المحتوى الرئيسى

ضرورة تشجيع المنتوج المحلي العربي، أسوة بنظيره الألماني

12/18 20:02

في العالم العربي يستخف الكثير من المستهلكين بمنتوجهم المحلي بحجة ضعف الجودة وغياب جمال المظهر. ومقابل هذا الاستخفاف تراهم مفتونون باستهلاك كل ما هو مستورد من أغذية وألبسة ومواد تجميل وغيرها من متطلبات الحياة اليومية. أما صناع القرار فإن غالبيتهم مسحورة بوسواس العظمة والفخامة التي تجسد البذخ والإسراف بشكل يتعارض مع العقلانية الاقتصادية. ومن هنا تجدهم يتباهون بخططهم لبناء أعلى ناطحات السحاب وأكبر المجمعات السياحية  وأوسع المطارات وأضخم الصالات بأحدث التقنيات، أما السؤال حول الجدوى الاقتصادية من ذلك فأمر ثانوي. ولهذا فإن أجزاء من هذه المشاريع تتحول إلى خرائب أو أطلال بعد مرور فترة وجيزة على تشغيلها، ليس فقط بسبب صعوبة توطين التكنولوجيا الخاصة بها، بل أيضا لعدم الحاجة إلى طاقاتها الكاملة. ومن أحدث الأدلة على ذلك مشروع توسيع قناة السويس بتكلفة 8 مليارات دولار دون عائد اقتصادي يعادل ولو جزءا بسيطا من تكلفة المشروع حتى الساعة. وفي الجزائر تحولت أجزاء من المصانع التي أقيمت في مجال السيارات والمعدات الزراعية والآلات إلى أشباح وخرائب، يغطيها الغبار والصدأ.

أهمية التعلم من التجربة الألمانية

ألمانيا بلد صناعي بامتياز وهي تتفوق أيضا على الدول العربية في الانتاج الزراعي

هذا في العالم العربي، أما في بلد صناعي متقدم مثل ألمانيا فهناك ميول إلى التوفير والتعامل مع الموارد بعقلانية حتى ولو كانت متوفرة بكثرة. على سبيل المثال، يستهلك الألمان في المتوسط أقل من 80 بالمائة من مواردهم المائية المتوفرة بكثرة بفضل ترشيد الاستهلاك والوعي بأهميته. ويفضل الألمان المواد الغذائية المحلية والعمل في شركات صغيرة بدلا من الكبيرة والمتعددة الجنسية . كما إنهم يفضلون المنتجات المحلية على المستوردة، وهو الأمر الذي يشجع الاقتصاد القروي والمحلي ويجعل البلاد محصنة إزاء التأثيرات الخارجية المرتبطة بارتفاع الأسعار وتراجع المحاصيل أو الإنتاج في الخارج، مثلا لأسباب مناخية وظروف غير ملائمة أو بسبب الكوراث والحروب. فوائض الإنتاج التي يتم تخزينها أو تصنيعها بكميات تكفي عادة لأكثر من موسم أو سنة، تؤدي إلى الرفع من درجة الحصانة . ويأتي في مقدمتها فوائض الحبوب من قمح وشعير وذرة. أما فوائض الخضار والفواكه فإنها تحفظ أو يتم تحويلها إلى عصائر يمكن الحصول عليها بأسعار مناسبة في فترات لاحقة.

المنتج المحلي عصب الاقتصاد الألماني

في بعض الدول العربية مثل تونس ما يزال هناك حضور لبعض الحرف التقليدية

يعتقد الكثيرون أن بلدا مثل ألمانيا يعتمد اقتصاديا على الصناعات الكبيرة. غير أن البيانات المتوفرة تشير إلى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تشغّل أكثر من 70 بالمائة من قوة العمل وتنتج أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي، كما تدرب أكثر من 80 بالمائة من الشباب على مختلف المهن والحرف. وعلى سبيل المثال، فإن 94 بالمائة من المزارع هي صغيرة وعائلية في ألمانيا. أما منتجاتها فتباع داخل ألمانيا وخارجها بشكل أساسي من خلال مؤسسات وجمعيات تعاونية متخصصة، من خلال تقديم الاستشارة والدعم التقني والترويج والتسويق. ومن المعروف أن ألمانيا ومعها دول الاتحاد الأوروبي تدعم الإنتاج الزراعي المحلي في مجال المحاصيل الإستراتيجية والحليب ومشتقاته بأكثر من 50 مليار يورو سنويا، لكن ماذا بالنسبة للإنتاج المحلي ودور الشركات العائلية والصغيرة في الدول العربية؟

هل جاءت استفاقة الدول العربية متأخرة!

في المغرب تعتمد حرف كثيرة على المنتج الزراعي، الذي لا يحظى بدعم لافت من الدولة

استفاقت بعض الدول العربية أوائل القرن الجاري على تراجع مريع في دور المنتوج المحلي والعائلي وغياب المؤسسات الصغيرة التي تشكل حجر الزاوية للاقتصاديات المتطورة والنامية. وجاء هذا التراجع على ضوء الهدر المريع للموارد في مشاريع كثيرة لقطاعات الدولة وأخرى خاصة متواطئة مع صناع القرار الفاسدين والمفسدين. كما يعود السبب إلى سياسيات منتهجة تعمل على تشجيع الاستهلاك المستورد من خلال الدعم الحكومي لأسعار السلع الأساسية والتسهيلات الجمركية لها إضافة إلى وجود منافذ التهريب المزدهرة عبر الحدود. أما المنتج المحلي الصغير فتُرك وحيدا ومحروما من الدعم والتسهيلات بشكل أدى إلى توقف الجزء الأكبر منه عن الإنتاج. وهو الأمر الذي دفعه للهجرة إلى أطراف المدن على أمل توفير حياة أفضل له من حياة المزرعة أو الحرفة الصغيرة. وعلى ضوء هذا التراجع المخيف خرجت مبادرات وطنية كثيرة بدعم محلي ودولي لإقامة صناديق تمويلية متخصصة في دعم المشاريع الصغيرة والحرفية.

في عام 2009 جاءت مبادرة القمة الاقتصادية والاجتماعية العربية لإنشاء صندوق مهمته تمويل ودعم مشاريع القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة تحت إدارة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي. غير أن هذه المبادرات لم يكتب لها النجاح لأسباب عدة، أبرزها ضعف البنى التحتية في الأرياف وغياب الإطار التنظيمي والاستشارات الضرورية لأصحاب المشاريع، إضافة إلى معوقات التمويل والفساد في الإدارات الحكومية وإجراءات تقديم القروض. وزاد الطيب بله تلك الاضطرابات التي تجتاح العديد من الدول العربية وفي مقدمتها ليبيا وسوريا والعراق ومصر واليمن. وسممت هذه الاضطرابات مناخ الاستثمار والعمل في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عطل الكثير من هذه المبادرات أو أجل تنفيذها.

الأهمية الحيوية لإحياء المنتوج المحلي

حاليا تطال الاضطرابات السياسية والأمنية والحروب والإرهاب جميع الدول العربية بشكل أو بآخر، في وقت تستمر فيه أسعار النفط والمواد الأولية في الانخفاض. وبعد فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية فمن المتوقع أن يشهد العالم مزيدا من التشدد في السياسات الحمائية. ويعني ذلك تراجع إيرادات الدول العربية وانخفاض قدراتها على استيراد الأغذية والألبسة وغيرها من متطلبات الحياة اليومية. ولتلافي تلك التبعات السلبية فإن تشجيع المنتج المحلي في الزراعة والأنسجة والحرفة هو الخيار الأنسب على المدى المنظور. يقول قاموس الصناعات الشامية إن دمشق على سبيل المثال، عرفت حوالي 350 حرفة أوائل القرن الماضي. ومع أوائل القرن الحالي لم يبق فيها سوى بعض العشرات من تلك الحرف. وعليه فإن التحدي الأكبر يكمن في إعادة تشجيع وإحياء المنتوج المحلي لوقف التوسع الذي تشهده دائرة الفقر والبطالة في الدول العربية وتحسين مستوى المعيشة فيها.

يشارك المغرب في الدورة 79 للأسبوع الأخضر الدولي ببرلين، والذي من المنتظر أن يستقبل حتى نهايته ما يزيد عن 420 ألف زائر. ويمثل المغرب 15 عارضاً مغربياً يقدمون منتجات متنوعة، من بينها الزعفران أو الذهب الأحمر، كما يسميه المغاربة. وهو المنتوج الذي تقدمة هذه العارضة من منطقة تالوين جنوب المغرب.

يهدف المغرب، من خلال مشاركته في الأسبوع الأخضر إلى الترويج لمنتجاته الفلاحية الوطنية في جميع أنحاء العالم. فعلى مساحة تبلغ 350 متر مربع، تم تصميم الرواق المغربي على شكل المدن العتيقة المغربية، وذلك بغية إدخال الزائرين في جو تاريخي. ويقدم العارضون المغاربة أيضاً المأكولات المغربية الشهيرة مثل الطاجين والكسكسي.

يشارك في الأسبوع الأخضر مجموعة من التعاونيات الفلاحية من مختلف الجهات المغربية. وقد قطع المغرب أشواطاً مهمة في هذا النظام، الذي يسعى لمساعدة الفلاحين الصغار على تسويق منتجاتهم في إطار تعاونيات. وتنشط هذه التعاونيات في مختلف القطاعات الزراعية، وخاصة في إنتاج زيت أركان والزعفران وزيت الصبار، الذي يظهر على الصورة، والذي يستخرج منه المربي ويستخدم في التجميل أيضاً.

بعد أربع وعشرين سنة تعود المملكة العربية السعودية للمشاركة في الأسبوع الأخضر بشكل رسمي. وذلك من خلال عرض منتجات فلاحية مثل التمور ومشتقاتها، بالأضافة إلى الأسماك والدواجن وغيرها من الأطباق التقليدية. وتقدم هذه الأطباق في جو تقليدي، كما يظهر في هذه الصورة، حيث يجلس وزير الزراعة السعودي ( وسط) الدكتور فهد بالغنيم، الذي جاء "للترويج للسلع السعودية وتعزيز الشراكة مع ألمانيا"، كما صرح لـ DW عربية.

تتميز المملكة العربية السعودية بواحاتها الشاسعة، حيث تنتشر أشجار النخيل. وهو ما يجعل المملكة من بين أهم الدول المنتجة للتمور. وتتميز التمور السعودية بجودتها وبتنوعها. بالإضافة إلى تناولها مع بعض الخلطات الشهية. وهو ما جعل الزائرين يتاوفدون على الرواق السعودي للاستمتاع بالطعم المميز للتمور السعودية.

يجمع المطبخ السعودي بين بهارات الشرق القديم ونمط الحياة البدوية. ويمكن للزائرين في معرض الأسبوع الأخضر تذوق بعض الأطباق السعودية التقليدية مثل الدجاج المحمر مع الأرز واللوبيا بالزعفران أو حلوى التمر على الطريقة السعودية( الحيسة).

تشارك تونس في معرض الأسبوع الأخضر برواق تقدم فيه الأطباق التونسية بمذاق الهريسة. بالإضافة إلى ماء الزهر والعديد من الأواني التقليدية المصنوعة من شجر العرعار.

القهوة العربية على الطريقة الشامية، حاضرة أيضا في الأسبوع الأخضر، حيث يقدم أحد العارضين اللبنانيين القهوة العربية في الفناجين الصغيرة. في لباس تقليدي، تقدم هذه السيدة القهوة العربية للزائرين الألمان، كرمز للضيافة العربية، على حد قولها.

تحظى إستونيا بأهمية خاصة في الأسبوع الأخضر 2014. فتحت شعار "اختلاف رائع" يسعى البلد الشريك للمعرض لهذا العام إلى التعريف بكنوزه الدفينة: الماء، الهواء النقي، الغابات، المروج. أفضل الشروط اللازمة لإنتاج نوعيات متميزة من السمك واللحم والحليب. هذه العارضة الإستونية تقدم أكواب البيرة وقطع من لحم الغزال المجفف على الطريقة الإستونية.

في سبع صالات كبيرة يمكن للزوار القيام بجولة غذائية في ألمانيا، حيث يشارك أكثر من 500 عارض يقدمون أطيب الوحبات القادمة من مختلف الولايات الألمانية. هذا بالإضافة إلى المشروبات الكحولية، وخاصة البيرة البافارية، التي تشتهر بها ألمانيا. هؤلاء الزوار من منطقة بافاريا يستمتعون بالأطباق البافارية وشرب البيرة، التي تشتهر بها ألمانيا.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل