المحتوى الرئيسى

سعر الدولار يضرب سوق الكتب .. «سور الأزبكية» يرفع أسعاره .. وأحد زواره: فلوس الكتاب هشتري بيها أكل لأولادي .. وصاحب كشك في شبرا يحوِّله لبيع الخضروات

12/17 21:23

منذ أوائل القرن العشرين، اعتاد شلبي وأبنائه على بيع الكتب الجديدة والمستعملة في مكتبته الشهيرة بسور الأزبكية، بأسعار زهيدة للطلبة، وطالبي الثقافة والعلم، دون أن يزد سعر كتاب أو مرجع علمي قط عن 50 جنيها، لكن الحال تغير اليوم، فوصلت أسعار بعض الكتاب إلى 100 و200 جنيه، لينتهي عصر "أي كتاب بـ2 جنيه".

شكّل سور الأزبكية سوقا رائجة للكتب، التي تجمع بين الثمن الزهيد والندرة في الوقت نفسه، وتعتمد أساسا على الكتب القديمة والمستعملة في مختلف مجالات المعرفة، يبيعها أصحابها بعد الانتفاع بها، أو يشتريها التجار من ورثة الكتّاب والأدباء، وبالتالي فهي فرصة للمواطن البسيط، الذي يسعى للقراءة والاطلاع مع ضيق ذات اليد.

إسراء، صحافية في إحدى الصحف الخاصة، تقول إن راتبها الضئيل، الذي لا يتخطَّ 700 جنيه، جعلها من مرتادي سور الأزبكية، الذي كانت أسعاره في متناول يداها، أما عن اليوم فتقول :"الكتاب اللي كان بـ5 جنيه بقى بـ10 .. كل حاجة بقت الضعف".

الأزمة الاقتصادية في مصر، وما تبعها من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، لم تلقِ بظلالها على السلع والمأكولات والملابس والأدوية فقط؛ بل وصلت أيضًا للكتاب؛ حيث قال عضو غرفة صناعة الطباعة والورق والتغليف باتحاد الصناعات المصرية، وليد رياض، إن أسعار الورق والأحبار ارتفعت بنسبة تتراوح بين 35 و40%؛ تأثرا بارتفاع سعر الدولار، لافتًا إلى أن صناعة الورق والتعبئة والتغليف تعتمد عليها جميع الصناعات المصرية، دون استثناء، وبالتالي ستتأثر جميع السلع بزيادات جديدة خلال الفترة المقبلة.

وأوضح رياض، أن البنك المركزي لا يوفر الدولار لصناعة الطباعة ويعتبرها من الصناعات غير الاستراتيجية، وبالتالي لا يضعها في أولويات توفير الدولار.

وبحسب بيانات غرفة تجارة القاهرة، تحتاج مصر إلى ما يعادل 450 ألف طن من ورق الكتابة والطباعة المستخدم في إنتاج كتب الدراسة والكتب الخارجية والكشاكيل والكراسات، يتم تدبير 200 ألف طن منها سنوياً عن طريق 22 مصنعاً، بينها مصنعان حكوميان هما إدفو وقنا لصناعة الورق، واستيراد ما يزيد على 250 ألف طن، و150 ألف طن من الورق الخاص بإنتاج الصحف سنوياً.

​تعود بدايات سور الأزبكية إلى أوائل القرن العشرين، عندما كان باعة الكتب الجائلون يمرون على المقاهي المنتشرة في ذلك الوقت لبيعها للرواد، ثم يستريحون في فترة الظهيرة عند سور حديقة الأزبكية بوسط القاهرة، حيث بدأ زوار الحديقة ومحبو الكتب يتوافدون على هؤلاء الباعة، الذين يأتون وقت الظهيرة، حتى عرف المكان بأنه سوق الكتب زهيدة الثمن، وفي فترة الأربعينيات وافقت حكومة الوفد، برئاسة النحاس باشا، على منح هؤلاء الباعة تراخيص رسمية، تحميهم من مطاردة شرطة البلدية.

ظل سور الازبكية أحد أهم معالم القاهرة والثقافة، بل وأشعر العاملين به بالمكانة  الثقافية، حيث تحدثوا مع نجيب محفوظ وغيره الكثير من الأدباء والساسة، أما اليوم، فأصبح الخوف هو الشعور المسيطر على باعة الكتب داخل الازبكية، حسبما ذكر سعيد، أحد الباعة بـ"أولاد شلبي"، موضحا: "حركة البيع والشرا قلت جدا، ومفيش حد بيشتري كتب الأيام دي، ما هو الناس هتجيب منين تشتري كتب وهما بيشتروا الاكل بالعافية".

ويواصل لـ"البداية" :"لو فضل الحال كدة الكتب تغلى علينا وأحنا نرفع في الأسعار ومفيش حد بيشتري، كمان سنة سنتين السور اللي استمر سنين هيختفي بلا رجعة".

زوار سور الأزبكية، قائلا:"أنا بقيت بفاضل بين الكتب واحتياجات البيت من أكل

وتعليم لأولادي، وفي الغالب برجَّح كفة الأكل، ما هو فلوس الكتاب اشتري بيها أكل لأولادي".

الكتب لجميع الأذواق وبمختلف الأسعار تجدها في هذا المكان، من مجلات الأطفال

الجديدة والمستعملة إلى مجلات الموضة والديكور والمجلات الشبابية، والكتب

والروايات الجديدة والمستعملة والقديمة جدًا والكتب التراثية، كلها تجدها على

امتداد أسوار جامعة القاهرة، فهناك سوق موازٍ لسور الأزبكية للكتب المستعملة، حيث

ينتشر باعة الكتب على أرصفة الجامعة بأسعار منخفضة، لتتناسب مع ميزانيات

الطلبة.حيث تقف سارة تتفحص عدة كتب، وتقول لـ«البداية» في ضيق :"الكتب

القديمة بقت نار، طب نشتري كتب منين ولا أكمل الماجستير إزاي، نجيب فلوس منين؟!".

من كشك لبيع الكتب، استمر لما يقارب 40 عاما، حيث اعتاد أهالي شبرا مظهر طلبة المدارس يتراصون حوله لتصفح الروايات والكتب القديمة، ليقوم البعض بشرائها وآخرين بتبديل عدة روايات بأخرى مقابل نصف جنيه فقط، إلى كشك لبيع الخضروات والفاكهة تتراص حوله السيدات للتزود بالطعام، تبدَّل المشهد.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل