«المتحف القبطى» يجسد قيم التعايش الدينى
تقيم وزارة الآثار اليوم الثلاثاء فى العاشرة صباحًا، ملتقى علميًا تحت عنوان «الفن القبطى.. فن أهل مصر» وذلك بحضور الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، ومجموعة من علماء الآثار المصريين والأجانب.
وينسج المتحف القبطى القابع خلف حصن بابليون بمنطقة مصر القديمة، بين أرجائه خيالًا وخليطًا رائعًا بين الثقافات، حيث تُعرض فيه المئات من المخطوطات والتماثيل والأعمال القبطية المصرية التى يتجلى فيها تأثير الحضارات المصرية القديمة واليونانية والرومانية والبيزنطية والعثمانية، وكأنك وأنت تتجول بين طرقاته تقرأ تاريخ مصر الحقيقى من التسامح والمحبة القادرة على هضم الأديان والثقافات لتصهرها فى مروحة مصرية زاهية الألوان المعمارية والفنية.
البداية فى عام 1910 حينما فكر «مرقص سميكة» باشا أن يجمع كل ما يتعلق بتاريخ المسيحية وحضارتها فى مصر، رغبة منه فى أن ينشئ متحفًا قبطيًا يشكل مع باقى المتاحف الموجودة فى ذلك الوقت فى واحة حضارية يستريح عندها كل من يريد قراءة صحيحة لتاريخ وعظمة مصر، والتى من بينها المتحف المصرى للحضارة الفرعونية، المتحف اليونانى-الرومانى بالإسكندرية ومتحف الفن الإسلامى بالقاهرة.
شيد المتحف القبطى ليسد ثغرة فى التاريخ والفن المصرى، وقد تم بناؤه على أرض «وقف» تابعة للكنيسة القبطية التى قدمها عن طيب خاطر تحت تصرف مؤسسة «مرقص سميكة» باشا قداسة البابا «كيرلس الخامس»، وتبلغ مساحته الكلية شاملة الحديقة والحصن نحو 8000م، وقد تم تطويره بجناحيه القديم والجديد والكنيسة المعلقة فى ثمانينات القرن الماضى وتحديدًا عام 1984 باعتباره تابعًا لوزارة الثقافة المصرية بعد أن ظل حتى عام 1931 تابعًا للبطريركية القبطية.
المتحف القبطى الواقع داخل مدينة الحصن الرومانى المعروف باسم بابليون فى القاهرة القديمة الذى توجد بقاياه خلف مبنى المتحف وقد بدأ تشييده أيام الفرس، ولكن حدثت عليه العديد من الإضافات فى عهد الإمبراطوريين الرومانيين أغسطس وتراجان، ثم أضاف إليه من جاء بعدهم من أباطرة الرومان.
كما يضم المتحف مجموعة كبيرة من التحف وتقدر بنحو 16000 قطعة وقد رتبت مقتنيات المتحف تبعًا لنوعياتها إلى اثنى عشر قسمًا، عرضت عرضًا علميًا روعى فيه الترتيب الزمنى قدر الإمكان.
فى تصور معمارى فريد يشكل الجناح القديم من المتحف قطعة معمارية رائعة عبارة عن سلسلة من الحجرات المتسعة.
حكاية جمع مقتنيات المتحف لا تقل روعة عن المعروض بداخله، فالبداية حين عمل العالم الفرنسى الشهير (ماسبيرو) على جمع أعمال الفن القبطى وتخصيص قاعة لها فى المتحف المصرى القديم بمنطقة بولاق، لتتوالى المراسلات بينه وبين «مرقس باشا سميكة» عام 1893م يطالبه فيها بأن تضم مجموعة الآثار القبطية إلى اهتمامات لجنة حفظ الآثار والفنون، وقد جاهد هذا الرجل طويلًا حتى تمكن من إقامة المبنى الحالى للمتحف الذى افتتح عام 1910 وعين هو أول مدير له.
يعد المتحف القبطى أكبر متحف فى العالم لآثار مصر من المرحلة القبطية، ويضم الأقسام الآتية: قسم الأحجار والرسوم الجصية. قسم تطور الكتابة القبطية والمخطوطات. قسم الأقمشة والمنسوجات. قسم العاج والإيقونات. قسم الأخشاب. قسم المعادن. قسم الفخار والزجاج.
ومن أجمل مقتنيات المتحف القبطى التى تعطى هذا البعد من التسامح والتعايش الدينى الجميل بين المصريين «مسرجة» من البرونز لها مقبض على شكل الهلال والصليب يرجع تاريخها إلى القرن الثالث عشر الميلادى. كما يوجد نقش غاية فى دقة الصنع والجمال على مشط من العاج يظهر بعض معجزات السيد المسيح يعود إلى القرن السابع الميلادى بالاضافة إلى قطعة نسيج عليها بعض الرموز المسيحية وفوق كل ذلك يضم المتحف القبطى مخطوطات للكتاب المقدس تعود للقرون الاولى لدخول المسيحية مصر.
Comments