الاردن، وحادثة «الدهس» في المانيا، ليست الا نماذج او «بروفات» لما يمكن ان يحصل في المرحلة المقبلة، سقوط حلب اسقط «الخطوط الحمراء» في الصراع، واتخذ «الكباش» منحى آخر، «الضرب تحت الحزام» بات متاحا لجميع «اللاعبين»، الخاسرون يبحثون عن ساحات اخرى للتعويض، وفرض معادلات جدية، لذلك لن تكون الساحة اللبنانية استثناء، بالنسبة لهؤلاء حزب الله وبيئته هدف مشروع، كذلك المؤسسة العسكرية، ولذلك ثمة حاجة ملحة لرفع منسوب الاستنفار الامني في الداخل وعلى الحدود الشرقية…

لكن لماذا تصر تلك الاجهزة الاستخباراتية على ضرورة ان يدفع حزب الله ثمن معركة حلب؟ لسبب بسيط، تقول تلك الاوساط، انه المجموعة المقاتلة الاكثر تأثيرا في فرض تحولات جذرية في مسار الحرب السورية… واذا كان الحزب يتقصد عدم «التبجح» في ابراز دوره في معركة حلب، لاسباب كثيرة مرتبطة بملفات امنية وعسكرية، يتفرع منها سبب آخر يتعلق بعدم رغبته في استفزاز اي احد خصوصا على الساحة اللبنانية..فان هذا الامر لا يلغي حقيقة دوره الرئيسي والحاسم في المواجهة شمال سوريا، وهو امر يدركه جيدا الحلفاء والاصدقاء والخصوم…

ووفقا للمعطيات، ثمة مرحلتين مفصليتين يمكن الحديث عنهما للاضاءة على اهمية دور مقاتلي الحزب في المواجهة الاخيرة، نعم كانت معركة القصير مفصلية لحماية الداخل اللبناني، ولاعادة التوازن المفقود في بداية الحرب، وكذلك لا يمكن انكار اهمية دور المقاومة في حماية دمشق ومنع سقوطها بعد التفجير الذي استهدف القادة الامنيين في العام 2012، لكن ما حصل مؤخرا في حلب زاد قناعة الاجهزة الاستخباراتية التي تدير غرف عمليات المسلحين ان وجود حزب الله الامني والعسكري كان حاسما في خسارة المعارضة للمدينة…

وبحسب المعطيات الميدانية، فان المعارك الرئيسية «الاقتحامية» المباشرة للاحياء الشرقية خاضتها اربع قوى عسكرية، وحدات الحرس الجمهوري، وقوات العقيد سهيل الحسن المعروف «بالنمر»، و«صقور الصحراء»، ومعهم وحدات عسكرية من «لواء القدس» الفلسطيني، تلك القوات كانت رأس حربة في المواجهات على الارض، وكان دور حزب الله في هذه المرحلة لوجستيا، وكان شريكا فاعلا في غرفة العمليات التي كانت تدير المعركة لحظة بلحظة…

لكن الدور المركزي الحاسم في الحرب لم يبدأ مع بدء عمليات قضم الاحياء الشرقية، فمقاتلي الحزب خاضوا معركة مفصلية في منطقة الـ «1070» شقة، وضاحية الاسد ومحيطهما، كان لها الفضل في تحرير المدينة لاحقا، فقد تمكنت وحدة خاصة من «قوات الرضوان» لا يزيد عديدها عن المئة مقاتل من افشال هجوم شنه نحو  4الاف مسلح، ولم يكن الهدف يومها فقط فك الطوق عن الاحياء الشرقية، بل الدخول الى المنطقة الغربية واسقاط كامل حلب بيد المجموعات المسلحة، كانت تقديرات الاجهزة الاستخباراتية ان مقاتلي الحزب لن يصمدوا في تلك الجبهة وحدهم بعد تراجع قوات الحلفاء من الخطوط الامامية تحت ضغط العمليات الانتحارية والقصف المدفعي العنيف وعبر راجمات الصواريخ الحديثة التي تسلمها المسلحون قبل الهجوم، لكن المفاجأة كانت في «تكتيكات» ميدانية نجح من خلالها مقاتلو الحزب في تعطيل الموجة الاولى والثانية للهجوم، عبر منع الآليات المفخخة من الوصول الى اهدافها، ما افقد المجموعات المهاجمة القدرة على احداث «الصدمة» «والترويع» التي كانت كفيلة باسقاط خطوط الدفاع الاولى عن المدينة، بعدها انهار الهجوم، وتكبدت المجموعات المسلحة خسائر كبيرة بفعل تدخل سلاح الطيران في مرحلة لاحقة واستهدفت القوات المنسحبة من ارض المعركة وكانت «نقطة التحول» في معركة حلب…

ولم تتوقف «خطورة» حزب الله في المواجهات الميدانية فقط، فهو تحول الى «شوكة» امنية في «حلق» تلك الاجهزة الاستخباراتية بفعل قدرته على تحقيق اختراقات تقنية لمنظومة الاتصالات الموجودة لدى المسلحين، ما سمح له في معظم الاحيان التقدم بخطوة على هؤلاء، وفي هذا السياق يحمّله هؤلاء افشال «التهريبة» التي حاولوا تمريرها على الجانب الروسي بعد الاتفاق الذي حصل على اخراج المسلحين من حلب الشرقية، فبنود الاتفاق تعدلت بعد دخول حزب الله بقوة على خط الاعتراض على حصول انسحاب احادي الجانب دون مقابل او ثمن، وهو امر تبناه الجانب السوري والايراني ما شكل «موجة» ضغط على الروس لادخال تعديلات على التفاهم مع تركيا، وهكذا حصلت «المقايضة» مع المحاصرين في بلدتي كفريا والفوعا في ريف ادلب… لكن القصة لم تنته هنا، فهؤلاء يحمّلون مقاتلي الحزب مسؤولية فضح محاولة تهريب المسلحين للاسرى والسلاح الثقيل والمتوسط من الاحياء الشرقية، ويتهمون مقاتليه بانهم المسؤولين عن توقيف نحو 900 من المقاتلين في قافلة كانت تهم بالخروج من حلب عبر منطقة 1070 شقة، حيث اصر مقاتلو الحزب على تفتيش الحافلات، وتمت مصادرة كل «الممنوعات»، واستعادة بعض الاسرى، واعيد المسلحون الى الاحياء الشرقية لكن ثمة من يؤكد ان عدد العائدين لم يكتمل بعد ان نجح الحزب باعتقال قيادات كبيرة من جنسيات عربية وغربية على درجة كبيرة من الاهمية… هذه الحادثة عدلت مسار عملية التبادل، وفرضت معادلة امنية وعسكرية على الارض لم تكن ملحوظة في التفاهم الروسي ـ التركي…

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل