المحتوى الرئيسى

مُحمد عبد السلام يكتب: الإخوان المسلمون: تأسيس ثالث أم انشقاق جديد | ساسة بوست

12/21 21:47

منذ 1 دقيقة، 21 ديسمبر,2016

شهدت جماعة الإخوان المسلمين في مصر عدة انشقاقات طوال تاريخها الذي يجاوز العقود الثمانية، إلّا أنّه لم يجرؤ أحد في السابق على الخروج على القيادة التقليدية مصطحبًا معه الاسم اللامع في عالم الحركات الإسلامية المعاصرة اسم «الإخوان المسلمين».

حرص المنشقون في كل مرة على العمل تحت لافتة جديدة مثل حركة «شباب محمد» لمحمد عطية خميس، و«الإخوان المجاهدون الأحرار» لأحمد السكريّ، أو أحزاب سياسية لاحقًا، مثل حزبي «الوسط» و«التيار المصري»، وربما السبب في ذلك أنهم كانوا في كل حادثة أفرادًا معدودين، حتى وإن كانوا رموزًا بارزين.

إلّا أنّ ما حدث في الأيام الأخيرة من إعلان ما يسمى «اللجنة الإدارية العليا» عن تأسيس ثالث للجماعة، مُصدِّرةً بياناتها باسم «جماعة الإخوان المسلمين» يشكل سابقة في تاريخ الحركة ويخلق على الأرض واقعًا جديدًا يتمثل في وجود هيكلين إداريين مختلفين لجماعة واحدة.

لا يتوقف السبق على وجود جهتين تديران باسم الإخوان المسلمين، وإنما الأكثر طرافة أنَّ كلًا منهما يضع على رأس التنظيم المرشد الحاليّ، ونفس أعضاء مكتب الإرشاد المعتقلين في سجون الانقلاب!

أعتقد أن هذه الجرأة على الانشقاق عن القيادات التاريخية باسم «الإخوان المسلمين» – وليس باسم جديد – لم تأت من فراغ؛ فهناك عدة أسباب قد تدفع إلى اتخاذ خُطوة هوْل مثل هذه، يأتي في مقدمتها حالة عدم الرضى من فئات عديدة في المجتمع عمّا يحدث في البيت الإخواني، والتي تقابلها حالة من الغضب المكتوم، والإحساس بالخيبة في صفوف الإخوان، الأمر الذي دفع الكثيرين منهم إلى الانسحاب من أنشطتها ومساراتها أو الكتابة الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي والردود القاسية على بيانات الجماعة؛ مما حدا بعضو مكتب الإرشاد «د. محمود حسين» إلى إصدار بيان مطوّل ينتقد فيه مثل هذه السلوكيات.

ترجع ثورة السخط التي يعيشها أفراد الإخوان بالأساس إلى  عدم وجود فعل أو حتى ردة فعل تجاه الأحداث التي تعيشها مصر والجماعة.

الأمر الذي جعل نسبة كبيرة ترى أنّ القيادة الحالية لم تعد قادرة على إيجاد وسائل وقائية للضربات الأمنية القاسية التي يوجهها نظام  السيسي للمواطنين؛ مما أدى إلى اعتقال الآلاف من الرجال والنساء والأطفال.

وكذلك الفتور في التعامل مع أحكام الإعدام التي طالت أعضاء مكتب الإرشاد ورموز العمل الإخوانيّ، والعجز عن التعامل مع الانتهاكات الحقوقية التي يتعرض لها المعتقلون وبالطبع التصفية الجسدية التي يتوسع فيها نظام الثالث من يوليو (تموز) يومًا بعد يوم.

أضف إلى ذلك عدم النجاح في تحقيق أي تقدم في ملف الثورة المصرية، سواء في الداخل أو الخارج، وتجمد جميع المسارات الثورية بدءًا من مظاهرات الشارع وانتهاءً بملف الملاحقات الحقوقية لرموز الانقلاب والعمل الإعلامي والدعائي.

ولا يمكن ونحن نتحدث عن أساب السخط على القيادة القديمة أن نغفل الظهور الإعلامي الرديء – في أغلبه – لجبهة القيادات التاريخية الذي دائمًا ما يثير الجدل والصخب، ويخلق حالة من التبرم  في الكتلة الإسلامية الداعمة.

الحالة التي تعيشها جماعة الإخوان المسلمين في ظل قيادتها الحالية كانت أفضل توطئة للمجموعة الجديدة لتعلن عن نفسها مرتدية حُلّة شبابية، متقمصة روحًا ثورية هي الأقرب لرغبة التيار العام.

خطوة الهروب إلى الأمام باسم الجماعة دعمّها بلا شك أنّ ما يطلق عليه «التأسيس الثالث»  نشأ كإحدى استراتيجيات الإخوان لإعادة تجديد الدماء في الفترة التي تولى فيها الدكتور محمد كمال – عضو مكتب الإرشاد – قيادة التنظيم، وذلك قبل أن يظهر التيار التقليدي، أو ما اصطلح على تسميته بجبهة «د. محمود عزت» من جديد لمحاولة إعادة التحكم في مفاصل الجماعة بعد أن استشعروا أن أفكار «كمال» – الذي اغتاله النظام المصري  لاحقًا – تختلف عن فهمهم لثوابت وأصول الإخوان.

على الجانب الآخر، فإن الجماعة الجديدة التي تزعم رفع راية إحياء الفكرة وفق روح العصر وتمكين المرأة والشباب صدمت جمهورها ومتابعيها بقرارتها التي انتهت بتولية «مجاهيل» مسؤوليات إدارة هياكلها، ووقعت في نفس المأخذ الذي وقع فيه أسلافهم من الفريق الآخر، وهو عدم الشفافية بدعوى «الاحتياطات الأمنية».

لا يمكن للجماعة الجديدة، إذا أرادت أن تستمر بجديّة معبرة عن الإخوان المسلمين، أن يكون على رأس مناصبها العامة أسماءً مستعارة أو وهميّة، وإلّا ستفقد مصداقيتها عند الرأي العام الداخلي والخارجيّ على السواء.

من ناحية أخرى لم يوضح لنا أصحاب التأسيس الثالث الذين جاءوا بانتخابات يعتقد أنها «صحيحة» و«حقيقية»، ما هي نسبة تمثيل المكاتب الإداريّة للمحافظات في كيانهم الجديد؟ وهل من شارك في انتخاباتهم يمثل الكتلة الحقيقية للإخوان خارج السجون أم أنهم أقليّة تسعى للتواجد الإعلامي فقط، بعد العجز عن استقطاب أفراد الإخوان بشكل حقيقي على أرض الواقع؟

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل