المحتوى الرئيسى

دراسة: انتهى عصر الاعتماد على الطلب المحلى فى نموذج النمو المصرى

12/21 22:10

ــ التضخم سيخنق الطلب.. ودفع عجلة النمو يستوجب إنعاش الاستثمار والتصدير

ــ الحكومة لم تعالج المشكلات الهيكلية والإجرائية والتنفيذية فى الاقتصاد ما دفع المستثمرين إلى تجميد استثماراتهم الجديدة

ــ زيادة الدين تقلص من قدرة الدولة على الإنفاق والحل فى زيادة حصيلة الضرائب

انتهى عصر الاعتماد على الطلب المحلى كعامل رئيسى فى نموذج تحفيز النمو المصرى، فى ظل التأثير المتوقع للتضخم، وأصبح من اللازم الاعتماد بدلا منه على الاستثمار والتصدير، وفقا لدراسة حديثة تحت عنوان «كيف نحدث تغير فى الاقتصاد المصرى»، أعدها محسن عادل، عضو المجلس الاستشارى الاقتصادى للرئيس عبدالفتاح السيسى.

وترى الدراسة أن الأساس فى الأزمة الاقتصادية الحالية فى مصر، سواء على المستوى النقدى أو الاقتصادى، هو عدم قدرة الاقتصاد على تنمية موارده بالعملات الأجنبية مع تراجع موارد الدولة من العملة الأجنبية، والتى تحصل عليها من قطاع السياحة، وفى ظل عدم نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والصادرات.

وأكدت الدراسة أن ضعف الطاقات المتاحة لإنتاج سلع أساسية أهمها الغذاء، يفاقم أزمة الاقتصاد، ويضطر الدولة لاستيرادها، فضلا عن اعتماد الكثير من الصناعات القائمة على المدخلات المستوردة وضعف المكون المحلى بنسب متفاوتة.

وقالت الدراسة إنه لكى يتم علاج هذه الأزمة يجب إحداث تنمية صناعية مستدامة، تعتمد على خطة لإقامة صناعات للإحلال محل الواردات من ناحية، وتنمية التصدير من ناحية أخرى.

وبحسب الدراسة، فإن الطلب المحلى، وهو طلب الأفراد والشركات العاملة فى السوق على شراء السلع، مازال هو المحفز الأساسى للنمو الاقتصادى فى مصر.

ويتحدد معدل النمو وفقا لثلاثة عناصر هى الاستثمار والاستهلاك (الطلب المحلى)، والتجارة الخارجية (صادرات وواردات أى دولة).

ووفقا للدراسة، حققت مصر نموا بنسبة 4.3% فى العام المالى 2015/2016، ساهم الطلب المحلى وحده فى إنجاز 4.2% من تلك النسبة، بينما ساهم الاستثمار بـ1.7%، قابلها رقم سالب فى تعاملات التجارة الخارجية أدى لخفض معدل النمو بـ1.6%.

وقالت الدراسة إن هذا النموذج تعتمد عليه وزارة التخطيط منذ سنوات طويلة باعتبار أنه يتماشى مع الاتجاه العالمى الذى بدأته دول مثل الصين والولايات المتحدة مع تباطؤ النمو الاقتصادى العالمى، ما دفع هذه الدول للاعتماد على الطلب المحلى بدلا من التجارة الخارجية والاستثمار اللذين تأثرا سلبا.

وتؤكد كل بنوك الاستثمار والمحللين أن الطلب على السلع والخدمات سوف يتراجع بسبب ارتفاع الأسعار، والتى ستحد من قدرة الأفراد على الشراء.

وكان الرقم القياسى لأسعار المستهلكين، وهو الذى يقيس معدل الارتفاع فى الأسعار قد سجل زيادة شهرية بلغت 5%، وهو أعلى رقم لهذا المؤشر منذ 2008، وقفز المعدل السنوى إلى أكثر من 20% فى نوفمبر الماضى.

التضخم فى ظل نموذج النمو الحالى

وقالت الدراسة إن القرارات الأخيرة التى اتخذتها الحكومة المصرية بدءا من تحريك أسعار بعض الخدمات (مثل الكهرباء) أو زيادة الضرائب على الاستهلاك (الضريبة على القيمة المضافة) أو تحريك أسعار الصرف وزيادة أسعار الوقود أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم فى مصر، فى وقت تراجعت فيه معدلات النمو الاقتصادى، مما تسبب فى ازدياد شعور المواطنين بالضغوط الاقتصادية.

وأوضحت أن نمو الأسعار (التضخم) لم يقابله نموا فى الدخول الحقيقية للمواطنين نتيجة تراجع النمو الاقتصادى لأسباب عدة، على رأسها أن الاستهلاك العام والخاص ما زالا مستمرين فى دفع حركة النشاط فى مصر بشكل أساسى، والإجراءات الأخيرة والمرتقبة تحجم من معدلات الاستهلاك، «وبالتالى فإن الاعتماد على الطلب لدفع النمو سيكون صعبا».

وتابعت الدراسة أن المشكلات الهيكلية والإجرائية والتنفيذية فى العديد من القطاعات ما زالت كما هى، خاصة فى قطاعات الاقتصاد، ولم تتخذ الحكومة المصرية خطوات جادة نحو معالجتها، مما دفع المستثمرين إلى التراجع عن ضخ استثمارات جديدة محليا.

وأضافت أن ارتفاع معدلات البطالة خلال الفترة الماضية نتيجة الأوضاع الاقتصادية، أضعف من متوسط دخل الأسر المصرية الحقيقية.

وقالت إن العامل الأساسى فى التضخم هو زيادة أسعار العملات الأجنبية أمام الجنية المصرى وهو ما بدأ ينعكس بآثاره على أسعار السلع فى السوق المحلية.

وقالت إنه يجب تقليل الواردات والمساعدة فى زيادة الصادرات وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حتى لا تكون مصر بحاجة إلى مواصلة البحث عن التمويل الخارجى، للإبقاء على الاحتياطى الأجنبى عند المستويات الآمنة.

تحت عنوان «الاستثمار محرك النمو»، قالت الدراسة إن معدل الاستثمار خلال العام المالى 2015ــ2016 بلغ 15%، بزيادة كبيرة عن العام المالى السابق له، والذى بلغ فيه معدل الاستثمار 14.3%.

وطالبت الدراسة بالاعتماد على محركات أخرى للنمو مثل الاستثمار والصادرات «كمحفزات بدلا من الاعتماد الكلى على الطلب فى دفع عجلة النمو».

وعلى الرغم من المطالبة بأهمية أن يكون الاستثمار هو المحرك للنمو، قالت الدراسة إن الاستثمار فى مصر يصطدم بالمنظومة التشريعية المتعلقة بمناخ الاستثمار، و«التى تحتاج إلى عملية مراجعة شاملة».

واقترحت الدراسة تحسين مناخ الاستثمار عبر الاعتماد على التأسيس الإلكترونى للشركات، وخفض فترة التأسيس، وضغط إجراءاته مرورا بتعديل فى تشريعات تأسيس الشركات وإجراءاتها وضوابط حوكمتها وخطوات انجاز التعاقدات معها، وكذلك آلية تخصيص الأراضى، وتوصيل المرافق.

وأضافت أن من ضمن المطالب التى يجب أن تتحقق لتحسين مناخ الاستثمار «تصحيح المنظومة الضريبية، وإعادة ضبط منظومة التخارج من السوق، وقوانين الإفلاس، ووضع آلية ناجزة لفض المنازعات الاستثمارية».

وتعكف الحكومة على تعديل قانون الاستثمار، الذى ظهر عشية عقد مؤتمر الاستثمار فى مارس 20155، «التعديلات ستعمل على تلافى العيوب التى ظهرت مع تطبيق القانون، حيث لم تنتج الآثار المتوقعة منه حتى الآن، خاصة فى ظل عدم اطلاق خريطة واضحة للاستثمار فى مصر».

وكانت تقارير صحفية قد أشارت إلى أن هناك خلافات بين وزارات المالية والصناعة والاستثمار، حيث ترفض المالية مقترحات بمنح اعفاءات أو مزايا ضريبية للمستثمرين فى القانون الجديد.

وقالت الدراسة إن النمو المحدود لمعدلات اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مصر لا يعود فقط إلى الظروف التى تمر بها المنطقة، أو للأزمة المالية العالمية، لكنه مرتبط فى الأساس بعوامل داخلية تتعلق بإدارة مناخ الاستثمار ومعالجة معوقاته والقضاء على التشابكات الادارية، وطول فترة حسم الاجراءات الخاصة بالتراخيص والموافقات رغم الجهود الاصلاحية التى تتم على هذا المستوى لاحقا.

ضرورات التعامل مع الدين العام المتنامى فى مصر

«إن الدين العام لن يتوقف عن النمو، طالما كان هناك عجز فى الموازنة»، قالت الدراسة عن أزمة الدين فى مصر.

وقفز الدين المحلى فى مصر من 1.410 تريليون جنيه فى يونيو 2013 إلى 2.480 تريليون فى يونيو 2016، بزيادة تريليون جنيه فى 2016.

وأشارت الدراسة إلى أنه كلما زاد حجم الدين كلما تسبب ذلك فى تخفيض حجم الإنفاق العام، حيث يلتهم الدين كل الموارد التى تأتى للدولة، ويصبح من الصعب زيادة الإنفاق على باقى البنود (الأجور – الاستثمارات الحكومية ــ الخدمات الأساسية).

وطالبت الدراسة، بأن تتم زيادة المتحصلات الضريبية حتى يمكن مواجهة هذا العجز.

«العجز المتحقق فى الموازنة لن يتوقف إلا إذا زادت المتحصلات الضريبية بقيمة بأكبر من مدفوعات الفائدة على الدين القائم»، تابعت الدراسة.

وقالت إن أدوات الدين المحلى تمثل نسبة متصاعدة من ودائع وحدات الجهاز المصرفى، فى الوقت الذى تراجعت فيه معدلات توظيف القروض إلى الودائع على مستوى القطاع ككل، وهو الدور الرئيسى المعنية به البنوك كوسيط مالى لتوظيف ودائعها فى مشروعات تحقق قيمة مضافة لاقتصاد البلاد.

انتقادات لأداء المالية فى وضع الموازنة

وقالت الدراسة، إن إحدى أهم المشكلات فى عملية إعداد الموازنة، أنها لا تتضمن وضع «سقوف» للإنفاق للقطاعات المختلفة التى تقدم موازناتها لوزارة المالية، وهو ما يتسبب فى عدم تحديد أوجه الإنفاق وأولوياته.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل