المحتوى الرئيسى

خوان مانويل سانتوس

12/17 15:17

اقرأ أيضا: الأزهر .. والدين والسلطة والسياسة كيف يكون الناس (حراسًا على عبوديتهم)؟ المسيحيون العرب والأمة النائمة لا تتركه يموت ولا تدعه يحيا الديمقراطية ..وموت ليس فيه عزاء

يقول الخبر أن جائزة نوبل للسلام 2016 منحت هذا العام للرئيس الكولومبى خوان مانويل سانتوس, ليس هذا خبرا هاما بالمعنى التام لأهمية الأخبار وحتى جائزة نوبل نفسها ومنح جائزتها لهذا أو ذاك أيضا  أصبحت خبرا عاديا..نعلم جميعا ان السياسة حاضرة دائما فى الحديقة الخلفية لجائزة نوبل والسياسة ليست عيب على فكرة وتسييس الأمور وعدم تسييها ليس عارا ينكر وينفى,المشكلة فى سلوك البشرواختياراتهم والدوافع الخفية والعلنية لهذه الاختيارات بالسياسة وبغيرالسياسة , ما الأهمية إذا فى الخبر؟

تقول الحكاية أن إتفاق سلام عقدته حكومة كولومبيا والقوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) يوم 26/9/2016فأنهى حربا أهلية أعتبرت الأقدم والأطول في أميركا اللاتينية(52 عاما)واستغرقت مفاوضاته أكثر من أربعة أعوام, و لمن لا يعلم فارك تنظيم ثوري يساري مسلح، يحارب حزب المحافظين الحاكم في كولومبيا، وتسيطر على مساحات واسعة من البلاد وتستعمل أسلوب حرب العصابات ,أُسس التنظيم في سنة 1964 كجناح عسكري للحزب الشيوعي الكولومبي ,وتعلن الحركة نفسها أنها المدافع عن الفقراء في الريف الكولمبي ضد الطبقات الأكثر ثراء. وتحارب النفوذ الأمريكي في كولومبيا، والشركات متعددة الجنسيات وخصخصة الموارد الطبيعية، وذلك من اجل التمهيد لثورة يسارية مسلحة.

تقدر أعداد المنضمين إلى الحركة حسب تقديرات الحكومية الكولومبية ما بين ستة آلاف وثمانية آلاف جندي.ينتشرون في 20 % من أراضي كولومبيا في مناطق الغابات والأدغال والمناطق الجبلية ومنها يشن هجمات حرب عصابات بين الحين والآخر, أدرجت المنظمة في لائحة المنظمات الإرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبرلمان أمريكا اللاتينية وكندا سنة 2005

في الإستفتاء الشعبي على اتفاقية السلام هذه  رفض الكولومبيون اتفاق السلام مع مقاتلي فارك  كانت نتيجة الاستفتاء شديدة التقارب، حيث رفض 50.23% الاتفاق بينما وافق 49.76% بفارق 61.000 ألف صوت فقط..الرئيس السابق أوريبي أعلن عن رفضه للاتفاق وقاد حملة للتصويت بـ لا.. من أهم مشاهد هذا الحدث أن مقاتلى فارك قاموا بعدة جولات من الاعتذارات العلنية لضحاياهم حيث ذهب كبير مفاوضي فارك إلى بوجايا شوكو حيث تم تفجير كنيسة وقتل 119 شخصًا عام 2002 وذهب أيضًا إلى أبارتادو حيث قاموا بقتل 35 شخصًا عام 1994 وقال لم يكن ينبغي لذلك أن يحدث..

قراءة بنود الاتفاق وتأملها مهم وجدير منها :  إنهاء المواجهات/ تعويضات الضحايا وإنشاء محاكم خاصة لمحاكمة المتمردين وعناصر الدولة المتورطين في جرائم وانتهاكات خطيرة مرتبطة بالنزاع/ ستكون السياسة بلا أسلحة.. فخلال ستة أشهر من توقيع الاتفاق ستلقي منظمة فارك السلاح وتتحول إلى حزب سياسي و تعهدت الحكومة بتخصيص عشرة مقاعد مؤقتة لها في البرلمان مدة ثماني سنوات/ الإصلاح الزراعي حيث كان الدفاع عن الفلاحين الفقراء وضحايا عنف كل من الدولة وكبار ملاك الأراضي هو السبب في ظهور حركة فارك توصل المتمردون إلى اتفاق مع الحكومة ينص على توزيع أراض عليهم، والحصول على قروض، وإقامة خدمات أساسية في مناطق النزاع.

سيكون علينا ان نفعل مثل أستاذنا عباس محمود العقاد وتوماس كارلايل ونبحث فى سيرة هذا الرجل الذى يصنع السلام بين شعبه..هو ولد عام 1951في العاصمة الكولومبية وفى عام 1973 حصل درجة البكالوريوس في الاقتصاد وإدارة الأعمال ثم الماجستير من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية والماجستير فى علوم التنمية الاقتصادية عام 1975 بالإضافة إلى حصوله على الماجستير في الإدارة العامة من هارفارد عام1981 ..التأسيس العلمي والمعرفي لشخصية الرجل سيجعل منه سياسيا حقيقيا يعى ما يفعل ويفعل ما يعى .وفارق كبير بين السياسة بالصدفة والهمبكة والسياسة بالتأسيس والممارسة .فقبل ترشحه بعشر سنوات للرئاسة مر بمراحل التكوين الطبيعى والضرورى للدور الهام الذى سيقوم به لشعبه ووطنه . فهو قد دخل الحياة السياسة فعليا عام 1991 وتنقل بين وزارات مختلفة حتى استقر في وزارة الدفاع عام 2006, سيكون هاما أيضا ان نعلم هنا قدرالشراسة الهائلة التى قاد بها حربا بلاهوادة ضد فارك عندما كان وزيرا للدفاع في عهد الرئيس أوريبي المعارض الشرس لفكرة السلام ,وهى الشراسة والعداوة التى لم تمنعه بعدها من ان يلبس الملابس البيضاء مع خصومه فى الاحتفال التاريخى الذى عقد بمدينة قرطاجنة  الكولومبية ليوقع معهم الاتفاق الذى احتفلت به الدنيا كلها حتى امريكا شاركت فى الاحتفال (جون كيرى) وهى التى(لغوصت)فى هذه المقتلة الأهلية كعادتها دائما فى حب اللغوصة فى الحروب الأهلية . 

هذه هى السياسة أيها الناس .

سيستقيل من منصبة  ليترشح للانتخابات الرئاسية التي سيكسبها بعد جولتين ولينصب رئيسا للبلاد في 7 أغسطس 2010..سيترشح لفترة ثانية عام 2014 ويفوز بفارق ضئيل .

لا يمكن أن نمرعلى الموضوع بغير ذكر فضيحة صاحبت هذه الحرب عرفت بإسم(الميلشيات المزيفة)حيث يقال أن الجيش الكولومبي وضع مكافأة لمن يقبض على مقاتل من مقاتلي فارك حياً أوميتاً وأدى ذلك إلى قتل نحو 3 آلاف برىء ونسبتهم إلى الميلشيات عن طريق التزييف مثل إلباسهم الملابس العسكرية الخاصة بمقاتلي الميشليات المتمردة..مثل هذه الأمور بالغة الاشتعال لاينبغى إدخال العوام فيها بملاعبة فقرهم وعوزهم وبساطتهم وهاهم ثلاثة ألاف بريء ضاعوا فى (الهيصة) وطبعا ستكون الدوافع الحقيقة وراء كل ذلك لا علاقة لها بالوطنية ولا غير الوطنية .

كنت قد كتبت كثيرا عن تجارب للصلح الوطنى مماثلة ,اتفاق الجمعة الشهير عام 1998م بين الجيش الجمهورى الايرلندي وبريطانيا.. وأيضا الصلح الوطنى فى الجزائر بعد العشرية السوداء التى بدأت عام 1992 عقب إلغاء الجيش لنتيجة الانتخابات وقتها .وعن كل هذه النماذج المعاصرة التى تكاد تنطق صراخا للاعتبار بها إلا أن الأمر لدينا فى المشرق العربى يختلف كثيرا ..لا يظنن أحد أنه الحرب الأهلية انتهت فى سوريا بعد مذابح حلب 2016 والتى كانت قد سبقتها مذابح حماه 1981 على العكس ما حدث ليس اكثر من نار تضاف الى نيران ..قل مثل ذلك عن العراق والموصل نموذجها الأوضح .

لن تحسم حرب أهلية ضاقت أم اتسعت بغير السياسة .. وما سمعناه من تجار الحرب والكراهية بعد حادث تفجير الكنيسة البطرسية ليس إلا حالة مثل حالة(المليشيات الزائفة) فى كولومبيا ..هناك أصحاب مصالح كبار فى الخارج وأيضا فى الداخل وراء ما يحدث واستمرارما يحدث من قتل وعنف سواء فى سيناء او ما حدث حول بيوتنا وأهلينا فى الهرم والعباسية .. وهو التحول النوعى الأسوأ لهذا الإرهاب الأسود . وسيبقى مفتاح اللغز كما يقولون فى كلمة واحدة : السياسة .

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل