المحتوى الرئيسى

«بلد السلطان».. مسرحية تعزف على أوجاع الوطن

12/21 09:54

انطلقت منذ أيام مسرحية «بلد السلطان»، بطولة محمود الجندى، وإخراج محمد حسن على قاعة صلاح جاهين بمسرح البالون وسط إقبال جماهيرى كبير.

تتناول المسرحية موضوعا شائكا حول سلطان عاجز جنسيا ومرتبك وفاشل فى كل شىء، ويعتمد فى كل أموره على وزيره «ميمون» الذى يخدع السلطان ليحقق أرباحا مادية ومصالح شخصية من ورائه بعد أن أجبر السلطان على تعيينه رئيسا للوزراء بناءً على أمر من ملك الأعاجم.

ويحاول «ميمون» أن يفك ربط السلطان بأن يصنع له «زارا» فى المقابر ولكنه يفشل فى أن يعالج السلطان أو يتخذ قرارا بالحرب ضد الدول المعادية فيظهر البطل الشعبى «عم أحمد» ليقود الجيش وينتصر فى الحرب ثم يعود ليحاول ميمون التخلص منه خوفا من شعبيته التى أصبحت تمثل خطرا على السلطان فيقوم باعتقاله ولكن الجماهير تنجح فى تخليصه من أيدى ميمون ورجاله.

وفى قالب كوميدى استعراضي، تتعرض المسرحية للصراع بين «بلد السلطان» بظلمه ومؤامراته، وبين «بلد الغلبان» بانحيازه للفقراء والبسطاء، حيث ينتصر العرض فى الأخير للفقراء وينحاز للبطل الشعبى الذى انتصر على أعداء الخارج و اختاره الناس للدفاع عن مصالحهم فى مواجهة « السلطان الجائر». كما حمل النص دعوة ملحة للعمل والاصطفاف الوطنى لتجاوز الصعاب والمحن، وكانت أشعار جمال بخيت وأغنيات محمد عزت عاملا أساسيا لنجاح العمل بشكل مثير للانتباه حيث تفاعل الجمهور مع أغنياته خاصة أغنية «الزار» التى اختار فيها السيدة زينب وأولياء الله الصالحين، وكانت ملمحا أساسيا من الحارة المصرية المظلومة، بالإضافة إلى 7 أغنيات صاغها بشكل مميز نقلت كلها طابع المجتمع المصرى بشكل مميز.

كما تناول العرض العديد من الصور الموجودة فى المجتمع المصرى، من بينها الزار والمناطق الشعبية وبعض المهن الشعبية التى بدت تنقرض مثل: «بائعو فواكه اللحوم، والحداد، والإسكافى، وغيرها من المهن التى يخجل منها البعض، لكنها فى حقيقة الأمر مهن مهمة حيث ينادى العرض المسرحى بضرورة الاهتمام بجميع المهن حتى تنهض الدولة بأبنائها وهو الشعار الذى رفعه صناع المسرحية خاصة مخرجها وبطلها الفنان محمد حسن، الذى قدم شخصية السلطان بشكل مميز لفت الانتباه وأثار الجدل خاصة فى انتقاده للأوضاع الاقتصادية الحالية.

المخرج محمد حسن أكد أنه كان يخطط لتقديم مسرحية «بلد السلطان» منذ عدة سنوات، نظرًا لأهمية الموضوعات التى تطرحها وتتماس مع هموم الجمهور ومستقبلهم.

وقال حسن: تتناول المسرحية قصة سلطان عاجز وضعيف ويترك أمور السلطة إلى كبير وزرائه الذى تم تعيينه بناء على رغبة سلطان العجم، فى إشارة إلى التدخل الأجنبى فى حكم البلاد الذى يتسبب فى كثير من المشاكل الداخلية؛ وقد سعدت بالعمل مع النجمين الكبيرين محمود الجندى والراحل أحمد راتب، الذى افتتحنا به العروض ثم رحل  فضلا عن النجم جمال بخيت والفنان الكبير مهندس الديكور حسين العزبى، بالإضافة إلى فريق عمل المسرحية من العاملين بمسرح البالون ومن الخارج.

وحول واقع المسرح أكد «حسن» أن المسرح المصرى موجود وبقوة وعلى أصعدة عدة ولكنه يمر فى هذه الفترة بكبوة، خاصة أنه اختزل لدينا فيما يقدمه أشرف عبدالباقى ورفاقه من اسكتشات كوميدية وهو لا ينتمى للمسرح ولا يمت للمسرح بصلة وهو ما أضر بقيمة المسرح وبالأعمال التى يتم تقديمها خلال المسرح الجاد على الرغم من أن مسرح الهواة والمسرح المستقل ما زال قابضًا على الجمر ويقدم مسرحًا محترمًا حتى الآن.

وضرب «حسن» مثالًا لذلك بالمهرجانات العديدة التى نرى خلالها إبداعات الكثير من شباب المسرحيين وفيهم الأمل، أما وزارة الثقافة فقد تخلت عن دورها تمامًا، وقد شهدت هذه المسرحية بيروقراطية وتعطيلًا لم أر مثله فى حياتى حتى أن القائمين على أمور الفرقة المنتجة لا يفقهون شيئا فى المسرح ولا يحبونه وكل أمنياتهم تعويق ما نقدمه بأى شكل حتى أننى انتهيت من بروفاتى ومن عملى منذ شهرين وظللت أحارب حتى يرى العرض النور، ووجدت أن أغلب المسئولين لا يصلحون للقيام بما يمليه عليه مناصبهم.

وطالب «حسن» بضرورة تعديل اللائحة المالية للقطاع بأى شكل خاصة أنها تظلم الفنانين بشكل بين وتحرمهم من التجول بعروضهم وتقديمها للجمهور فى باقى المحافظات المحرومة من العروض المسرحية وبالتالى يتم ظلمها ثقافيًا.

المؤلف محسن يوسف قال: إن فكرة العرض مستلهمة من التراث وتدور حول عدم قدرة السلطة الحاكمة بتحقيق مطالب الشعب، وأركز فى العرض على جانب العجز الجنسى لدى السلطان الذى يصاب بالعقم ولا يستطيع إنجاب ولى عهد له، كمعادل لعجزه على صعيد العمل السياسى، وهذه السلطة تثير سخط الشعب وللأسف فإن معظم شعوبنا العربية لديها إيمان بضرورة ظهور البطل الشعبى الذى ينتظرونه ليتصدر المشهد ليأتى لهذه الشعوب بمطالبها وحقوقها، ثم نطرح فى نهاية العرض سؤالا مهما، ماذا لو ظهر البطل الشعبى كما ظهر لدينا خلال الفترة الأخيرة هل سيلتف عليه الناس أم سيتركونه يواجه مصيره منفردًا؟!

وأضاف: على مر التاريخ يمكن أن نرصد سقوط البطل الشعبى شهيدًا لتحقيق مطالب الناس، لأنهم يلقون إليه مطالبهم ويتركونه وحيدًا لتحقيقها، ولكننا قررنا تقديم رسالة إيجابية من خلال الحكى الشعبى والفرجة الشعبية، خاصة أن لدينا بطلًا شعبيًا ظهر خلال الفترة الماضية وإذا لم يلتف الشعب حوله بتكوين حاضنة شعبية فلن ينجح فى تحقيق مطالب الناس والجماهير لنشدد على ضرورة الالتفاف حول الوطن ونبذ الخلافات الجانبية.

الفنان محمود الجندى قال: أجسد فى هذه المسرحية دور البطل الشعبى الذى يحمل على عاتقه بناء الجيش  الوطنى بعد أن تم تدميره بفعل الفساد ورجال السلطان الذين يتولون مهامهم بسبب التدخل الأجنبى فى شئون البلاد وفور انتصارى على الأعداء بفعل تكاتف الجيش والشعب يدبر المستفيدون من هدم الدولة مؤامرة للتخلص من هذا البطل الشعبى فهل ستنجح مؤامرتهم أم لا هذا ما تجيب عنه المسرحية، وأضاف: ما جذبنى لهذا العرض هو التماس الشديد بين الواقع الآن وبين واقع المسرحية التى تنادى بضرورة العمل والاصطفاف الشعبى لإنقاذ مصر مما تمر به، وسيناريو المسرحية مكتوب بشكل مميز أثار إعجابى ورغم مرضى إلا أننى أصررت أن أشارك فى هذا العرض الذى أعتبره من أهم العروض المسرحية التى شاركت فيها فى حياتى.

من جانبها قالت الفنانة عبير الطوخى: أقوم بدور «قمر» حبيبة ابن «عم أحمد» الذى قتله رجال السلطان انتقاما من والده ذلك البطل الشعبى الذى التف حوله الناس، والشخصية مثيرة جدًا للجدل لأنها تمثل الجانب الرومانسى والعاطفى بالمسرحية، ما بين المشاعر الطيبة التى عاشتها قمر والمشاعر المحزنة، التى عاشها البطل الشعبى الذى يسعى لإنقاذ البلد من يد السلطان وزرائه.

الملحن محمد عزت أكد أن المسرحية استعراضية غنائية بها العديد من الأغنيات التى كتب أشعارها الشاعر الكبير جمال بخيت، ومن حسن حظى أننى قدمتها ونالت إعجابًا شديدًا على خشبة المسرح، خاصة أن الجمهور المصرى «سميعة» ويحبون الأغنيات التى تمس مشاعرهم وكل الأغنيات فى العرض اعتمدت على نقل ما يحدث فى الشارع المصرى لذلك حققت نجاحًا فى عرضها.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل