المحتوى الرئيسى

الدكتورمحمد أبوالفضل بدران  يكتب: ماذا يفعل مُسْتشارونا الثقافيون بالخارج؟ | قنا البلد

12/17 14:45

الرئيسيه » رأي » الدكتورمحمد أبوالفضل بدران  يكتب: ماذا يفعل مُسْتشارونا الثقافيون بالخارج؟

في الوقت الذي نبحث فيه عن دولار أوعن سائح تتصرف إحدى الملحقيات الثقافية المصرية بالخارج ببذخ وتوجه لها اتهامات بالسرقة مما جعل الدولة تستدعيها للمساءلة، فلم تعد المسافات بين الدول البعيدة فقد أنهت ثورة المعلومات في العصر الحديث بُعد المسافات، وجعلت العالم يبدو في كف يديك وأنت تحمل موبايلك الشخصي، ولعل هذا يجعل دور ملحقياتنا الثقافية في الخارج دوراً مهما، ومن الواضح أن الأهداف المنوط القيام بها تجعل من اختيار المستشار الثقافي والملحق الثقافي اختياراً يجب أن يخضع لمعايير محددة من أجل مصر، وهذا الاختيار هو الأساس الذي يجعل المكتب الثقافي في الخارج ممثلاً لثقافة مصر وحضارتها، فليس المكتب الثقافي مجموعة من التوقيعات والمراسلات بشقّيها الصادر والوارد وإنما هو لوحة ثقافية يطّلع عليها الأجانب لرؤية مصر الحضارة والتاريخ والمعاصرة.

وليس ذلك تخيلاً بل إنني أري أن هذا شيء يجب تحقيقه لأن ما يُصرف علي هذه المكاتب من عملة صعبة نحن في أمــس الحاجة إليها يجعلنا نطالب بهذا الدور الرائد، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إنه باستثناء بعض ملحقياتنا الثقافية بالخارج تعمل ليل نهار فإن العدد الأكبر منها تحوّل إلي مكاتب ليس لها وجود، بينما يعتقد الأجانب أن هذه المكاتب بنك معلومات يلاحقونها بأسئلتهم في كل المجالات المتعلقة بمصر، ومازلت أذكر كيف أن طالبا ألمانياً اتصل هاتفياً بالدكتور محمد سالم، المستشار الثقافي السابق بـ “بون”  ليسأله عن تاريخ بناء مسجد إبراهيم الدسوقي، فأجابه إجابة شافية، فالناس يعرفون أهمية هذه المكاتب ودورها الإعلامي ومن ثم السياحي، وإذا قيل إن هناك مستشارأ سياحياً فليس في كل البلدان، والسياحة ثقافة في المقام الأول ويجب لهذا تزويد مكاتبنا الثقافية بالمعلومات وإدخال نظام البرمجة الكومبيوترية بها، أما الأساليب القديمة المتوارثة منذ عصر الدّواواين فيجب أن تختفي، والاجتهادات الفردية دون علم يجب أن نترفع عنها.

هناك مكاتب ناجحة لا نغفلها فقد رأيتُ النشاط الثقافي المبهر الذي يقوم به الدكتور أمجد الجوهري بالإمارات العربية، ونشاط الدكتور نبيل بهجت بالكويت، ولقد كان مستشارنا الثقافي في بون الدكتور كمال رضوان، رحمه الله مثالا للعمل الدؤوب وأثري المكتبة بمؤلفاته وترجماته واشترك في وضع أهم قاموس عربي/ألماني، وعندما ذهب الدكتور باهر الجوهري، ملحقا ثقافيا بألمانيا ترجم في فترته رواية “مومو” ورواية ” قصة بلا نهاية” للأديب الألماني ميشائيل إنده، كذلك أعتقد أن الندوات الثقافية والأمسيات الشعرية والمعارض الفنية وغير ذلك من الأنشطة هي من صميم عمل الملحقيات الثقافية، ولكن هذا الدور الذي يعرّف بمصر وبثقافتها المعاصرة ندر أن نسمع عنه شيئاً..

ولعل ركود حركة الترجمة يلقي العبء الأكبر علي هذه المكاتب التي ينبغي – بحكم وجودها – أن تتابع الإصدارات الحديثة، وأقترح أن يلحق بها مكاتب للترجمة تترجم من اللغة الأم دون واسطة ويقترح المستشار الثقافي بحكم إلمامه باللغتين ومعرفة اتجاهات الثقافة في ذلك البلد ما يراه يستحق الترجمة فتُترجم نفائس الكتب لأنه يدرك أهمية مواكبة الإنتاج المعرفي في أوروبا مثلاً، وحبذا لو أعيد النظام القديم منذ عصررفاعة الطهطاوي، أن يقوم كل مبعوث بترجمة كتاب أو كتابين – في مجال تخصصه – إلي اللغة العربية ليثري العلم في بلادنا.. ولهذا حديث آخر ذو شجون !!

كما لا نغفل دور المكاتب الثقافية في رعاية المبعوثين، لكن تعريف العالم بأدبنا الحديث لا يقل أهمية أيضاً، فعندما نال نجيب محفوظ، جائزة “نوبل”تكالبت المكالمات التليفونية من الصحافة والإعلام علي مستشارينا الثقافيين ليزودوهم بمؤلفات نجيب محفوظ، أو بأفلام تسجيلية عن حياته وأدبه، أو بمعلومات دقيقة عنه، ولكن للأسف لم يكن لديهم أية معلومات! وهذا شكّل صدمة كبيرة للقارئ الأوربي.

هنالك دور تعليمي يقومون به في بعض البلدان لتدريس أبنائنا في الخارج وربطهم بمناهج وطنهم وهذا شيء محمود في حاجة إلي مراجعة وملاحظة وتطوير. كما ينبغي ألا نغفل الاستشراق العلمي الحديث الذي يكاد يكوّن مدرسة استشراقية جديدة في أوروبا وأمريكا ينبغي أن ننقل أهم مؤلفاتهم إلي العربية حتي يمكننا دراستها للإفادة منها أو مناقشتها، وجدير بالذكر أن نقل المخطوطات العربية في الخارج للباحثين العرب علي أشرطة ميكروفيلم أو عبر التقنيات الحديثة سيساعد علي تحقيقها لاسيما أن معظم هذه المخطوطات نادرة بل أحادية النسخة، وينبغي وجود تناغم وتكامل بين إدارات السفارة والمستشار الثقافي حتي تعينه علي إكمال دوره، وإلا فإنه يذهب ويرجع دون خُفَّي حُنَيْن!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل