المحتوى الرئيسى

بن حلي يؤكد قدرة الدول الأفريقية الأعضاء في مجلس الأمن قيادة مبادرة جادة لإصلاحه

12/18 15:23

أكد الســـفير أحـــمد بـن حـــلّي نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية أن الدول الأفريقية الأعضاء في مجلس الأمن بإمكانها قيادة مبادرة جادة لإصلاح مجلس الأمن.

وأضاف بن حلي خلال كلمته في الدورة الرابعة رفيعة المستوى حول السلم والأمن في أفريقيا والدور المنوط بالدول الأفريقية الأعضاء في مجلس الأمن الدول وهران أن ذلك يمكن أن يتم بالتنسيق والتعاون مع المجموعات الجيوسياسية وإعادة التوازن والمصداقية للنظام الدولي في حفظ السلام وتحقيق الأمن الجماعي الذي توسع مفهومه بإدخال العناصر الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية في مضامينه.

وفيما يلي نص كلمة الســـفير أحـــمد بـن حـــلّي نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية في الدورة الرابعة رفيعة المستوى حول السلم والأمن في أفريقيا والدور المنوط بالدول الأفريقية الأعضاء في مجلس الأمن الدولي وهران:

بسم الله . . وبحمده . . معالي السيد رمطان لعمامرة وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية للجزائر،أصحاب المعالي الوزراء،

سعادة السفير إسماعيل شرقي مفوض السلم والأمن للاتحاد الأفريقي،أصحاب السعادة ممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي،السيدات والسادة،

يسعدني باسم جامعة الدول العربية وأمينها العام السيد أحمد أبو الغيط، أن أشارك في موعد وهران السنوي الرابع حول قضايا السلم والأمن في أفريقيا، والذي يركز نشاطه هذه السنة على الدور المنوط بالدول الأفريقية الأعضاء في مجلس الأمن الدولي.

لقد ترسخ منتدى وهران كمحفل دولي لطرح الأفكار وتقديم التوصيات والاقتراحات المتعلقة بمعالجة الأزمات، والحفاظ على السلم والأمن في أفريقيا وما حولها.

ويستمد منتدى وهران السنوي عناصر انتظامه وقوة فاعليته من التجربة الجزائرية الرائدة في الوساطات وفي إعمال الدبلوماسية السلمية لتسوية النزاعات وتحقيق المصالحات، وهي السياسية الرصينة التي رسم معالمها وأرسى أركانها رئيس الجمهورية فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

فعلى المستوى الوطني تمثلت التجربة الجزائرية خاصة في تطبيق مشروع الميثاق الوطني من أجل السلم والمصالحة الوطنية، وعلى المستوى الإقليمي والدولي في الوساطات الناجحة التي قادتها الجزائر والمساعي الحميدة التي بذلتها وتبذلها في فض النزاعات بالطرق السلمية، بحيث أصبحت التجربة الجزائرية مرجعية دولية في الدبلوماسية الدولية.

واسـمحوا لي في هذا المقام أن أتناول بعض العناصر المتصلة بموضوع الندوة وهي:

أولا: لقد أصبحت جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي صنوان وقرينان متكاملان بحكم النطاق الجغرافي الذي يجمعهما، والميراث الحضاري والتاريخي والقيم التي يتمسكان بها، وتقاطع المصالح وقضايا الأمن والسلم في فضائهما المشترك. ولقد انعكس ذلك على مسار التعاون العربي الأفريقي في أبعاده الإستراتيجية، باعتباره أرضية مشتركة لبناء شراكة مستقبلية مستدامة، تساهم في نهضة أفريقيا والعالم العربي.

وكان انعقاد القمة العربية الأفريقية الرابعة مؤخراً في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية في خضم جملة من التحديات الضاغطة، مؤشراً هاماً لدى الطرفين بضرورة المضي قدماً لإرساء أركان الشراكة العربية الأفريقية وإزالة كافة العوائق التي تعرقل مسيرتها.

ثانيا: هناك عمل مشترك تم انجازه بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي في مجال معالجة بعض الأزمات وبالذات تجربة السودان وجزر القمر والصومال، الأمر الذي يشجع على مواصلة الجهد المشترك مستقبلا. واعتقد أن تشكيل لجنة ثلاثية مؤخراً ما بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية للتنسيق في مساعدة الأشقاء في ليبيا للخروج من الأزمة الراهنة يسير في الاتجاه السليم لإنجاح الوساطات وتوثيق التعاون بين المبعوثين الإقليميين والدوليين لمناطق النزاعات.

ثالثا: التأكيد على تطابق الرؤية العربية مع الرؤية الأفريقية في مجال تمكين المنظمات الإقليمية من الاضطلاع بمهام حفظ السلام في مناطقها ومدها بالأدوات والإمكانيات اللازمة لأداء هذا الدور، وذلك اتساقا مع الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، ومن منظور تعزيز الأمن الجماعي بإيجاد آليات إقليمية متعددة تساهم في حفظ السلم والأمن الدوليين وفي تقاسم المجتمع الدولي لأعباء حفظ السلام وبناء مقوماته أثناء النزاعات وما بعدها.

رابعا: التأكيد على أن التحولات الكبرى الجارية في أفريقيا والعالم العربي من أجل إحداث التغيير والإصلاح المطلوب، وإرساء دعائم الديمقراطية والحكم الرشيد، والتصدي لمظاهر التخلف والظلم والفساد؛ هي أولوية افريقية عربية؛ تندرج في سياق التطور الطبيعي للمجتمعات، ولا ينبغي ربطها بمفاهيم أو شعارات أو منطلقات خارجية؛ التي غالبا ما تكون على حساب استقرار الدولة الوطنية أو محاولات لتمزيق نسيجها الاجتماعي وتعكير صفو السلم الأهلي بها، وإثارة النعرات الاثنية والطائفية والجهوية. فاحتمال فرضية الأجندات الخارجية يظل خطراً وارداً، ولذلك لابد من إدراك مخاطر وتبعات ذلك والعمل على إجهاض المخططات المريبة المرتبطة بهذه الأجندات.

خامسا: الابتعاد عن أسلوب الهرولة في إدارة الأزمات باللجوء إلى استعمال القوة أو التهديد بها، أو التسرع في فرض عقوبات على الدول والأفراد المنخرطين في الصراع، قبل استنفاذ كافة الوسائل السلمية المطلوبة لإنهاء الصراع. مع الأخذ في الاعتبار التوازنات الدقيقة لأقطاب الصراع، وبالذات عند إصدار القرارات من قبل المجتمع الدولي؛ إذ لابد من الابتعاد عن المعايير المزدوجة التي أصبحت – مع الأسف – احد المعوقات في تسوية النزاعات وفي حفظ السلم والأمن، وفي أعمال العدالة الانتقالية عند بناء السلام.

سادسا: التعبير عن ترحيب جامعة الدول العربية بقرار الاتحاد الأفريقي الرامي إلى وضع سقف زمني بحلول عام 2020 لتحرير أفريقيا من النزاعات والأزمات، وهو هدف نبيل يعبر عن تطلعات الشعوب الأفريقية والعربية في استتباب الأمن والاستقرار وتوظيف قدراتها في مشاريع البناء والتعمير، ونعتقد أن تحقيق هذا الهدف يتطلب في المقام الأول الاعتماد على الإمكانيات الذاتية الأفريقية، فإخفاق المجتمع الدولي في تطبيق القانون وفي ردع الخارجين عنه، والعابثين بالشرعية الدولية أدى إلى تآكل ثقة الرأي العام في النظام الدولي، كما هو الحال بالنسبة للشعب الفلسطيني الذي ما يزال يرزح تحت الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي البغيض ويتعرض لصنوف القهر دون وازع أو رادع من قبل المجتمع الدولي.

وعندي اليقين أن الدول الأفريقية الأعضاء في مجلس الأمن بإمكانها قيادة مبادرة جادة لإصلاح مجلس الأمن بالتنسيق والتعاون مع المجموعات الجيوسياسية وإعادة التوازن والمصداقية للنظام الدولي في حفظ السلام وتحقيق الأمن الجماعي الذي توسع مفهومه بإدخال العناصر الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية في مضامينه.

كما أود في هذا الصدد التذكير بالقرار الهام الذي اتخذته القمة العربية بالجزائر عام 2005 بشأن الدعوة إلى إصلاح الأمم المتحدة بما فيها مجلس الأمن وحددت عدداً من العناصر والمعايير لذلك، عبر إعادة النظر في فئات العضوية في مجلس الأمن وفي قواعد اتخاذ القرارات والصلاحيات الممنوحة له، كما أن الإفراط في استعمال الفيتو وضع المجتمع الدولي في حالة عجز أمام معالجة العديد من القضايا الدولية الحيوية، الأمر الذي يتطلب إعادة تقنينه، وتفادي استعماله عند تناول المسائل الإنسانية والاغاثية وحماية المدنيين أثناء النزاعات والحروب.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل