المحتوى الرئيسى

أزمـة المحـامين | المصري اليوم

12/17 01:01

الاتجاه إلى شطب آلاف المحامين من عضوية جدول المشتغلين بالنقابة، أو نقلهم إلى جدول غير المشتغلين، بدعوى عدم ممارستهم المهنة، أو التوقف عن الممارسة، أعتقد أنه عملية خطيرة جداً، وتحتاج إلى ضبط وربط، حتى لا يجد هؤلاء أنفسهم بين لحظة وأخرى فى الشارع، كالقضاة المفصولين تماماً، ليس لذنبٍ اقترفوه بقدر ما هى الضرورات التى أباحت المحظورات فى كل الملل والنحل.

ليس من المنطقى حرمان أحد المحامين من العضوية بعد اكتسابها على مدى ٢٠ أو ٢٥ عاماً مثلاً، فقد تُحتم الظروف الصحية بعد كل هذه المدة البحث عن وظيفة أخرى أقل جهداً ومشقة، ليس معنى ذلك أن يتم محو كل ذلك الماضى بجرّة قلم لمجرد أن النقابة تسعى إلى ترشيد نفقاتها علاجياً أو معاشياً.

مهنة المحاماة أيها السادة ضمن بعض المهن التى تُعد كالجنسية سواء بسواء، لا يجوز أن تسقط بأى حال، إلا إذا كان الأمر يتعلق بما هو مشين على المستوى الوطنى، أو الشخصى، وليس لمخالفة إدارية مثلاً، فلن نستطيع التعامل مع المهندس إلا كباشمهندس طوال الوقت، حتى لو لم يمارس المهنة، ولا تستطيع نقابة المهندسين حرمانه من عضويتها بعد سنوات طويلة من الممارسة وتسديد الاشتراكات، وبخاصة أنه فى سن متقدمة يصبح فى حاجة إلى خدمات النقابة، التى من أهمها العلاج المخفض أو المدعم على سبيل المثال، وإلا فنحن نتعامل معه كخيل الحكومة تماماً.

لنا أن نتخيل أن كل النقابات تحذو حذو المحامين، فى الوقت الذى تتجه فيه الدولة أيضاً من خلال قانون الخدمة المدنية الجديد إلى الاستغناء عن ملايين الموظفين والعمال، نحن إذن أمام معاناة إضافية فى شكل جديد، وأعمار متقدمة، وذلك فى الوقت الذى يتطور فيه العالم إلى الأمام بضمان مستقبل المواطنين، ومزيد من التأمين عليهم من كل الوجوه، الصحية والمعيشية والحياتية بصفة عامة، وهو الأمر الذى كان يتحتم معه التعامل مع مثل هذه القضايا، بدءاً من اللحظة وليس بأثر رجعى، بمعنى وضع قواعد جديدة للقبول بالنقابة، كما يمكن أيضاً وضع ضوابط للاستغناء، لا تجحف بسنوات طويلة من العضوية.

أعتقد أن من كان فى السابق عضواً بأى نقابة، إذا أرغمته الظروف يوماً ما على التسول المادى أو الصحى أو ما شابه ذلك، فإن تلك النقابة يجب أن تقع عليها المسؤولية الأخلاقية، كما تقع عليها المسؤولية الجنائية فيما بعد، إذا أرغمت الظروف هذا الشخص أو ذاك على ارتكاب ما من شأنه مخالفة القانون، حتى لو كان الخلاص من حياته، وما أكثر هذا السلوك شيوعاً الآن فى كل الأوساط، نتيجة حالة الضنك التى يمر بها المجتمع.

على الجانب الآخر، وبمتابعة بعض سلوكيات النقابات ومجالس الإدارات المنتخبة فى بعض المواقع، نكتشف أن هؤلاء وأولئك يتناسون أو يتجاهلون أن الهدف من وجودهم هو خدمة هذه القطاعات العريضة من البشر، وليس التنكيل بها، أو حتى الحد من أعدادهم، وسوف أتذكر هنا التعبير الانتخابى الشهير (جئت لخدمتكم) بما يؤكد هذه الحقيقة، إلا أنه بدا واضحاً، وفى إطار الحالة العشوائية التى يمر بها المجتمع، أن كل شئ متاح ومباح، فأصبحت مجالس النقابات، كما مجالس الإدارات، تتعامل مع الشأن الخاص بالجمعيات العمومية كمُلاك للكيان، أو كقطاع خاص، وليسوا وكلاء عن هذه الجمعيات، التى كان يجب العودة إليها فى كل كبيرة وصغيرة، وهو ما جعل الأعضاء هنا أو هناك يشكون من سوء المعاملة أحياناً أو التضييق عليهم، كما هى الحالة التى بين أيدينا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل