المحتوى الرئيسى

في أسيوط.. «الورث» حرام على البنت حلال لأبناء العم

12/18 07:13

6 آلاف قضية نزاع على الميراث في سنويا

مراكز الجنوب تتفشى فيها الظاهرة عن شمالي أسيوط

دراسة: 5% لم يطالبن بميراثهن حتى لا يخسرن عائلاتهن 

سيدة: «شقيقي قاللي البنت لا ترث».. ومُدرسة: «قالولي اتعلمتي واتزوجتي ومالكيش حاجة تاني»

حرمان المرأة من الميراث في صعيد مصر يعد عرفا شائعا بين أغلب العائلات الكبرى التي تمتلك حيازات زراعية كبيرة؛ خوفا من تفتيت الملكية أو ذهابها إلى إحدى العائلات الأخرى، وهو ما يعد أحد الأسباب الرئيسية لتفشي تلك الظاهرة، ويتم الاستعاضة عن الميراث في هذه الحالات بما يعرف بالترضية.

وفي أسيوط تتفشى تلك الظاهرة بشكل كبير حتى أنها تمثل عرفًا وتقليدًا متبعًا في بعض القرى، منها أيضا القرى المشهور عنها ارتفاع نسبة التعليم الديني بها مثل قرية بني عدي="/tags/64127-%D8%A8%D9%86%D9%89-%D8%B9%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA">بني عديات التابعة لمركز منفلوط، إذ لا تورث المرأة هناك إطلاقا، خاصة في الأراضي الزراعية، ويتم تعويضها بمبلغ رمزي لا يمثل حتى 5 % من قيمة هذه الأرض.

حمدية إسماعيل ربة منزل، بأسيوط، روت لـ"التحرير" كيف أنها لم تستطع مطالبة أخويها بنسبتها من الميراث خوفا من انقطاع العلاقة الأسرية وعزلها عن العائلة، مشيرة إلى أن ذلك تسبب في مشكلات بينها وزوجها أدت إلى الطلاق، وقالت إن أخويها ظلا طيلة زواجها يودونها بالزيارات الأسرية على أساس أنه جزء من نصيبها بالميراث.

وترددت "سحر ع ل"، ربة منزل من مركز منفلوط، على محاكم أسيوط للمطالبة بنصيب زوجها من أخيه ما يصل إلى 60 فدانا، حُرمها شقيق زوجها على أطفالها بحجة أن والده كان رافضا لهذا الزواج، ورفعت الأرملة عددا من الدعاوى القضائية لكنها لم تصل إلى شيء حتى الآن، وقالت لـ"التحرير" بصوت اليأيس: "حتى لو حكم لي القضاء بذلك فمن يستطيع تمكيني من الأرض".

يؤكد أحمد سعد المحامي من مركز منفلوط، أن قضية حرمان المرأة من الميراث في أسيوط ظاهرة عامة ومتفشية ولا يوجد لها حلول إلا عن طريق المجالس العرفية فمعظم العائلات لا تورث بناتها، ويرجع ذلك إلى قلة الوازع الديني والخوف من تفتيت الملكيات الزراعية.

ويشير سعد إلى الإحصائيات التي تفيد بأن هناك أكثر من 6 آلاف قضية نزاع على ميراث يتم تداولها أمام محاكم أسيوط سنويا، بالإضافة إلى 120 قضية حجر لعدم الأهلية للتصرف في ممتلكات أحد الوالدين أو كلاهما يقيمها الأبناء أو الأشقاء سنويا في محافظة لا يتعدى عدد سكانها 4.5 مليون نسمة، وهو ما يعتبر ظاهرة كبيرة ناهيك عن جرائم قتل تحدث سنويا بسبب النزاع على الميراث وفي عام 2016 وحدها سجلت أسيوط أكثر من 8 جرائم قتل بسب الميراث.

وأضاف سعد أن ظاهرة منع النساء من الميراث موجودة في كل مراكز المحافظة لكن المراكز الأعلى تعتبر البداري وساحل سليم وصدفا والغنايم وأبوتيج على الترتيب بينما تأتي مراكز أبنوب وديروط والقوصية ومنفلوط بعدها من حيث التمسك بتلك العادة الغير شرعية، ولفت أيضا إلى أن أبرز القرى التي لا تحصل فيها المرأة على الميراث في منفلوط هي بني عديات وجمريس ونزه قرار وبني رافع وبني شقير والمندرة قبلي وفي ديروط تعتبر دشلوط وديروط الشريف وساو وبني يحيي والمندرة بحري وببلاو بجانب مدينة ديروط نفسها، بينما تتفشى الظاهرة في قرى فزارة ومير والمنشأة الكبرى والنزالي والتتالية وبني قرة في مركز القوصية، ويستكمل بأن مركز البداري بجميع قراه يعتبر الأبرز في عدم توريث المرأة.

وأخبرت ليلى عبدالمولى "التحرير" أنها من مدينة منفلوط ومتزوجة في مركز ديروط ورفعت قضية للمطالبة بميراثها من شقيقها الذي رفض منحها أي شيء بعدما قال لها: "البنت لا ترث".

وأكدت ليلى أن نصيبها من تركة والدها يصل إلى 20 فدانا هي وأربعة أخريات من شقيقاتها بجانب أخين ذكور يصل نصيب كل واحد منهم إلى 40 فدانا، ولكن أخويها رفضا منحهن الميراث وقسما 100 فدان بينهما، ليصل نصيب كل منهما إلى 90 فدانا دون أن يلتفتا إليهن، مشددة على أنهن  بحاجة ماسة ‘لى هذه التركة لظروفهن المالية الصعبة.

"عندما بدأنا في إجراءات توزيع التركة بيننا ليكون لأخواتي البنات نصيبهن فوجئت بأشقاء والدي يرفضون ذلك وقاموا بحرث الأرض لزراعتها بحجة أنهم يزرعونها للإنفاق على أخواتي الأربع اللاتي لم يتزوجن، وأني لن أحصل على نصيبي إلا بعد انتهاء تعليم أخواتي وزواجهن".. حيلة اتبعها الأعمام لمنع سعاد محمود، المُدرسة، من الميراث، بعدما توفيا والداها منذ خمسة أعوام في حادث مروري، وتركاها وشقيقاتها الأربعة دون ذكور، وكان يمتلك والدها 15 فدانا زراعيا بجانب منزلين. 

وقالت سعاد: "عمي أخبرني فيما بعد بمقولته «أنتي أخدتي حقك واتعلمتي واتزوجتي ومالكيش حاجه تاني»".

الدكتور عصام زناتي نائب رئيس جامعة أسيوط وعميد كلية الحقوق الأسبق قال إنه أعد دراسة مسحية عن تفشي ظاهرة حرمان المرأة في الصعيد من الميراث أثبتت أن محافظة أسيوط تعد نموذجا صارخا على الظاهرة.

وأضاف زناتي أنها منتشرة في مراكز الجنوب بحدة أكثر عن مراكز الشمال، موضحا أن حرمان النساء من ميراثهن في الأراضي الزراعية يأتي في الدرجة الأولى، يليه حرمانهن من إرثهن في البيوت أو العقارات وذلك في محاولة للحفاظ على الأراضي الزراعية من التفتيت خاصة إذا ما كانت المرأة صاحبة الإرث متزوجة من خارج أبناء العائلة على الرغم من ارتفاع نسبة التعليم وخاصة الدين، ويأتي تعويضهن بالقليل من المال حتى لا يتم اتهام العائلة بأنها خالفت الشرع.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل