المحتوى الرئيسى

مسلمون وأفارقة ضحايا العنصرية المتزايدة في بولندا

12/19 20:05

تعرض ثلاثة طلاب من تركيا وبلغاريا للسب والشتم من قبل شباب داخل قطار الترام في بلدة بشمال بولندا، كما دعوهم لمغادرة البلاد، "لأن بولندا للبولنديين". في الآونة الأخيرة تتكرر مثل هذه الحوادث حتى في مدينة تورن الجامعية، حيث ارتفع عدد الاعتداءات ضد طلبة أجانب بشكل مقلق. فقد تم هناك مؤخرا شتم شاب تركي، ثم ضُرب ووجب نقله إثر ذلك إلى المستشفى. شابان آخران أجبرا في إحدى الحانات على الوقوف على الركبتين لطلب "الاعتذار، لأنهما مسلمان وليسا مسيحيين"، وتجمع حولهما العديد من زائرى الحانة للتهكم عليهما،عوض تقديم المساعدة للطالبين الذين تعرضا للإهانة.

وقالت إيفا فالوزياك بيدناريك، المتحدثة باسم جامعة تورن:"أنا مصدومة للأجواء الإنتقامية في هذه الحالة". وأضافت في غضب:"منذ عشر سنوات لدينا طلبة من الخارج في إطار التبادل الجامعي، ولم يحصل أبدا مثل هذا الشيء، وفي هذه السنة لوحدها لدينا تجربة حالتين".

وهناك تقليد في هذه الجامعة التي تضم 20.000 طالب والذي يتجلى في تقديم رعاية مكثفة، يستفيد منها الضيوف الأجانب من قبل زملائهم البولنديين، والذين يُطلق عليهم تسمية "ملائكة الحماية". وقالت فالوزياك بيدناريك "إن الفكرة تكمن في مساعدة الطلبة الأجانب على ترشيدهم في الحياة اليومية ومعرفة البلد بشكل أفضل". ولاحظت قائلة: "عقب الاعتداءين الأخيرين ارتفع عدد "ملائكة الحماية" البولنديين من 30 إلى 110، حيث يحصل الآن كل أجنبي من بين 130 طالب أجنبي على ملكه الخاص!".

لا تحصل الاعتداءات ضد الأجانب في المناطق الريفية فقط . فطالب دكتوراه بجامعة وارسو من نيجيريا تم الاعتداء عليه مؤخرا في شارع وأصيب بجروح. وفي الصيف الماضي أثارت حادثة بروفيسور بولندي اهتمام الرأي العام، حيث كان هذا الأخير يتحدث مع زميل ألماني له داخل أحد قطارات الترام باللغة الألمانية. وبسبب ذلك تعرض للشتم واللكم أيضا. وسلطت وسائل الإعلام الضوء بإسهاب على الحادثة، لكن لم يصدر أي شجب لهذا السلوك من طرف الحكومة. فقد تم إطلاق سراح الجاني بعد ثلاثة أشهر.

تدنيس جدران مقبرة يهودية برموز نازية

زيادة مقلقة في الاعتداءات العنصرية منذ عام 2000

في "كتابها الأسود" تسجل أنا تاتار، وهي من العاصمة وارسو، أحداث الاعتداءات العنصرية في كافة بولندا. ففي 2009 و 2010 سجلت 400 حالة، وبعدها بسنتين وصل العدد إلى 600. وأضافت في حديث مع DW: "منذ صيف 2015 يمكن معاينة تصعيد إضافي لهذا التطور، حاليا يتم تقييم تلك الأرقام الرسمية. وتقول أنا تاتار إن الأجواء العنصرية ارتبطت أيضا بالجدل القائم بشأن اللاجئين خلال الحملة الانتخابية قبل الانتخابات البرلمانية في خريف 2015، علما أن بولندا لم تستقبل لاجئين. لكن هناك عدم رضا لدى الكثيرين من المواطنين البولنديين بسبب أعداد اللاجئين المرتفعة في أوروبا. وتنتقد أنا تاتار في هذا السياق وسائل الإعلام البولندية، وقالت:"تم عرض اللاجئين ككتلة من الناس بدون وجوه الأفراد وعرض ظروفهم الشخصية".

منذ عام 2000 تضاعف عدد الاعتداءات العنصرية ببعشر مرات،  رغم أن عدد الأجانب في بولندا منخفض مقارنة مع دول أوروبية أخرى. وفي عام 2013 كان 850 أجنبيا ضحايا اعتداءات عنصرية، وفي 2015 تضاعف هذا العدد تقريبا، حسب إحصائيات الشرطة. وفي الوقت الذي تعرض فيه سابقا مواطنون يهود وغجر للاعتداء، باتت الاعتداءات اليوم تستهدف مسلمين وأفارقة. ونادرا ما يلقى الجناة العقاب الذي يستحقونه. وفي عام 2015 لم يتم متابعة سوى 70 شكوى. والحجة السائدة للتخلي عن متابعة التحقيقات هي أن "الضرر الاجتماعي كان ضعيفا".

استثناءات مثل ما وقع في بريسلاو تبقى نادرة، إذ أصدرت محكمة قرارا ضد رجل أقدم في خريف 2015 على إحراق دمية تمثل شخصا يهوديا في وسط الساحة المركزية للمدينة فحكم عليه بعشرة شهور سجنا نافذة.

المقلق في هذا كله هو الصمت السياسي على ذلك، حيث لم تصدر ردود فعل تجاه الاعتداءات العنيفة في مدينتي تورن ووارسو. وعوض إدانة هذه الحالات بشكل علني، فإن السياسة والسلطات تعمل على حماية الجناة أحيانا. فعندما هتف قوميون متطرفون في أبريل 2016 خلال مظاهرة في شمال البلاد بضرورة "شنق اليهود" اعتبرت النيابة العامة أن ذلك لا يمثل جناية عنصرية. وعللت المحكمة أنه لا يحق وصف كل تعبير يشير الى النفور بدعوة إلى الكراهية. ويوجد في بولندا تنظيمات معادية للأجانب والسامية لها رموزها وتكشف بوضوح عن عقيدتها العنصرية.

في بولندا لا توجد إستراتيجية واضحة لدى الحكومة لمواجهة معاداة الأجانب المتزايدة هناك، بل إن السلطات تتخذ أحيانا إجراءات في الاتجاه المعاكس مثل قيامها بحل مجلس مكافحة التمييز العنصري الذي كان يصدر بانتظام تقارير حول أعمال الكراهية ضد الأجانب في البلاد.

"أنا أيضا ألمانيا" حملة تسعى إلى إظهار أن كل من طفل ولد في ألمانيا من أصول أجنبية، أو كبر فيها، فهو ألماني حتى ولو كان لون بشرته أو لغته أو إسمه مغايرا عما هو مألوف . آنستاسيا تقول: "إسمي أجنبي لكنني ألمانية".

منذ نيسان / أبريل والحملة منتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي. ويعرض كل مشترك فيها صورة له يحمل لوحة يكتب عليها خبرته الشخصية ومدى تقبل المجتمع له في حياته اليومية. في الصورة كتب ماركوس وآتي" لا لم نتعرف على بعضنا في العطلة"، في إشارة إلى أنه لم يتعرف على زوجته خارج البلاد، وإنما هي مواطنة ألمانية كغيرها من الألمان.

الفكرة جاءت من حملة مشابهة من جامعة هارفارد "I too am Harvard" هدفها محاربة العنصرية خاصة ضد الطلبة السود.

كثير ممن يعيشون في ألمانيا من ذوي أصول أجنبية يشعرون بعدم "الإعتراف" بهم كألمان، سواء بسبب لونهم أو لغتهم أو أسمائهم أو أصولهم، يقول نارود غازاي، منسق الحملة. أما كويرا فكتبت "لا لن أُجبر على الزواج"، في إشارة إلى أنها لا تحتاج إلى ذلك لكي تستطيع البقاء في ألمانيا بطريقة شرعية.

يشدد كازاي (على الصورة) "نريد أن نطرح مسالة العنصرية والشعور بالانتماء كألماني على الرأي العام".

الحملة لا تشمل الطلبة فقط، بل كل من يشعر أنه ألماني. وكتبت ساره أن البعض يسألها:"تذهبين في العطلة إلى وطنك؟"، فتجيب ساره: "هذا هو بلدي".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل