المحتوى الرئيسى

توم هانكس فى البنك المركزى! | المصري اليوم

12/17 01:52

وعن فيلمه المفضل، يحكى محافظ البنك المركزى، طارق عامر: «كنت أتحدث مؤخرا بكثرة عن فيلم (توم هانكس) جسر الجواسيس/ ‪Bridge of Spies، فهو (توم) يعود بالطيار على متن طائرة عسكرية، وكان من المفترض أن يسمم الطيار نفسه قبل أن يتمكن أحد من القبض عليه، لكنه لم يفعل، وتم إلقاء القبض عليه فى روسيا. وعندما عاد ينظر إليه زملاؤه ويساورهم الشك نحوه، ويقول لتوم: (إن زملاءه يعتقدون أنه تحدث وأفشى أسرارا)، ويرد عليه توم قائلا: (لا يهم ما يفكر فيه الآخرون، فأنت تعلم جيدا ما فعلت)».

هذا بالضبط ما يعتقده طارق هانكس، أقصد طارق عامر، ويقول: «نحن نتعرض لهجوم من الجميع، ولقد أخبرت فريقى، لا يهم فيما يفكرون، فما يهم حقا هو ما تعرفونه، نحن هنا من أجل بلدنا، نقوم بعملنا، ونعلم حقيقة الأرض التى نقف عليها الآن».

فعلاً كنت فى حيرة من مصادر عبقرية محافظ البنك المركزى، من أين تَأْتِيه الحكمة، حتى قرأت حواره المثير مع نشرة «إنتربرايز» الاقتصادية، واكتشفت أنه متأثر بفيلم «جسر الجواسيس»، فعلا ساورتنا الشكوك حول سياسات طارق عامر المصرفية، وتوالت الاتهامات صاخبة، ولكنه يرد علينا بقول «توم هانكس»: «لا يهم ما يفكر فيه الآخرون، فأنت تعلم جيدا ما فعلت»!

أتمنى من الله أن يكون المحافظ على علم بما فعله بسوق الصرف، وهذا يقدره المصرفيون، ولكن الحوار كاشف عن محافظ بنك مركزى يعيش دور النجم، لا يعتد بفضيلة الصمت، ولا يتحسب لسوء تفسير تصريحاته ولا حواراته، ولديه ميل غريزى لصك مصطلحات والإتيان بتشبيهات تجر عليه وابلاً من النقد، الذى يصل أحياناً إلى السخرية المريرة، متى كان محافظ البنك المركزى ينافس النجوم ظهوراً فى الفضائيات، وصوره تتصدر النشرات الملونة؟!

طارق عامر مغتبط بتحرير سعر الصرف، مزهو فى خيلاء، وكأنه حرر سيناء، ويعتبره انتصاراً تاريخياً، يتخيل مثلاً أن «الاستعداد لتحرير الصرف أشبه بما قبل حرب أكتوبر...» لا تعليق حرفياً على ما قال، لأن التعليق هنا يصعب صكه صحفياً، أراها مبالغة لا محل لها من الإعراب إذا ما نظرت إلى شاشات البنوك لتتعرف على سعر الصرف هذا الصباح!!

بعيداً عن هوايات المحافظ وفيلمه المفضل Bridge of Spies وكتابه المفضل The Chamber وساعات نومه الشحيحة، وطبق الفول بالبيض، الذى يعشقه صباحاً، يُحسسك طارق عامر أنه حرر البلاد من الاحتلال الدولارى، وكيف أنه تشرب روح القتال من اليابانيين، يقاتل كاليابانيين ويحرر كالمصريين، خلاصته نحن أمام مصرفى بدرجة مقاتل، يظن أنه خرج منتصراً.

وتبلغ دراما تحرير سعر الصرف ذروتها الدرامية، عندما التقى فى الخريف الماضى بالدكتور عبدالشكور شعلان، وهو أحد أقدم الخبراء لدى صندوق النقد الدولى فى واشنطن، وسأله «توم»، أقصد «طارق»، فأجاب: «إنها المهمة المستحيلة يا توم، ولكن يجب أن تقوم بها».. ناقص هنا موسيقى تصويرية والكاميرا تتفحص وجه طارق عامر مهموماً بأعباء تسعين مليون مصرى ينتظرون نجاحه فى مهمته المستحيلة، ويقرر رجل المستحيل اقتحام المانع المائى والسد الترابى واقتحام خط بارليف، ويرفع العَلَم المصرى على الضفة الشرقية للقناة!

العقل يا رب، والنبى كشكشها متعرضهاش يا توم يا خويا، الجنيه لايزال فى العناية المركزة، بين الحياة والموت، والجرّاح غسل إيديه وتفرغ للتصريحات الصحفية والحديث عن رحلاته الإسبانية، نسى المحافظ فى زهوة انتصاره صاحب الفضل، ليس توم هانكس، ولكنه المواطن المصرى العظيم، جمل الحُمول الصابر.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل