المحتوى الرئيسى

متطرفون تحت الجلد

12/19 22:22

أعرف مثقفين مسلمين كبارا يتحدثون ليل نهار عن حرية التعبير والفكر والاعتقاد، لكنهم لا يؤمنون بذلك على أرض الواقع، خصوصا حينما يتعلق الأمر بحق الإخوة الأقباط فى ممارسة صلواتهم وشعائر دينهم داخل كنائس ودور عبادة يمكن إقامتها من دون عقبات.

وأعرف مثقفين مسيحيين كبارا جدا ومشهورين ويتحدثون ليل نهار عن أنهم معتدلون ومتسامحون، لكن عندما تناقشهم فى جوهر أفكارهم لا يختلفون كثيرا عن الطريقة التى يتحدث ويتصرف بها الدواعش!!.

وأعرف مثقفين مسلمين ومسيحيين يقولون إنهم علمانيون، لكن اتفاقهم الوحيد فقط هو كراهية الإسلام كدين وليس مجرد انتقاد المتطرفين، ولو حككت جلدهم من السطح سوف تكتشف التطرف فاضحا وظاهرا.

عندما قابلت هذه النماذج فى أرض الواقع، التمست بعض العذر للمواطنين المسلمين والمسيحيين العاديين الذين يتعصبون لهذا الدين أو ذاك، طالما أن بعض النخب تمارس التعصب هنا وهناك وبصورة تبدو مفضوحة احيانا.

هذا الواقع المزرى يدعونا لطرح السؤال: هل نحن غالبية المواطنين المصريين نؤمن فعلا بحق المواطنة قولا وعملا، أم أنها مجرد كلمة أو مصطلح نلوكها ليل نهار ونرددها فى وسائل الاعلام من دون أن ندرك معناها الفعلى؟

ما سبق سؤال مشروع ينبغى أن نفكر فيه دائما، خصوصا بعد التفجير الإجرامى الذى استهدف الكنسية البطرسية بالعباسية صباح الأحد قبل الماضى.

فى تقديرى خلافا لكثيرين فإن الحادث إرهابى أكثر منه طائفى. وظنى أن الذين خططوا للحادث ومكانه وتوقيته كانوا لا يريدون استهداف الأقباط فقط لكونهم أقباطا، بل لأهداف كثيرة متعددة منها ضرب السياحة أكثر، وضرب العلاقة بين الحكومة والأقباط وياحبذا لو كانت بين المسلمين والمسيحيين.

لكن نعود إلى السؤال الأول، والذى دعانى إلى إثارته اليوم ما قرأته على الصفحة الشخصية للإعلامى الأستاذ محمود التميمى يوم الحادث حيث كتب ما معناه ضرورة أن يخرج كل منا الإرهابى الموجود داخله أو «جواه» متحدثا عن بعض الممارسات والأفكار والأشياء التى نفعلها بصورة روتينية ولا ندرى أنها تصب أيضا فى تيار دعم الإرهاب من اول ما نعلمه لاولادنا الصغار نهاية بتصريحات بعض رجال الدين فى الجانبين.

للأسف الشديد وباستثناء نسبة قليلة فإن المياه الكثيرة التى جرت فى مصر منذ وفاة جمال عبدالناصر عام ١٩٧٠، جعلت غالبية المصريين أقل تسامحا دينيا.

سفر ملايين المصريين المسلمين إلى الخليج، وسفر مئات الآلاف من الأقباط إلى أوروبا والغرب واستراليا، جعلهم أكثر انغلاقا.

وتلك حقيقة لا ينفع ولا يفيد كثيرا أن نتجاهلها، بل الأفضل، أن نناقشها بهدوء، ونبحث فى طرق علاجها، علنا نستطيع أن نعود إلى الحالة المصرية التى سبقت الهجرة الواسعة إلى الخليج، وأعادت لنا نماذج لا تؤمن من الدين إلا بالقشور وليس بجوهره السمح.

هذه الحالة هى التى تجعل داعش والإخوان وبقية التنظيمات التى تاجرت وتتاجر بالدين تصر على الاستثمار فى مساحة الظلام، وصب الزيت على وقود الفتنة طوال الوقت.

لكن من حسن الحظ أن جوهر غالبية المصريين لم يتغير، لكن الظلاميين حققوا نجاحات لا بأس بها فى هذه المساحة.

الحلول تحتاج وقتا وجهدا وعقلا وإرادة فولاذية للنجاح، لكن علينا أن نبدأ من الان فى تعليم الصغار فى الحضانات ورياض الأطفال والمدارس، أن الدين لله والوطن للجميع.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل