المحتوى الرئيسى

محمد عاشور يكتب: هل سيباع الهواء قريبا؟ | ساسة بوست

12/20 15:03

منذ 11 دقيقة، 20 ديسمبر,2016

في خبر أوردتة جريدة الشروق في عدد الأحد 4 ديسمبر (كانون الأول) 2016 عنوان في الصفحة الأخيرة «هواء نقي من نيوزلندا يباع في الصين». وهذا الخبر ينذر بكارثة بيئية تتعرض لها الصين نتيجة ظاهرة الضبخان (الضباب والدخان)؛  حيث أعلنت الصين عن المستوى الأحمر وهو أعلى إنذار بيئي نتيجة تلك الظاهرة، والصين تتعرض لتلك الظاهرة الناجمة عن التلوث الرهيب في الهواء وأصبح خبر بيع هواء نقي واقع فعلي حيث تعرض قارورات معبأة بالأكسجين في قارورات حجمها 7.7 لتر وتباع بسعر ما بين 16 دولار و30 دولار.

فهذا الخبر إن دل فإنه يدل على حجم الكارثة البيئية التي وقع فيها العالم نتيجة التمدد في تجريف الأراضي الزراعية لحساب المدن الصناعية، والمتابع لما يحدث من قرارات على المستوى العالمي يجد أنها تصب في صالح الطبقة الغنية التي هي صفوة المجتمع المالي من رجال الأعمال فتلك الطبقة هي المسيطرة على الوضع العالمي، هي حكومة الخفاء التي تحرك النظام برمته .فها هو نظام عالمي جديد يتكون بتولي ترامب لقيادة أكبر دولة عسكرية واقتصادية في العالم ولا يخفى على أحد ما أطلقة ترامب من تصريحات ناريه تصب في صالح رجال الأعمال من معارضة انضمام الولايات المتحدة بالتوقيع على اتفاقية تحد من التلوث ومن كمية الكربون التي تطلقها المصانع في الغلاف الجوي، فنحن مقبلون على عالم جديد تتدهور فيه البيئة تدهورًا لم يشهده العالم من قبل فالأزمة القادمة ستتعدى أزمة المياة والتصحر إلى أزمة الهواء فنحن مقبلون والأجيال القادمة مقبلة على عالم سيباع فيه الهواء في زجاجات.

فالذي يحرك العالم اليوم ويتحكم فيه هو حفنة من رجال الأعمال تدير العالم من أجل مصلحتها فقط فلا يهمها المصلحة العامة ولا يعنيها ما الذي سيجنيه العالم من فقر وتدهور طالما أنها تحقق المنفعة الفورية لها، فعقلية رجال الأعمال هي عقلية نفعية براجماتية فلا معنى لما ستحصده الأيدي من تلوث وتدهور مستمر في النظام البيئي طالما الأرباح تدر في خزائن هؤلاء القوم.

ففلسفة الحضارة الصناعية هي الفلسفة المادية النفعية فهي حضارة تتمحور حول ذاتها كل ما تفعلة هو الاهتمام بالعائد المادي فقط فلا يهمها ما سيجنيه العالم جراء السياسات الخرقاء التي تنتهجها فالحضارة الصناعية متمثلة في الولايات المتحدة والقارة العجوز تنظر إلى العالم أجمع على أنه الحظيرة الخلفية لها فأي نظام يعارض أو يرتفع صوته شجبًا لأي قرار تتخذة تلك المجموعة يجب أن يمحى فورًا ويجب أن تجيش الجيوش والصواريخ العابرة للقارات حتى تستأصل شأفة هذا النظام؛ فالعولمة التي تتبناها تلك الدول وتسير في ركبها دول العالم الثالث تصب في الأساس لصالح تلك الدول المتقدمة وبالأخص الولايات المتحدة، ويقول الدكتور محمد عابد الجابري شارحا لمفهوم العولمة: «إن العولمة ليست مجرد آلية من آليات التطور الرأسمالي، بل هي أيضًا – وبالدرجة الأولى – أيديولوجيا تعكس إرادة الهيمنة على العالم، وتعني العمل على تعميم نمط حضاري يخص بلدًا بعينه هي الولايات المتحدة الأمريكية بالذات على بلدان العالم أجمع».

فالعولمة وتبعاتها السيئة ستنال الجميع وإن كان الجانب الأكبر من المساوئ والآثار السلبية سينالها العالم الثالث؛ فنسبة كبيرة من الشركات المتعددة الجنسيات تشيد مصانعها وتلقي مخلفاتها الصناعية بتلك الدول حيث الأيدي العاملة الرخيصة وحيث لا يوجد قوانين صارمة تحد من انتشار معدل التلوث مما يعني زيادة معدل الأمراض ومن ثم الوفيات في تلك الدول الفقيرة التي لم تنل من العولمة سوى التلوث البيئي والأمراض المزمنة.

ومن بيانات البنك الدولي عن سنة 1995 نجد أن الدول السبعة الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا) تستأثر بنسبة 67.4% من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، في حين أن دول العالم الثالث نصيبها كان13.40%وبقية دول أوروبا والصين19.20% أي أن قوى العولمة وإدارة المجلس الاقتصادي العالمي ترتبط ولو شكليا بتلك الدول السبع الكبرى وهي التي تحدد معالم الاقتصاد وتحدد آليات السياسة العالمية وهي المسؤولة مسؤولية كلية عن التلوث البيئي الحادث في العالم أجمع مما تنتجه اقتصاديتها من مخلفات كربونية وعوادم ومخلفات تلقيها في الجو والماء مما يهدد البيئة العالمية ويغرقها في أتون من الجحيم الذي سيحرق العالم أجمع.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل