المحتوى الرئيسى

وصايا سلامة موسى المغدور بها | المصري اليوم

12/20 01:01

عام ١٩٦٣ نشر رءوف سلامة موسى كتاب أبيه «الصحافة حرفة ورسالة»، مناشدًا القراء اعتبار ما نشره الطبعة الأولى، مشيرًا إلى نزاع مع صاحبى دار صحفية حول طبعة سابقة صدرت فى نوفمبر ١٩٥٨ أى بعد وفاة سلامة موسى بشهرين، بسبب ما اعتبره نشرًا مشوهًا للكتاب.

يبدو الكتاب كمعظم كتب سلامة موسى، كان فى الأصل مقالات فى مجلات وصحف، لكن تواريخ النشر الصحفى ليست مثبتة بالكتاب. وإذا أخذنا بتاريخ النشر الأخير، فبيننا وبين الكتاب الآن ٥٣ عامًا، لكنه يناقش راهن الصحافة بشكل مدهش، وهذا يحُسب من جهة لصالح بصيرة سلامة موسى، ومن جهة أخرى ضد الواقع المهنى المتردى فى الصحافة، وضد الحالة السياسية التى أنتجته.

فى فصل بعنوان «كيف أفسدت الحكومة الصحافة المصرية» يتحدث عن حكومات الاستعمار والاستبداد التى مارست ألوانًا من الإفساد للصحافة لم تعرفها أمة أخرى «من ذلك مثلاً المصروفات السرية التى كانت ترشو بها الوزارات المتعاقبة الصحفيين حتى ينكروا الحق وينشروا الباطل» ويتعرض كذلك لحصص الإعلانات التى تنشرها الوزارات ويتحكم فيها مدير مطبوعات يغدق على الصحف التافهة العميلة ويخنق الصحف الوطنية الجادة، التى تفلس بعد بضعة أعداد من صدورها، وقد مات لسلامة موسى نفسه ما يقرب من العشر مجلات وصحف، بينما تستمر الصحف الموالية، ويثرى محرروها (التافهون، بوصف سلامة موسى)!

وبعيدًا عن هذا الإفساد السياسى، يكتب الصحفى المفكر فى صلب الحرفة، ويقول عن مستقبل الصحافة كلامًا مدهشًا، لم يزل صالحًا لإنقاذ المهنة من مأزقها الحالى، فهو يتحدث عن التوازن بين الخبر والمقال والتحليل المعمق، ويميل إلى جانب العمق، لأن الصحيفة تعرضت لمنافسة الراديو والتليفزيون القادرين على ملاحقة الأخبار على مدار الساعة.

وإن كانت طبيعة الوسيلتين قد هزمت الصحيفة فى مجال الخبر، فطبيعة الجريدة توفر للقارئ ميزة حرية التلقى، فهى تمكنه من إرجاء قراءتها للحظة المناسبة والمكان المناسب، ومن الصفحة التى تروقه أكثر، لذلك يقترح أن تبدأ الصحافة بالتركيز على العمق، حتى ترفع إلى مقام الأدب. ويسوق واقعة تتعلق بصحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية، عندما كتب عنها ناقد إنها قد انحط شأنها لأنها لم تعد تعبأ بالآداب والعلوم. ولم ترد الجريدة بالإنكار بل عمدت إلى عددها فى اليوم ذاته وجمعت ما نشرته فى هذا العدد وحده، وأعادت إصداره فى كتاب مستقل يحوى أكثر من مائة صفحة. ويعلق: «ما أجدرنا نحن الصحفيين المصريين بأن نلتفت إلى المرتبة العالية التى بلغتها الصحف الأوروبية والأمريكية، أو على الأقل بعض الممتاز منها». ويختتم: «أحيانًا أستسلم لخيال عابر وأنا أسأل نفسى: كيف تكون حال هذه المجلة أو هذه الصحيفة إذا أسلمنا رئاسة تحريرها للطفى السيد؟ لطفى السيد مترجم أرسطو طاليس؟ أجل..ولم لا؟ لا نستطيع أن نحتقر هذه الآراء إن كنا عقلاء».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل