المحتوى الرئيسى

حوار| صلاح فضل: المعاهد الأزهرية «خطر».. وعلى السيسي التعلم من معارضيه

12/19 19:07

حوار: باهر القاضي.. تصوير: زهرة أشرف

المصريون فسروا الفكر الإسلامي بطريقتهم.. ويتغنون بالقرآن عند تلاوته

دخول رجال الدين للسياسة مفسدة.. والأزهر لا يقبل أن يُمس نفوذه

مجتمع المدينة المنورة كان مدنيًا وليس دينيًا

مجلس النواب تم "تدجينه".. ولا توجد دولة ديمقراطية تُقتحم فيها نقابة الصحفيين

عشرات المثقفين ممنوعون من الكتابة.. وهذا لم يحدث في عهد مبارك

شغلت قضية تجديد الخطاب الديني، أذهان الكثير من المفكرين، منذ أن أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي دعوة التجديد قبل ثلاث سنوات، وأصبح الأمر أكثر إلحاحًا، عقب الحادث الإرهابي الأخير الذي استهدف الكنيسة البطرسية.

ومن بين المطالبين بـ"التجديد"، الدكتورصلاح فضل، الأديب والناقد الكبير، الذي ساهم بشكل كبير في إصدار وثيقة لتجديد الخطاب الدينى بالتعاون مع الأزهر الشريف.. "التحرير" حاورت "فضل"، الذي حذر من انتشار التعليم الأزهري في المحافظات، ومحاولات الأزهر "بسط نفوذه"، وإلى نص الحوار:-

في البداية.. كيف نصنع الثقافة في مصر؟

المجتمعات تصنع الثقافة، ليس بشكل عشوائي، وإنما عبر بـ"آليات مركبة" لا تكون معقدة، وأهمها مواريثها الفكرية والعقائدية والتقليدية والمحافظة على أسسها الثابتة من ناحية أخرى، واستخراج الطاقة الموجودة في أعماقها من قوى الإبداع والتقدم، ورفع مستوياتها في الكفاءة والفاعلية والتعليم والبحث العلمي والتطور التكنولوجي.

كل هذا يصنع الهيكل الثقافي العام، دائما كان عندي تصورًا خاصًا في هذا الهيكل، تتمثل في البنيان الروحي الديني والتطورات الاجتماعية  والممارسات والجوانب الحضارية التي تصنعها الشعوب، وأي شعب، مر عليه فترات كان يعاني فيها من غيبوبات ثقافية، فمثلا "فالهندسة والطب وفنون الطبيعة" كانت عظيمة الازدهار في مصر الفرعونية، وأخذت تقل قليلًا في الفترة البيزنطية، واختفت مظاهرها عندما جاء الفتح العربي الإسلامي، وكان الكهنة قاموا بالتوصية على "الكهانوت"، الذي دفنوه في أسرار معابدهم، واختفت المواريث العلمية الفرعونية القديمة في زوايا وأركان  المعابد التي دفنت فيها برديات هذه العلوم، وكانت تلك أكبر مأساة أدت إلى انقطاع التاريخ المصري.

وماذا عن تعامل الجمهور مع التراث ونظرته له؟ 

الجمهور العام لا يدرك أن لديه تراث عظيم في المنحوتات والمرسومات على الجدران وفي أنحاء هذه المعابد، لكن كان ينظر باعتبارها أصنامًا لا تعني شيئا من الأوجه الجمالية والفنية والإبداعية، غير أن أعماق الروحية المصرية احتفظت بكثير من رواسب وبقايا وجينات هذه الفترة القديمة، ولذلك سنجد المصريين فسروا الفكر الإسلامي على طريقتهم؛ كي يتكيف مع تواريخهم الحضارية والروحية السابقة، وعندما تلقوا الأدب العربي وكتبوا به، تبنوا اللغة العربية كمرحلة الثالثة في لغاتهم الكبرى.

عرف المصريون كيف يضفون على الفنون والآداب العربية والشعبية معنًا وطابعًا مصريًا حميمًا، وإذا ألقينا نظرة على الثقافة في مصر، سنجدها عقائدية تقبل بالتصالح، فمثلا لم يحدث أن اضطهد المصريون الفنون والمعارف الأخرى والآداب كما حدث في البيئات الصحراوية؛ لأن الميراث المصري يجعل هذه الفنون والآداب داخله في صميم التكوين العميق للشخصية المصرية، ما يجعل المصريون يتغنون بالقرآن الكريم عند تلاوته، فيمزجون قدراتهم الموسيقية المتوارثة منذ الأجيال القديمة، مع التلاوة الدينية التي تمارسها بقية الشعوب الأخرى.

هل يمكن أن نقول إن الثقافة تعيش حالة حصار؟

لا.. الثقافة تُفلت دائما من حالات الحصار التي تبغى قوى معينة أن تحيط بها، فمثلا بعض التيارات الوافدة علينا من الفئة المتعصبة حاولت أن تحاصر الثقافة العربية في مصر، وأن تُحرَّم الفنون ولم تنجح، كما حاولت أن تُحجَّم الآداب فلم تنجح، وأن تقضي على عادتنا الدينية، التي نحتفل فيها بالموالد الشعبية، والمناسبات في حياة الإنسان، وهي الميلاد فلم نستطيع، فالثقافة الحقيقة المنبعثة من ضمير ووعي الشخصية المصرية، فهي ثقافة متوازنة، والتوازن يحفظ لها حيويتها وكينونتها.

لماذا غاب دور المثقف في مواجهة أزمات الشعب المصري؟

تتصور أنه غاب وهو لم يغب لحظة.. علينا أن نعود للمفهوم الأساسي، ما هو المثقف، هو الذي يمارس عملا يرتزق منه ثم له القدرة علي تكوين وجهة نظر تحليلية في الأحداث العامة، وله منظور ومعايير يقيس بها الأشياء، وليس المثف هو ابن الطبقة  النخبوية التي تسيطر على الإعلام أو الحياة الأكاديمية، وإذا التقيت بعض عامة الناس، وفتحت التليفزيون، ورأيت هؤلاء المثقفين أصحاب الشهادات من يتكلم، ستجد المتلقي العادي أصدق حكمًا منه، وقدرة على قياس مدى زيفه أو خطأه من كثير من زملائه،  وبالتالي نحن بحاجة إلى مراجعة مفهومنا للمثقف؛ حتى ندرك نُميز بين المثقف المجهول، والذي يظهر على الشاشات والجرائد.

ترى أن الخطاب الثقافي والديني وجهان لعملة واحدة.. فكيف نصنع بينهم تعاونًا مثمرًا؟

الإنسان مجموعة من الأجهزة الحيويةـ ومجموعة  من الغدد والطاقات التي تحركه، وهذه الأجهزة تتعاون في الجسد الإنساني، وصحة كل منها مبنية على صحة البعض الآخر، فالجوانب الدينية التي استغرقت فيها مجموعتنا في الفترة الأخيرة نتيجة للتيارات الإسلام السياسي، التي تكاد تكون عوَّقت مسيرتنا في التنمية، هي أحد الغدد الضرورية لتوازن الجسد الإنساني، ولابد أن تتوازن هذه الغدة مع ثلاثة غدد أساسية، وهي "الميراث الحضاري والعلم والآداب"، كل هذه إذا انسجمت مع الغدة الدينية، ولم تحاربها، كانت عامل اعتدال وتوازن؛ لأنها تصون المستوى الروحي للإنسان، إلى جانب المستوى العلمي والتكنولوجي والحضاري والفن، لكن إذا استبدت الفكرة الدينية وجنحت إلى أن تُلغي ما عاداها، وتكسر البشر علي سلوكها فقط وحاجاتها، فتتحول إلى غدة سرطانية.

ما سبق حدث بالفعل عندما كنت أشاهد الكثير من الشباب يخرجون في العام الأسود (عام حكم جماعة الإخوان)، وما قبله وبعده بقليل، فحاصروا سفارات أجنبية لأن رساما في دولة رسم ما لا يعجبهم، فيريدون مقاطعة علاقاتهم بالدول الأخرى وثقافتها، وهذه حالات سرطانية بمعنى أن الثقافة انحصرت في الجانب الديني فقط، وألغت كل مقتضيات التوزان في السلوك الجماعي من الوعي الحضاري والثقافة العلمية والجوانب العلمية.

لم تُشر في حديثك لدور المؤسسات الدينية في هذا الإطار؟

حكاية المؤسسات الدينية دخيلة على حياتنا العربية والإسلامية، فالمجتمع المصري يعاني من تفاقم التعليم الديني، وانفراده بجماعات من الشباب، فلا توجد دولة عربية بها مثل تلك المشكلة، فعندما كنت في أوائل حياتي، كانت تُعد المعاهد الدينية على الأصابع، والآن تصل المعاهد إلى 15 ألفًا، وتفاقم التعليم الديني خطر على المجتمع، ويتسبب في خلل بتكوين الشخصية.

لابد أن تقتصر كليات جامعة الأزهر على كليات أصول الدين، وكلية للدعوة الإسلامية، لكن أن يكون هناك مئات الآلاف بل ملايين يتخصصون في التعليم الديني، فهذا خلل في بنية المجتمع، لابد من تصويبه على النحو التالي، الإدماج التدرجي بين التعليمين "الحكومي والأزهري"، بما يزيد من الجرعة المدنية في التعليم الديني، كما أن الانفصام الشديد بين التعليم الوطني والأجنبي في المدارس والجامعات أيضا انشقاق خطير، وإن كانت نتائجه أهون أثرًا؛ لأن كل التعليم الأجنبي لا يزيد عن 1%.

كيف ترى علاج هذا "الخلل".. بحسب قولك؟

لابد  من إدراك الدولة والأزهر ذاته، أن ذلك يمثل خطر على بناء المجتمع، والدولة معتقدة أن هذه أعمال خيرية ومؤسسة الأزهر احب ما عليها أن تمد نفوذها وتتسع إمبراطويتها أكثر، لكن لابد أن يكون هناك وعي قومي في مستويات التعليم لضرورة إعادة تنظيم الهيكل التعليمي في مصر خطوة بعد خطوة، فمصر لكي تنهض وترتقي لابد لها أن تقفز إلى المستقبل عن طريق التعليم، والخطوة لابد أن تتمثل في إعادة النظر في ازدواجية التعليم، والعمل على إدماجه وتوحيده تدريجيا، عندما يتم تهيئة المعاهد الدينية بالمعامل والأجهزة الحديثة والأساتذة والإمكانات المادية مثلًا، ولا يكون هناك تعليم أزهري وحكومي، ويكون هناك تعليم وطني واحد وموحد ومنسق ويعطي المستوي العلمي والثقافي والفكري بالتوازن.

وكيف يتم تجديد الخطاب الديني من وجهة نظرك؟

ما نحن بحاجة إليه هو تجفيف منابع التطرف الحقيقي؛ لأن هذا أكثر شيء عاجل نحتاج إليه الآن ومحاربته فكريا، وتقتضي محاربته إعادة النظر في كل موروثاتنا التي نتعامل بها، ولابد من إعادة النظر في الأوضاع والأحكام الدينية القديمة لتتلائم مع هذه المتطلبات الحديثة، وحدث تغيير فيما يتعلق بممارسة "الربا"؛ فهناك الآن اقتراض من البنوك، وفوائد مضاعفة يضعها البنك، ولا يستغل فقر أحد عكس الماضي، فهذا ليس شيئا من الربا،ولذلك كل الفقهاء الذين أعملوا قدرا من عقولهم، أقروا ذلك.

  وبالتالي ما أريد أن أقوله أن هذه التطورات بذاتها تفرض تطورات على الفكر الديني بالضرورة، ومن لم يقم بهذا التطور يحكم على نفسه بالفناء والانقراض.

هل ترى تناقضًا بين دعوة التجديد التي يتبناها الأزهر وإجرائه تحقيقات مع بعض علمائه؟

المؤسسات الدينية لا تستطيع أن تخلع عباءة المحافظة؛ لأنها تحافظ على كينونتها واستمرارها، لكن أن ترفع شعارا بنوايا طيبة مدفوعة بحركة اجتماعية، فتدعوها إلى أن تجدد، فترد بتبنيها الدعوة، ثم سرعان ما تنكمش مجددًا وتعود إلى قواعدها، فتلك المؤسسات تقوم على الوصاية، وهي في صميمها تبنى على الاتجاه إلى المحافظة، وتقاوم التجديد بصفة مؤقوتة، والتغيير لا يتم في فترة قصيرة، وإنما على المدى الطويل.

بالتأكيد الأزهر يتغير ويتجدد ولكن ببطء شديد جدا،  ولم يحمل رجل دين لواء التجديد إلا وأدانه زملاؤه، وهذا قانون عام ولا نتصور أبدا أن يرحب المحافظون بالمجددين، كما أن حركة المتجمع هي التي تغير الخطابات سواء متطرفة وإبداعية ودينية، فلا تتغير أبدًا بقرار سياسي، ويجب علينا ألا نقحم الخطاب الديني في كل الأشياء، وأن ينحصر على شئون العبادة.

وهل سيقبل الأزهر بهذا الطرح؟

لا تعرض عليه كي يقبل أو يرفض.. هذه حركة اجتماعية وحياة وثقافة وإعلام ورأي عام،  فمن يمد نفوذه على كل شيء لن يقبل أن تقول له سأحدد نفوذك.. سيرفض طبعا، هو يريدك أن تستشيره في حركة جسمك إذا كنت تمارس الرياضة أم لا، وفيما يدخل بطنك.. هل حرام أو حلال؟

لقد قُمنا بوظيفتنا عندما نُقصر أسئلة رجال الدين على أمور الدين الحياتية البحتة، فالسياسة والاقتصاد لا دخل لهم بهما، وإذا اشتركوا فيهما أفسدوهما، ويقتصر فتواهم على مناطق محدودة مثل "الميراث والأسرة"، فهي أمور دينية في ثقافتنا.

هل التوجه العلماني يريد قصر الإسلام على العبادات؟

مصطلح العلمانية مشوه وسيء السمعة، يفهمه كل قارئ بطريقة مختلفة عن الآخر، لكن الأفضل أن نتفاداه؛ لأننا نعيش في بيئة شوهت هذا المصطلح، ودعنا نستخدم مكانه آخر نتعايش به، ونتعامل في ظله، ونتوافق على أنه لا ينفي الدين ولا يحاربه، بل يحترمه.

نحن نعيش في مجتمع أغلبيته من المسلمين، وبه فئة يُعتد بها من المسيحيين، وكان به نسبة من اليهود، أي مجتمع متعدد الأديان، وأن يعتمد على مبادئ الحرية والديمقراطية والعقلانية، التي تحفظ التسامح والتجاور الحضاري المتسع، هي صفات المجتمع المدني التي ارتضيناها جميعا.. أي ليس دينيًا أو علمانيًا بل مدني، متاح فيه حرية العقيدة والرأي، وهذه الصبغة المدنية التي نتمسك بها، بحيث لا يصبح مجتمعا دينيا.

كثير من رجال الدين يؤكدون أن الدولة الإسلامية لم تكن دينية علي الإطلاق، وأن مجتمع المدينة المنورة الذي أقامه النبي (ص) كان مدنيًا وليس دينيًا، فلا داعي للنعرات المتعصبة والمضادة باستخدام مصطلحات تم تشويها عمدا، وبالتالي ليس لدينا ضرورة أو خطر في استخدام هذه المصطلحات، ونحن مجتمع مدني يرفض أن يكون "لاهوتيًا فاشيًا"، ويرفض الحكم الديني لأنه يُناقض جوهر عقيدته، ويدمر مستقبله فقط.

لسوء الحظ خيب أول برلمان منتخب بعد ثورة 30 يونيو آمالنا جميعا في أن يكون معبرًا عن الضمير المصري وتطلعات المصريين بعد ثورتين، وكان مرغمًا ومكرهًا على ذلك، وليس بإرادته؛ لأن مصر تستحق أن تعيش تجربة تحول ديمقراطي حقيقية، تتطلب عمد أساسية لا يمكن أن تقوم الديُمقراطية بدونها، وهي قيام أحزاب فاعلة قوية لها قواعد شعبية متفاعلة معها ومعبرة عنها منذ بداية تكوين الأحزاب بعد ثورة يناير وتصحيحها في 30 يونيو؛ لإعادة مصر بعد اختطافتها من الجماعات الدينية.

والاتجاه العام ينحو إلى تقليص الأحزاب وأضعافها، وضرب تكتلاتها ومحاولة إعادة إنتاج الحياة السياسية السابقة على ثورة يناير؛ ما ينتج عنه تكتلات برلمانية تشبه الحزب الوطني أيام مبارك، فإضعاف الأحزاب المصرية أكبر ضربة للحلم الديمقراطي، وللأسف الدولة تعمد على ذلك قاصدة، وتسعى إلى تفجير الأحزاب وشطرها من الداخل، وتقسيمها بحيث لا تمثل قوة.

الأمر الثاني هو أن البرلمان جاء بهامش معقول من الحرية، لكن وقع تحت ضغوط يعرفها البرلمانيون والمشتغلون بالسياسة والتيارات المحافظة، التي لا تود التغيير، ولا تدرك متطلبات التطور  الديمقراطي، فالبرلمان خضع في الشهر الماضي لاختبارين متصلين بحرية الرأي، لا تعنينا قوانين القيمة المضافة ولا الضرائب التصاعدية، ولكن يهمنا الديمقراطية والحرية، وأن أصحاب الرأي في مصر، مضطهدون بمخالفة للدستور الذي اقره الشعب المصري، حيث اعتمد قانونين رديئين يخصان ازدراء الأديان وخدش الحياء، وكلاهما مطعون في شرعه ودستوريته، وقدمت مقترحات لتعديلهما.

أثار قانون الجمعيات الأهلية حفيظة البعض ..فما تفسيرك؟ 

 تتطلق تلك القوانين بطريقة لا تأخذ في اعتبارها متطلبات ما بعد ثورتين، لكي تظل هيمنة الأجهزة على أنفاس البشر وقمعها لها بحجة الوقوف ضد التمويل الأجنبي للجمعيات المشبوهة، في حين أن هناك وسائل رقابية، والدولة نفسها بعد توقيع اتفاقية مع صندوق النقد الدولى خاضعة للتمويل الأجنبي ورقابة أجنبية، يبقى مؤسسات المجتمع المدنى إذا التمست عونا والتزمت بأجندتها الوطنية برقابة صحيحة تتعرض للتجريم!

قانون الجمعيات يجهض جناح أساسي في العمل الوطني، وهي مشروعات المجتمع المدني التي تقوم في كل الدول الديمقراطية، لكن طغيان وسطو الأجهزة على فرض مواد معينة بالقانون تلجم مجلس النواب، الذي كان من المفترض أن يكون طليعة للتحول الديمقراطى وأصبح لا ينتظر منه أي تحرك ثوري، إلا أنه "دُجن" وأصبح برلمان الأجهزة وهذا ليس سرًا، والصحافة "تدجن" بقانون الإعلام، وبدأت قيود حرية الإعلام بالقضايا المفتعلة ضد نقابة الصحفيين، لم تكن تستحق ذلك على الإطلاق، وليس من طبيعة أي دولة تتطلع لأن تكون ديمقراطية، أن تقتحم نقابة الصحفيين ويدان النقيب بالسجن، هذا لم يحدث في عهد مبارك.

أعرف أن سلوك الإرهابيين الإجرامي من الإخوان وأنصارهم، من الاعتداء على مؤسسات الدولة، يُعد سلوكًا يستفز الأجهزة الأمنية، ويجعلها تتجاوز القوانين الضرورية التي يجب أن تلتزم بها، ويُبرر نسبيا في نظرهم كبت الحريات والتقييد عليها، لكن لابد من الحفاظ على الخط الدقيق الفاصل بين مقاومة الإرهاب ومراعة الأسس المتصلة بالحريات، ولم نكن في عهد مبارك ممنوعين من الكتابة، والآن عشرات المثقفين ممنوعون ليس بقرارات، ولكن بضغوط على المؤسسات، وهذه ظاهرة سيئة للغاية لابد أن نصحهها، كما تم تصحيح الموقف نسبيا من الشباب والمسجونين في قضايا الرأي، وفي حاجة لمزيد من الحرية، وليست بتقيدها بقوانين من البرلمان.

هل تعني بذلك أن النظام الحالي ينتهج أساليب ما قبل ثورة يناير؟

الرئيس نواياه طيبة، لكن الأجهزة هي من تفعل ذلك، ولا أعرف إن كان هو الذي يُطلقها هكذا، أما أنه لا يصل له تغولها، وأصبحت تهدد الحريات، مع أن وكل الشعب متفق على نبذ القوى المعادية  الحقيقية وهي الجماعات الدينية، وعلينا مساندة مصر لكي تقوم من عثرتها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل