المحتوى الرئيسى

جاكوار F تايب تتوجه الى الـقـلـب

12/20 15:17

ليست F تايب أفضل من منافساتها الرئيسيات ولكنها من دون شك تتمتع بنوع من الـ «كاريزما» التي ستؤدي بك الى الوقوع في غرامها بسرعة

عندما يقرر معظم الناس شراء سيارة ما، يعتمدون على المنطق ويبدأون بالتفكير بمدى صلاحية السيارة التي يرغبون بها لنوعية إستعمالهم لها. أما القسم الأكبر من هؤلاء، فيضع أمامه ورقة ويبدأ بكتابة ما يريده من السيارة التي ينوي شراءها وليصل في نهاية بحثه الى لائحة من السيارات التي تلبي له متطلباته. وبعد ذلك، يقوم بالسؤال عن ما إذا كان وكلاء هذه السيارات يوفرون كفالات جيدة أو عقود صيانة مجانية لعدد من السنوات وهذا ما يمكنه من البدء بشطب بعض هذه السيارات من لائحته وذلك قبل الذهاب الى صالات عرض لائحة سياراته النهائية للقيام بتجربتها ومعرفة السعر النهائي الذي سيحصل عليه.

أما البعض الآخر من الناس ـ وأنا شخصياً منهم ـ، فنعتمد على العاطفة والأحاسيس وذلك إيماناً منا أن الإحساس الذي يؤدي بالمرء الى شراء سيارة ما هو قاعدة صلبة ذلك أن ما يشعر به هذا المرء كلما رأى سيارته التي يحبها أو كلما قاد هذه السيارة يساوي الكثير وهذا واحد من الأسباب التي أدت بي الى الإحتفاظ بسيارة يعود تاريخ تصنيعها الى العام 1999 وهي مازدا MX-5 التي لا تزال لغاية هذه اللحظة قادرة على رسم الإبتسامة على وجهي كلما قدتها. وهذا ما يؤدي بي الى جاكوار F تايب التي يكفيك أن تراها لتتأكد بينك وبين نفسك أنها واحدة من السيارات القليلة التي تنتمي الى قطاع أحب أن أطلق عليه تسمية قطاع السيارات العاطفية. أما ما أقصده بالسيارات العاطفية، فيتمثل بالسيارات التي تثير في نفسك نوعاً فريداً من الأحاسيس التي تتشابه مع الإحساس بالحب أو الغرام وذلك بمجرد رؤيتها.

فمجرد النظر الى F تايب وحتى ولو كانت من طرازات القاعدة يؤكد لك أن هذه السيارة لا تكتفي بكونها جميلة المظهر، بل تضيف الى ذلك نوعاً من الإثارة الممزوجة بطابع من الرقي والأناقة. كيف لا وهي بنظر جاكوار ستلعب دور الخليفة لـ E تايب الشهيرة التي وصفها إنزو فيراري بالقول أنها «أجمل سيارة وقعت عيناه عليها». وعلى الرغم من أن F تايب لا تسير في هذا النهج، إلا أن واجهتها الأمامية المنحنية والهجومية، مضافاً اليها تصميم القسم الجانبي الخلفي منها كانا محط أنظار كل من رآها خلال فترة التجربة ولدرجة أنني لم أركنها في أي مكان إلا لأعود وأجد عدداً كبيراً من الناس حولها.

وفي حال أردت أن أتكلم عن التصميم الخارجي لـ F تايب، يمكنني أن أقول أن الواجهة الأمامية ليست بعيدة عن تصاميم بعض السيارات السوبر رياضية وبالأخص لجهة إنحناء غطاء المحرك في الأمام وإندماجه مع الصادم الأمامي المدمج والذي تبرز فيه فتحة وسطية كبيرة الحجم يحيط بها عدد من الفتحات العمودية الجانبية التي تعزز الطابع الرياضي للواجهة الأمامية التي تبرز فيها مصابيح شبه أفقية تم تزيينها بخط ناعم من مصابيح LED النهارية التي توفر لـ F تايب فرادة تمكن أي كان من التعرف اليها حتى ولو كان الظلام حالكاً. أما في الجوانب، فتعتمد F تايب على تصميم تقليدي لسيارات الرودستر تم تزيينه بفتحة أفقية في الرفراف الأمامي وبخط وسط يبدأ من الأمام متجهاً الى الخلف حيث يرتفع ويتقوس فوق الإطار الخلفي موفراً لـ F تايب شكلاً جميلاً يراعي عوامل الإنسيابية كونه يتحكم بمجرى الهواء فوق الجوانب الخلفية للسيارة بحيث يرفع من قوى الدفع السفلية على السرعات العالية مساهماً في زيادة ثبات القسم الخلفي من السيارة.

وفي سياق الكلام عن الخلف وعلى الرغم من أن المصابيح الخلفية الأفقية والرقيقة توفر للواجهة الخلفية مستويات أناقة عالية جداً، إلا أنني كنت كلما نظرت الى هذه الواجهة، كنت أشعر أن هناك خطأ تصميمي ما فيها. وعلى الرغم من أن الجمال في التصميم نسبي وأن ما يعجب شخصاً ما قد لا يكون جميلاً بنظر شخص آخر، إلا أنني أعتقد أن الواجهة الخلفية رقيقة ولا تتناسب مع الروح الرياضية لـ F تايب، مع العلم أن التصميم الخلفي الرقيق يخدم أهداف الإنسيابية وهذا هو السبب بتصميم ناشر الهواء الخلفي الكبير الذي قررت جاكوار أن تطليه باللون الأسود اللماع الذي زاد الإحساس بالسماكة المتدنية للواجهة الخلفية التي جرى تزويد القسم العلوي منها بعاكس هواء نشط ومدمج في غطاء صندوق الأمتعة يرتفع الى الأعلى بمجرد وصول F تايب الى سرعة تراوح بين 95 و100 كلم/س. وعلى الرغم من إحساسي بالخطأ التصميمي في الخلف، إلا أن مجرد رؤيتي لهذه السيارة وكيفما كانت متوقفة، كان كفيلاً برسم إبتسامة عريضة على وجهي.

وهنا، لا بد من الإشارة الى بعض الأخطاء التي ترافق هذه السيارة ومنها صندوق الأمتعة ذو الحجم الصغير جداً (196 ليتر) الذي لا يتسع إلا لحقيبة صغيرة وهذا ما قد يلعب في غير صالحها في الأسواق الأوروبية أو الأميركية. أما في منطقتنا، فحجم صندوق الأمتعة في هذا النوع من السيارات ليس مهماً لأن المواطن العربي ليس من النوع الذي ينقل معه عدداً كبيراً من الأمتعة حتى ولو كان سينام بعيداً عن منزله. أما الإنتقاد الثاني، فيتمثل بالسقف الكهربائي الذي يأخذ لنفسه مكاناً خلف مقعدي السيارة عند كشف هذه الأخيرة وبحيث يلعب جزء من السقف دور الغطاء تاركاً بعض الفتحات الصغيرة التي ستمتلئ في دول مجلس التعاون الخليجي بالغبار والرمال الناعمة التي نأمل أن لا تصل الى آلية فتح السقف وإغلاقه التي أعتقد أن تكاليف إطلاحها أو إستبدالها لن تكون متدنية. وفي هذا الإطار، لا بد من القول أنه سواء كانت F تايب مكشوفة أم لا، فهي تتمتع بجمال أخاذ وجاذبية لافتة وحضور مميز لا يمكن إغفاله أبداً.

ومع الأخذ بعين الإعتبار أن طول F تايب يصل الى 440 سم مقابل 190 سم لعرضها، يصبح وزنها البالغ 1614 كلغ مقبولاً، خصوصاً عندما نعلم أن جاكوار إستعملت الألومنيوم المعالج بكثافة في سيارتها هذه التي تعتمد على تعليق يقوم على مبدأ الشعب المزدوجة في الأمام والخلف. ويشير ذلك الى أن F تايب أثقل وزناً من سيارتي بورشه، أي كل من 911 وبوكستر اللتان تأخد F تايب مكاناً لها بينهما، مع العلم أنني أفضل أن أقارنها بـ بوكستر وليس بـ 911 وذلك على الرغم من فارق الحجم بين F تايب وسيارتي بورشه.

وبمجرد الدخول الى مقصورة F تايب والجلوس خلف مقودها، ستتفاجأ بمقصورة رحبة لشخصين قامت جاكوار بتصميمها واضعة نصب عيونها توجيه هذه المقصورة الى السائق. فلوحة القيادة مثلاً مصممة بحيث تبدو وكأنها تلتف حول السائق وليرتفع هذا الإحساس بسبب المقبض المثبت على الزاوية اليمنى التي تربط بين القسمين العمودي والأفقي من الكونسول الوسطي والتي يمكن للراكب بجانبك أن يستعملها لتثبيت نفسه في حال بدأت بالإنزلاقات المتتالية بين المنعطفات وهذا بالمناسبة واحد من أكثر الأمور سهولة في F تايب. وفي المقصورة، يمكن للسائق أن يصل الى كل مفاتيح التشغيل التي تقع في متناول يديه وهذا ما يمكنه من التركيز على القيادة وإستخراج المتعة التي تحفيها هذه السيارة تحت هيكلها. وفي هذا الإطار، يجلس السائق ومرافقه في وضعية منخفضة وبحيث تحيط بهما المقصورة التي تشعر من يتواجد في الداخل أنه في مكان دافئ ومحمي من الخارج، الأمر الذي يولد ـ على الأقل بالنسبة لي ـ شعوراً بنوع من الإنتماء الى هذه المقصورة التي تمكن شاغليها من التمتع بمكوناتها وبما يوفره العادم الرياضي من هدير مميز يترافق مع نوع من الفرقعة والقرقعة التي تصدر عند رفع القدم بشكل مفاجئ عن دواسة التسارع أو عند التبديل نزولاً، فيما دوران المحرك لا يزال مرتفعاً.

وهنا، تتميز المقصورة بموادها التي تم معها التركيز على النوعية الجيدة والجودة التصنيعية، في وقت تمثل ما لم يعجبني في هذه المقصورة بعتلات تبديل النسب خلف المقود والتي قررت جاكوار لسبب ما أن توفرها بلون نحاسي أعتقد أنه لا يليق بما يتوقعه المستهلك من سيارة تحمل شعار جاكوار العريق. وفي سياق الحديث عن تبديل النسب، لا بد من شكر جاكوار على إعتماد مقبض تقليدي في أرضية الكونسول الوسطي بدلاً من المفتاح الدائري، خصوصاً أن هذا المقبض يتشابه مع مقابض التحكم المتوفرة لألعاب الفيديو والطائرات والذي كانت بداياته مع سيارات بي ام دبليو. أما المقود، فقامت جاكوار «مشكورةً أيضاً» بتصغير قطره وزيادة سماكة إطاره وزودته بمقطع سفلي مسطح.

ومع أن جاكوار عملت جاهدة على توزيع الوزن بشكل متكافئ بين الأمام والخلف، إلا أنها لم تتمكن إلا من الوصول الى وضع 52 بالمئة من الوزن في الأمام ولينعكس ذلك على شكل سيارة يمكن للسائق الرياضي أن يجعلها تنزلق بسهولة بالغة وهذا ما يرفع من متعة قيادتها، خصوصاً أن التحكم بإنزلاقاتها سهل من خلال التحكم بمدى الضغط على دواسة التسارع عند لف المقود بعكس إتجاه إنزلاق القسم الخلفي من السيارة. وهنا يلعب المقود دوراً فعالاً كونه يوفر إحساساً جيداً بالطريق ويتمتع بدقة توجيهية عالية مع نسبة إلتفاف قصيرة.

أما المحرك الذي لا يمكن للمرء أن ينكر دوره، فيتألف في سيارة التجربة التي تحمل تسمية V6 S من 6 أسطوانات بشكل V وبسعة 3 ليترات مع سوبر تشارجر رفع قوته الى 375 حصاناً يمكن إستخراجها عند 6500 دورة في الدقيقة وبحيث تترافق مع 460 نيوتن متر من عزم الدوران الذي يتوفر عند إيصال المحرك الى مستوى دوران يتراوح بين 3500 و5000 دورة في الدقيقة، الأمر الذي يمكن F تايب S من الإنطلاق من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في خلال 4,9 ثانية ومن التسارع من 80 الى 120 كلم/س في غضون 3,1 ثانية وهذا ما يؤكد أن المحرك يتحلى بليونة عالية عززتها جاكوار بعلبة تروس أوتوماتيكية تحمل توقيع ZF تشعرك في معظم الأحيان أن معايير عملها تهدف الى توفير تبديل سلس للنسب يشدد على الراحة وحتى عند إعتماد معيار دايناميك للقيادة الرياضية.

وعلى الرغم من أن التحول الى القيادة إنزلاقاً سهل للغاية مع هذه السيارة، إلا أنه لا يمكننا أن نتغاضى عن مستويات تماسكها الجيدة والتي ترفع ثقة السائق بها. كما أن معايير القيادة القياسية فيها تركز على توفير مستويات راحة جيدة تؤهلها لتتحول الى سيارة يمكن قيادتها بشكل يومي من والى العمل. وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة الى أن F تايب ليست سيارة سوبر رياضية كما يعتقد عدد كبير من الناس، بل هي واحدة من تلك السيارات الفريدة التي تنضوي تحت لواء السيارات السياحية الكبرى، شأن بنتلي كونتيننتال GT ومازيراتي غران كابريو التي لا يشتريها مالكوها لقيادتها بشكل رياضي وكأنهم يتسابقون على إحدى الحلبات، بل لإستعمالها كسيارة مترفة جداً تتميز بطابعها الرياضي المثير وراحتها المتقدمة حتى في الرحلات الطويلة وقدرتها على التحول من سيارة ذات تأدية رياضية الى سيارة ذات تأدية رياضية متقدمة في غضون لحظات. وعندما تبدأ عزيزي المستهلك بالتعامل معها من هذا المنظار، فلن تتمكن إلا من الوقوع في شباكها.

3,0 ليتر ـ 6 أسطوانات بشكل V ـ سوبر تشارجر ـ دفع خلفي

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل