المحتوى الرئيسى

محللون: رفع أسعار الوقود مجدداً قبل نهاية العام المالى

12/18 08:52

العجز يتخطى المستهدفات والتضخم يلامس %25 بنهاية يونيو

قطاع البتروكيماويات المستفيد الوحيد من الزيادات المتوقعة

توقع محللون اقتصاديون أن تتأثر مؤشرات الاقتصاد المحلى سلباً بسبب الزيادة المتوقعة لسعر برميل البترول ليتجاوز 60 دولاًار، وذلك عقب قرار أوبك الأخير خفض الإنتاج، مؤكدين فى الوقت نفسه أن الحكومة لن تقدم على موجة جديدة من خفض دعم المحروقات خلال العام المالى الجارى الذى ينتهى يونيو 2017، وأن ذلك الأمر سيتم تدريجياً خلال العامين الماليين المقبلين وفقاً لخطة الإصلاح الاقتصادى.

ورجح الاقتصاديون أن يؤدى الصعود فى مستويات أسعار البترول إلى زيادة أعباء الموازنة العامة بمقدار الضعف فى بند دعم المحروقات، بالتزامن مع ارتفاع معدلات التضخم، بشكل سنوى إلى نسب تتراوح بين %20 و%25 بنهاية العام المالى الجارى.

وقررت منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك منذ أسابيع، بالاتفاق مع أعضائها خفض سقف الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل يوميا، واستقرت أسعار النفط يوم الخميس الماضى وسط توقعات بشح وشيك فى السوق عام 2017، وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت العالمى ثلاثة سنتات عن الإغلاق السابق إلى 53.93 دولار للبرميل وذلك وفقاً لوكالة رويترز.

وقال المحللون إن تكلفة دعم المواد البترولية بالموازنة العامة سترتفع إلى مستويات تتراوح بين 70 و90 مليار جنيه، مقارنة بـ 35 مليارًا أقرتها الحكومة بموازنة العام المالى الحالى، بناء على تنبؤات بوصول أسعار النفط لمستويات تتراوح بين 55 و65 دولارًا للبرميل عقب قرار "أوبك"، بجانب زيادة سعر الدولار أمام العملة المحلية عقب التعويم بنحو %100.

وقالت مجموعة إيه إن زد المصرفية الأسترالية، إن أسواق النفط ستنتقل إلى عجز كبير فى الربع الأول من 2017 إذا مضت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والمنتجون الآخرون بقيادة روسيا فى تخفيضات الإنتاج التى أعلنوها والبالغ حجمها نحو 1.8 مليون برميل، ورجحت أن يدفع هذا أسعار النفط إلى أعلى بكثير من 60 دولارا للبرميل أوائل العام المقبل.

وبحسب بيان موازنة العام المالى الجارى، يبلغ تقدير دعم المواد البترولية نحو 35.043 مليار جنيه، وذلك اعتمادا على تراجع أسعار النفط من 70 دولارًا بموازنة 2015 – 2016 إلى 40 دولارًا للبرميل بموازنة العام الحالى.

ويشير بيان الموازنة إلى أن كل زيادة فى سعر برميل خام برنت بقيمة دولار واحد خلال العام، ستؤدى إلى ارتفاع قيمة دعم المواد البترولية بقيمة 1.5 مليار جنيه، على جانب المصروفات.

كما أن انخفاض متوسط سعر صرف الجنيه أمام الدولار 10 قروش يؤدى إلى ارتفاع قيمة دعم المواد البترولية بنحو 0.8 مليار جنيه، على جانب المصروفات، وزيادة العجز بقيمة 1.1 مليار جنيه.

ويتجاوز سعر الدولار بالبنوك حاليا مستويات 18 جنيها، وذلك عقب قرار أصدره البنك المركزى شهر نوفمبر الماضى، بتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية.

وعلى الجانب الآخر توقع المحللون أن ينعكس القرار إيجابًا على قطاع البتروكيماويات، وزيادة فى التدفقات الاستثمارية لحكومات الدول الخليجية، نتيجة ارتفاع أسعار النفط مجددا عقب هبوطها العامين الماضيين.

بداية قالت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث بشركة فاروس القابضة للاستثمارات المالية، إن اتفاق أوبك سيؤدى إلى ارتفاع أسعار النفط على المدى القصير لمستويات تتراوح بين 55 و65 دولارًا، ما سينتج عنه زيادة عبء دعم المحروقات فى الموازنة إلى 90 مليار جنيه، وزيادة معدلات العجز إلى %12.5 من الناتج المحلى.

وأشارت السويفى إلى أن معدلات التضخم قد تصعد إلى مستويات %25 على أساس سنوى بنهاية الربع الأول من العام 2017، مع استيعاب السوق للصدمة الكاملة الناتجة عن الارتفاعات السعرية التى نتجت عن قرار تحرير سعر الصرف، لتعاود التراجع مجددا خلال عام مع هدوء هذه الموجة، وتراجع معدلات الاستهلاك نتيجة زيادة الأسعار.

واستبعدت اتخاذ الحكومة أى خطوات جديدة بشأن أسعار المحروقات العام الحالى، مشيرة إلى أن أى زيادات سعرية جديدة فى إطار رفع الدعم ستتم فى غضون العامين المقبلين.

وأشارت إلى أن قطاع البتروكيماويات والتعدين، والصناعات الكيماوية سيستفيد من القرار، خاصة أن تسعير منتجات هذه القطاعات مرتبط بسعر البترول وأن أى زيادات سعرية متوقعة سترفع أسعار المنتجات، ما سينعكس إيجابا على ربحية الشركات المنتمية لهذه القطاعات.

وأكدت ضرورة اتخاذ الحكومة تدابير احترازية للحد من تداعيات ارتفاع أسعار النفط، خاصة مع تراجع قيمة العملة المحلية بعد تحرير سعر الصرف، وذلك من خلال زيادة الحصيلة الضريبية ومنح القطاع غير الرسمى حوافز للانضمام للمنظومة الضريبية، وربط رواتب القطاع العام بالإنتاجية للحد من إهدار الأجور فى المنشآت الحكومية، وإلغاء الدعم السلعى واستبداله بالدعم النقدى لحماية الفئات الأكثر فقرا من التداعيات السلبية لارتفاع معدلات التضخم.

وقال أبوبكر إمام، رئيس قسم البحوث بشركة برايم القابضة، إن ارتفاع أسعار البترول الناتج عن القرار ستنتج عنه تداعيات إيجابية وأخرى سلبية، مشيرًا إلى أن الإيجابيات ستتمثل فى زيادة حصيلة مصر من الصادرات البترولية، واستفادة قطاع البتروكيماويات.

وتصدر مصر بعض أنواع النفط والمنتجات البترولية للسوق العالمية، وإن كان بمبالغ ضئيلة، سجلت 600 مليون دولار خلال عام 2015، وتعد هذه المنتجات إما فائضة عن الحاجة، وإما غير مناسبة لعمليات التكرير فى المعامل المصرية.

وعلى الجانب السلبى، قال إمام إنه سيضاف عبء جديد إلى الموازنة ببند دعم المواد البترولية، قد يتجاوز الـ70 مليار جنيه، نتيجة الفجوة الكبيرة فى سعر البترول المعتمد بالموازنة، وسعر الدولار الأمريكى، ما قد يصعد بعجز الموازنة إلى مستويات %13 نهاية العام المالى الحالى.

وتوقع إمام أن يصعد التضخم لمستويات تتراوح بين 18 و%20 على أساس سنوى بحلول نهاية العام المالى الحالى، وقيام البنك المركزى بخفض أسعار الفائدة بنسبة %3، إذ تؤدى مستويات الفائدة المرتفعة هذه إلى تأثر نشاط البنوك، والقطاع الخاص، متسائلا: من سيتجه للاقتراض بمعدلات الفائدة هذه؟

واستبعد إمام أن يتم تنفيذ قرارات رفع دعم المحروقات بشكل تدريجى فى مواعيدها، مشيرا إلى صعوبة تنفيذ هذه الخطوات من الناحية الاجتماعية، خاصة عقب الزيادة التى أقرتها الحكومة الشهر الماضى.

وأكد إمام ضرورة استمرار الحكومة فى تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى، وخفض حجم الانفاق، وترك الاستثمار للقطاع الخاص، وعدم التدخل فيه، وتوجيه مخصصاته إلى برامج الحماية الاجتماعية، والتنمية، بجنب تفعيل قرارات المجلس الأعلى للاستثمار الصادرة الشهر الماضى.

وتم تخصيص 107 مليارات جنيه لبند الاستثمارات الحكومية بموازنة العام الحالى تمثل %11.4 من إجمالى المصروفات بزيادة %50.1 مقارنة بالعام الماضى، منها نحو 64 مليار جنيه، ممولة من الخزانة العامة للدولة بزيادة %25.5 عن العام المالى الماضى، والباقى فى صور منح وقروض وتمويل ذاتى.

وقالت إيمان نجم، محللة اقتصاد كلى، بشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، إنه مع الارتفاع المرتقب بأسعار النفط عقب قرار خفض الإنتاج يتوقع أن يرتفع سعر دعم المواد البترولية بموازنة العام الحالى إلى 72 مليار جنيه بعد تنفيذ خطة رفع الدعم، ما يرفع عجز الموازنة إلى مستويات %14.1.

وأشارت نجم إلى أنه من دون تنفيذ موجة جديدة من رفع الدعم يتوقع أن يصل دعم البترول بالموازنة إلى مستوى 96 مليار جنيه، مُرجحة ارتفاع معدلات التضخم على أساس سنوى خلال عام 2016، إلى مستويات تتراوح بين 18 و%20، مع زيادة الأسعار، عقب قيام الحكومة بزيادة أسعار الطاقة مؤخرا.

ورفعت مصر أسعار المحروقات والمواد البترولية الشهر الماضى، بنسب تراوحت بين 30 و%47، عقب إصدار البنك المركزى قرارًا بتحرير سعر صرف الجنيه، صعد بسعر الدولار بالسوق الرسمية من مستويات 8.88 جنيه، آنذاك، إلى قرب 19 جنيهًا حاليًا.

واستبعدت نجم أن تقوم الحكومة بزيادات جديدة لأسعار المحروقات خلال العام الجارى، متوقعة أن تتم هذه الخطوة العام المقبل.

وكانت خطة رفع دعم الطاقة جزءًا من برنامج إصلاح اقتصادى يتضمن عددًا من الإجراءات التقشفية التى يطالب بها صندوق النقد الدولى لمنح مصر قرضا بقيمة 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، وفى عام 2014 نفذت الحكومة أول موجة من تقليص الدعم الموجه للطاقة والذى يلتهم %20 من الموازنة العامة، بحيث يتم التخلص من دعم الطاقة تماما فى فترة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات.

وتوقع نعمان خالد، محلل اقتصاد كلى بشركة سى آى است مانجمنت، أن تخف حدة القرار على موازنة الدولة، مع استمرار الحكومة فى تنفيذ خططها لرفع الدعم عن المحروقات، ليصل بذلك عجز الموازنة إلى مستوى %12.5 بنهاية العام الحالى، وذلك مع تأثر الحصيلة الضريبية سلبا، نتيجة تراجع ربحية قطاع كبير من الشركات بسبب ارتفاع الأعباء بعد قرار تحرير سعر الصرف.

واستبعد خالد أن تتجه الحكومة لزيادة أسعار المحروقات بنسب تتراوح بين 100 و%150، مع زيادة أسعار البترول، كما توقعت أبحاث صدرت عن بنوك استثمار مؤخرا، مشيرا إلى أن هذا الافتراض مبنى على بقاء سعر الدولار عند مستوى 18 جنيها، وهو ما لن يحدث، مرجحا أن يتراجع السعر إلى مستويات 14 جنيها العام المقبل.

واستبعد خالد اتجاه البنك المركزى لرفع أسعار الفائدة مجددا العام الجارى، عقب الزيادة التى أقرها مؤخرا، والتى كانت تستهدف الحفاظ على سعر الصرف ومحاربة السوق السوداء.

وقرر البنك المركزى المصرى الشهر الماضى، رفع سعر الفائدة على الودائع والقروض بنسبة %3 ليصل إلى %14.75 و%15.75 على التوالى، فى خطوة تعد من أكبر عمليات تحريك سعر الفائدة.

ويقول خالد إن الشيء الوحيد الذى يمكن الاعتماد عليه حاليا لدعم الاقتصاد، يتمثل فى الاستثمار المحلى الخاص، وإن أى زيادة فى أسعار الفائدة ستؤدى لمزيد من العبء على المستثمرين، وصرفهم عن ضخ استثمارات جديدة بسبب ارتفاع أسعار الفوائد.

ورجح خالد أن يثبت البنك المركزى سعر الفائدة حتى نهاية الربع الأول من العام المقبل، ليتجه إلى خفضها فى الربع الثانى من عام 2014، مشيرا إلى أن نسبة الخفض سترتبط بسعر العملة.

وفى المقابل قال خالد إن هناك تداعيات إيجابية لارتفاع سعر النفط على مصر، تتمثل فى توجيه الفوائض المالية لدى حكومات لبعض دول الخليج، للاستثمار فى مصر.

وحول وجود إجراءات يمكن أن تتجه الحكومة لتطبيقها للحيلولة دون تأثر الاقتصاد سلبا بزيادة أسعار النفط، وما يتبعها من تداعيات، أشار خالد إلى عدم وجود إجراءات يمكن اتباعها على المدى القصير، مشددا على ضرورة اتجاه الدولة للإنتاج بهدف خفض النفقات الاستيرادية.

وقال أشرف العربى، عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان إن زيادة سعر البترول إلى أكثر من 60 دولارا للبرميل نتيجة خفض إنتاج أوبك، سيرفع العبء المادى على الموازنة المصرية فى ظل الاعتماد على الاستيراد بكثافة للوفاء بالاحتياجات البترولية وغيرها.

وسجلت الواردات المصرية خلال النصف الأول من العام الجارى 30 مليار دولار، من بينها بترول خام، ومنتجاته، بنحو 4 مليارات و549 مليون دولار.

وتوقع العربى أن ترتفع قيمة دعم المواد البترولية بالموازنة العامة خلال العام المالى إلى مستوى %12، بسبب الزيادة المرتقبة لأسعار البترول، كما رجح أن يزيد عجز الموازنة بقيمة 5 مليارات جنيه على الأقل، مع صعود وتيرة التضخم لتتراوح بين مستويات 20 و%25 بنهاية العام المالى الحالى، فى ظل الوتيرة المتسارعة لزيادة الأسعار، وزيادة سعر الدولار.

وتوقع العربى أن يثبت البنك المركزى أسعار الفائدة الحالية حتى نهاية العام الحالى، ليبدأ فى تحريكها صعودا بدءا من الربع الأخير من العام المالى 2017 – 2018، وتحديدا شهر أبريل، وهو الشهر الموافق لتقييم صندوق النقد خطوات برنامج الإصلاح الاقتصادى.. كما استبعد أن تتجه الحكومة لإجراء أى زيادات جديدة فى أسعار المحروقات قبل الفترة نفسها، بسبب الارتفاع الكبير فى معدلات التضخم، متوقعا أن تقيم الحكومة الخطوات التى تم تنفيذها فى البرنامج لرفع الدعم بالكامل عن المحروقات، ليستغرق فترة أطول من المقررة.

وأكد العربى ضرورة قيام الدولة بعدد من الإجراءات لاستيعاب التحديات الاقتصادية الراهنة من خلال تقييم الخطوات المنفذة ببرنامج الحكومة، وتحسين كفاءة الإيرادات عبر توسيع القاعدة الضريبية بضم المنظومة غير الرسمية وتعزيز تطبيق المعايير، والقوانين الضريبية، والحد من المصروفات.

وقال عمرو حسنين، رئيس شركة ميريس للتصنيف الائتمانى، والاستثمار، إن صعود أسعار البترول المتوقع عقب تحجيم إنتاج أوبك سيضيع الوفر الذى كان متوقعًا تحقيقه من رفع الدعم بالكامل عن المحروقات، بجانب إضافة أعباء إضافية ببند دعم المواد البترولية بنسبة %25، وكذلك ارتفاع فاتورة الواردات بنسبة %25.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل