المحتوى الرئيسى

خالد الغلبزوري يكتب: من الحكمة للكرامة | ساسة بوست

12/17 15:03

منذ 1 دقيقة، 17 ديسمبر,2016

إن مهمة تحقيق الجماهير الشعبية لمطالبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، سواءً في المغرب أو في بلد آخر، لا يحتاج فقط إلى الارتجال والشجاعة، بل يحتاج بشكل أساسي إلى وضع خطة استراتيجية، وإلى مهارات كبيرة وتنظيم محكم من قبل الحركات التي تقود الجماهير إلى التغيير، بحيث لا تستطيع الحركات تحقيق أهدافها ومطالبها دون تخطيط وتنظيم جيد؛ لأن الحركة التي تفتقد للتخطيط قد يؤدي ذلك إلى نفور الشعب عنها، وتسرب الفشل إلى نفوسهم والملل إلى قلوبهم؛ لأنه إذا كنت تذهب وأنت لا تعرف إلى أين تسير ربما تقع في حفرة أو ورطة كبرى، إذن كيف يكون التخطيط الاستراتيجي والتنظيم المحكم؟ وما هو نوع التخطيط الاستراتيجي الذي تستطيع الحركات السياسية استخدامه للقضاء على الحكرة والاستبداد وتحقيق الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية؟

وضع جين شارب في كتابه من الديكتاتورية إلى الديمقراطية 198 أسلوب من أساليب المقاومة غير العنيفة، ولكن نحن هنا سنقوم بذكر بعض أساليبه وخططه واستراتجيته فقط، ونحاول إسقاطها على الحركات الاحتجاجية في المغرب بشكل خاص والبلدان الأخرى التي تئن تحت الاستبداد بشكل عام قصد مساعدة تلك الحركات على التغيير السلمي أو التغيير العنيف، وهي كالتالي :

إن المقصود بـ«التخطيط الاستراتيجي» هو إعداد طريق عمل أو خريطة طريق تعجل من الانتقال من الوضع الحالي إلى الوضع المستقبلي الذي نسعى إليه.

وتتكون الخطة التي تمكننا من الوصول إلى ذلك الهدف من سلسلة من الحملات والنشاطات المنظمة لتقوية الشخصية الراضخة تحت وطأة الاستبداد والحكرة والاحتقار .

فأهمية التخطيط تكمن في أهمية المطالب التي تسعى إليها الجماهير، ويزيد من فرص استغلال كافة المصادر المتاحة على أكمل وجه.

فالتخطيط الاستراتيجي يحتاج إلى أربعة عناصر أساسية؛ لكي تفكر الحركات بعقلية استراتيجية وهي

_ الاستراتيجية الرئيسة: وهي المفهوم الذي يسعى إلى قيام حركة ما بتنسيق وتوجيه استخدام جميع المصادر الملائمة والمتوفرة، مثل المصادر الاقتصادية والبشرية والأخلاقية والسياسية والتنظيمية من أجل تحقيق أهدافها.

تحدد الاستراتيجية الرئيسة من خلال التركيز على أهداف الجماهير الشعبية ومصادرها أثناء احتجاجاتها السلمية، أي التقنية أو الطريقة الأكثر ملائمة للعمل.

لذا على الحركات أن تقيم وتخطط لمعرفة الضغوط والتأثيرات التي تستخدم ضد الدولة العميقة عند وضع الاستراتيجية الرئيسة.

وتضع الاستراتيجية الرئيسة الإطار الأساسي لاختيار استراتيجيات أخرى محددة للتصعيد من النضال.

ـ الاستراتيجية: وهي المفهوم الذي يتعلق بأفضل طريقة لتحقيق أهداف معينة أثناء الانتفاضة، وتعمل ضمن مجال الاستراتيجية الرئيسة التي وقع عليها الاختيار، وتعني باختيار زمن وكيفية النضال، وكيفية تحقيق أفضل فعالية لإنجاز أهداف معينة.

ـ التكتيك: يركز على سير عمل محدد ينسجم مع الاستراتيجية العريضة كما تنسجم الاستراتيجية مع الاستراتيجية الرئيسة.

ـ الطرق: وهي الوسائل المحددة للعمل، مثل المظاهرات والإضرابات والاعتصامات والمقاطعات والتعاون السياسي.

إذن فالتخطيط الجيد هو السبيل الوحيد لنجاح النضال السلمي وتحقيق الجماهير الشعبية لمطالبها وأهدافها المسطرة.

إن المخزن يحاول جاهدًا أن يقسم أبناء الشعب الواحد، والذين يعانون نفس المشاكل إلى شيع و طوائف، ويحاول أن يعزل كل فرد عن الباقية، بتطبيقه لنظرية «فرق تسد».

لذا فإن السبيل للاتحاد هو الانفتاح على الآخر، وتقبل أفكاره وأيديولوجيته، بدلًا من الانغلاق عليه؛ لأنه يؤمن بأيديولوجية مخالفة لأيديولوجيتك .

إذن فالاتحاد هو ركن أساسي من أركان النضال السياسي ووسيلة من وسائل نجاح أي حراك شعبي.

إن الأنظمة الديكتاتورية تنتظر دائمًا الضوء الأحمر لقمع المتظاهرين السلميين، والضوء الأخضر هنا هو العنف، فمجرد أن يقوم أحد المندسين أو أحد المتظاهرين الغاضبين من كسر واجهات أحد المحلات التجارية أو ضرب واجهة أحد المراكز الشرطية أو شيء من هذا القبيل، حتى ترى الأجهزة القمعية تتدخل لقمع المتظاهرين بدعوة إعادة الأمن والاستقرار.

إذن فلكي لا يحدث شيء مما ذكرناه يجب وضع النساء وكبار السن في المقدمة، كما كانت تفعل حركة «أوتبور» في صربيا في نضالها ضد النظام الديكتاتوري القائم في ذلك الوقت.

لا يؤمن الكثير من الناس الذين يعانون تحت نير الأنظمة الديكتاتورية في قدرة الشعوب المضطهدة على تحرير أنفسها، حيث إنها لا تملك القدرة على مواجهة الأنظمة  الشمولية، ولا تعرف طريقًا لخلاصها، فالنتيجة هي أن يصبح المواطنون ضعفاء لا حول ولا قوة لهم، وتنقصهم الثقة بالنفس، وغير قادرين على مقاومة الاستبداد، وغالبًا ما يخفون الحديث عن كرههم للنظام وحلمهم بالحرية، حتى مع عائلاتهم وأصدقائهم، حتى إن الرعب يدب إلى قلوبهم إذا فكروا جديًا في النضال، وفي النهاية تجدهم يعانون دون سبب، ويواجهون مستقبلًا بلا أمل.

ولذا على الحركات أن تعزز في الجماهير الثقة بالنفس والعزيمة والمهارة من خلال خطاب يلامس العقل والقلب ويدغدغ المشاعر، وخلق قوة داخل كل مواطن.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل