المحتوى الرئيسى

لأنهن أكثر أهمية.. الفيروسات تطورت لتكون أكثر فتكًا بالرجال عن النساء - ساسة بوست

12/18 12:00

منذ 1 دقيقة، 18 ديسمبر,2016

لعل واحدة من أكثر الأسرار القائمة في مجال العلوم الطبية تكمن في هذا السؤال «ما السبب في أن بعض الأمراض المعدية تسبب أعراضًا أكثر شدة لدى الرجال مما هي عليه مع النساء؟» على سبيل المثال، الرجال المصابون بالسل هم أكثر عرضة بمقدار مرة ونصف للوفاة من النساء، وخمس مرات أكثر عرضة للإصابة بالسرطان عند الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري (HPV).

يعتقد العلماء الآن أنهم يفهمون السبب، وهو أنّ النساء أكثر أهمية من الرجال كمضيفين للفيروس، ولذلك فإن مسببات الأمراض تطورت للحفاظ على النساء لأطول فترة ممكنة على قيد الحياة، على عكس الرجال.

ويقول «فراسيسكو أوبيدا»، أحد أعضاء الفريق البحثي الذي توصل لهذه النتيجة، من جامعة رويال هولواي في لندن، إن من الممكن أن تكون الفيروسات قد تطورت لتكون أقل خطرًا على النساء، «فهي تتطلع إلى الحفاظ على الإناث أكثر من الرجال»، على حد تعبيره، مُضيفًا «السبب وراء أن هذه الأمراض أقل ضراوة في المرأة، يعود إلى أن الفيروس يريد أن ينتقل من الأم إلى الطفل، إما عن طريق الرضاعة الطبيعية، أو فقط من خلال الولادة».

الفرضية الأساسية المتعلقة بهذا الأمر، هي أنه في حين أن المرض هو العلامة الأكثر وضوحًا التي تدل على إصابتنا من قبل فيروس أو بكتيريا ما، فإن الهدف الرئيس لهذه الكائنات هو أن تتكاثر وتنتشر من مضيف لآخر، وليس أن تجعلنا مرضى، فالفيروسات والبكتيريا هي كائنات حية، مثلها مثل البشر، تريد أن تبقى وتحافظ على نوعها، والمرض الذي نصاب نحن به هو مجرد خسارة موازية لعملية التكاثر والبقاء.

والمرض الذي يأتي للإنسان أو حتى الحيوان مصاحبًا للإصابة بعدوى ما هو أحد الأعراض الجانبية المؤسفة، سواء بالنسبة للمضيف أو لمسبب المرض نفسه؛ لأنه إذا أصبح المضيف طريح الفراش أو مات، فإنه لن يساعد الفيروسات والبكتيريا على التكاثر والانتشار، لذلك فإن الأمر المثير للسخرية هنا هو أن مسببات العدوى لا تحب فكرة أنها تتسبب لك في المرض، لأن بقاءك على قيد الحياة معافى أفضل لها بكل تأكيد.

ويقول «فنسنت يانسن»، وهو أحد أعضاء الفريق البحثي، في تصريحاته لمجلة «نيو ساينتست»، إن المرض ليس شيئًا يمكن لمسبب المرض تحديدًا أن يقوم به، ولا يفضل هذا على الإطلاق؛ لأنه يكون كما لو أطلق النار بنفسه على قدمه، وبالتالي يصيب نفسه بمشكلة لا يريدها.

وهذا يعني أنه إذا كنت أنت فيروسًا أو بكتيريا قادرة على أن تنتقل من شخص لآخر – بما في ذلك من الأم إلى الطفل – فإنك كنت لتختار أن تصيب امرأة؛ لأن هناك فرصة في أنك كفيروس أو بكتيريا أنك إما أن تنتشر من خلال العدوى إلى الناس الذين يكونون في اتصال مباشر مع هذه المرأة في الحياة اليومية، أو أنك ستنتقل إلى الطفل من خلال الولادة.

لكنك لو قررت أن تصيب رجل بالعدوى، من ناحية أخرى، فإنك لا تملك إلا وسيلة واحدة يمكن أن تنقل العدوى من خلالها، لأنك لن تستطيع نقل العدوى عبرهم من خلال الحمل أو الولادة أو الرضاعة الطبيعية.

الفيروسات في الواقع لا ترغب في وفاتك أو إمراضك

وقرر أوبيدا وفريقه استكشاف ومعرفة، السبب وراء إظهار بعض مسببات الأمراض ميلًا لتفضيل النساء على الرجال، وذلك بالنظر، ليس في استجابة المرضى، وإنما في استراتيجية مسبب المرض.

وبدلًا من التركيز على الاختلافات في الجهاز المناعي للذكور والإناث، وكيف أن هذه يمكن أن يلعب دورًا في شدة الأعراض، فإن هذا الفريق البحثي كان يريد معرفة ما إذا كان هناك شيء يقوم به مسبب المرض هو الذي يمكن ان يردي إلى مثل هذه النتائج.

وقال أوبيدا «فوجئنا أن كل التفسيرات المحتملة للاختلافات التي لوحظت في درجة الإصابة وانتشار المرض بين الرجال والنساء تركزت على المريض في الأبحاث الماضية، وأنه قد جرى تجاهل مسبب المرض إلى حد كبير».

وأضاف: أنهم نظروا للأمر من جهة مسبب المرض، وليس من جهة المريض، وبدأوا في البحث عما إذا كان الانتقاء الطبيعي لهذه الكائنات تفضل سلوكًا مختلفًا بالنسبة لكل جنس، الذكر والأنثى.

وأحضر الباحثون نموذجًا رياضيًا خاصًا بعملية نقل مسببات الأمراض بين الرجال والنساء، وجرى تطبيقه لمعرفة أية استراتيجية يمكن أن يفضلها فيروس ما. واستخدم الباحثون في تجربتهم هذه فيروس خلايا «تي» الليمفاوي البشري (T-cell lymphotropic virus type 1) والمعروف اختصارًا بـ«HTLV-1»، وهو فيروس منتشر في كل من اليابان ومنطقة جزر الكاريبي وغرب إفريقيا.

وأظهرت النتائج أن الفيروس كان يتسبب في حدوث سرطان في خلايا الدم تي (ATL)، وهو سرطان قاتل، في الرجال اليابانيين ثلاث مرات ونصف أكثر من النساء، ولكن في منطقة البحر الكاريبي، كان احتمال أن يتسبب الفيروس في حدوث سرطان هو نفسه بين الجنسين.

وبالنظر إلى أن فيروس «HTLV-1» ينتشر إما عن طريق الاتصال الجنسي أو من الأم إلى الطفل خلال فترة الرضاعة، يرى الباحثون أن الاختلافات في اتجاهات الرضاعة الطبيعية في اليابان ومنطقة البحر الكاريبي يمكنها أن تفسر هذه الاختلافات في النتيجة بين المنطقتين.

وبالعودة إلى أوبيدا، فقد علق على هذه الجزئية قائلًا «وهذا يمكن أن يكون نتيجة إلى أن نسبة أعلى من النساء اليابانيات يرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية، ولفترة أطول بالمقارنة مع النساء في منطقة البحر الكاريبي. وهذا يوفر للمرض أكثر من فرصة لانتقاله إلى الأطفال».

وهناك الكثير من الأمثلة التي تدعم الفرضية القائلة بأن الفيروسات والبكتيريا التي يمكن أن تنتقل من الأم إلى الطفل، تفضل النساء كمضيف صالح وجيد وأكثر قيمة، وطورت الفيروسات بالفعل السلالات التي تبقي النساء على قيد الحياة لفترة أطول من الرجال. فالرجال المصابون بفيروس «إبشتاين بار» (Epstein-Barr virus) هم أكثر عرضة مرتين لأن يتطور فيهم المرض باتجاه سرطان الغدد الليمفاوية أكثر من النساء،. أيضًا الرجال لديهم خطر أعلى لإمكانية الإصابة بالدرجة الشديدة من جدري الماء أكثر من الإناث، وكلا هذين الفيروسين قادر على أن الانتقال من الأم إلى الطفل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل