المحتوى الرئيسى

الفأل والسحر والماورائيات في العالم الإسلامي

12/16 16:34

في أسبوعه الأخير، اختتم قسم الفن الشرقي في متحف الأشموليان في أكسفورد البريطانية، معرضاً كان رائداً في اختيار موضوعه: "الفن الإسلامي والماورائيات". السحر والتمائم والأحجبة، وقوى ما وراء الطبيعة، من تسخير الجن، وعمل الأعمال لجلب الحبيب، والرزق بالمولود، واستخدام طاسة الخضة أو الرعبة، وقراءة الفنجان، وضرب الوَدَع. كل هذه المصطلحات ومدلولاتها، استخدمت عبر العصور المختلفة في العالم الإسلامي. وهذا المعرض، يقدم لنا عينة منها.

قدم المعرض أكثر من 100 قطعة، من المغرب والصين إلى أندونيسيا، من بين القرنين الـ12 والـ20. منها كتب، وأقمشة، ومجوهرات، وأوانٍ، في استكشاف لأشكال التعبير الفني في العالم الإسلامي: كيف تجلى البحث عن المجهول، والرغبة في ردّ الأذى والتأثير في مسار أحداث حياة الناس؟ مع أن فكرة التعامل مع القوى الخفية، تبدو أنها لا تنسجم تماماً مع نظرة الإسلام للعالم، فهي لا تتوافق مع مبدأ التسليم المطلق لله، الذي يحكم قدر الإنسان. إلا أن التأمل في الثقافة المادية يقودنا إلى قصص الحياة المعيوشة، والمفردات الفنية التي تناولت بها مجتمعات العالم الإسلامي هذه الأسئلة. وما نراه فيها هو تنوع يتدرج بين قطبين: من القبول بها بكل بساطة إلى شجبها ورفضها بالكامل.

زاوج المعرض بين فنون العرافة والطلاسم، والمصادر المكتوبة التي أغنت هذه الفنون. وتم اختيار القطع التي تعبر عن رغبة الإنسان الدائمة في أن يجد الحماية، ودفع الضرر والفأل السعيد، وذلك في صميمه يعبر عن مخاوف وآمال يومية لكل الناس، من الأغنياء إلى الفقراء. وبذلك، تتناغم مع الإيمان بقدرة الله الكاملة. في هذه القطع التي تعرض لأول مرة، نرى استخدامات في مناسبات خاصة وعامة، من بينها: كتب أحلام، وملابس كان يعتقد أن لها قوة سحرية تحمي من يرتديها، وتعاويذ مزينة بمجوهرات. تم تقسيم المعرض إلى ثلاثة محاور، هي:

انتشرت فنون العرافة في العالم الإسلامي عبر العصور، ومع امتداد الإسلام على نطاق جغرافي واسع، تشربت هذه الفنون عناصر من تقاليد مختلفة، من البدو، واليونان، والشرق القديم، والهند. ومن الإيمان بالله وسخرة العالم له، لعبت العرافة دور تفسير وجوده في الإشارات، والأحلام، و "علم أحكام النجوم"، والطوالع. ولاقت قراءة الطالع الكثير من الرفض من رجال الدين، ومن العلماء كذلك، لكن ذلك لم يمنع انتشارها في أشكال عدة، كقراءة الأبراج، وقراءة الطالع في الرمال، وقراءة المستقبل في الأحلام، والكلمات المكتوبة كنوع من الحماية.

هذا الرسم بالحبر والذهب يأتي من تركيا عام 1800، ويحكي قصة غامظة عن علي بن أبي طالب، الذي رأى مناماً تنبأ فيه بموته، ورأى شخصاً ملثماً على ظهر جمل، يحمله إلى قبره. لكنه عندما استيقظ أخبر ولديه بحلمه، وطلب منهما ألا يبحثا عن هوية الشخص الملثم. القصة تقول إنهما لم يقدرا إلا أن يبحثا عن هويته، وقد اكتشفا أن الشخص الملثم هو علي نفسه.

شارك غردالسحر والتمائم، وتسخير الجن، وعمل الأعمال لجلب الحبيب، وقراءة الفنجان، وضرب الودع.. الماورائيات في التاريخ الإسلامي

شارك غردقطع مذهلة من التاريخ الإسلامي استخدمت للبحث عن المجهول وردّ الأذى والتأثير في مسار أحداث الحياة

"حلية" في قلبها شكل الوردة كرمز لطلعة الرسول وعطره، وعلى زواياها الخمس يتكرر رسم حرف الـ"ع"، من "على"، مذكراً بوجود الله - 1904

للكلمات دور أساسي في الإسلام، فبها أنزل الله وحيه على الرسول. تطور فن الخط وخلط بين الصورة والكلمة، والصور المرسومة بالكلمات، التي كانت إبداعاً إسلامياً، بديلاً للتصوير الآدمي في الفن. سحر الكلمات يعتمد فكرة أن الكون هو كتاب واسع ينتظر من يقرأه، ويفسر إشاراته التي يمكن بها التوصل لأسرار الخلق، والتي تستخدم النصوص المقدسة، والكلمات في الشفاء والحماية.

هي التي تستخدم مواد متنوعة ورموزاً مقدسة، ونقوشاً تزين آيات قرآنية، ودعوات وصلوات. يعتقد أنها تعطي حاملها قوى خفية، وتحميه من المجهول، وتجلب له حظوظاً، وتدرأ عنه الشرور في البيوت، وفي المعارك، أو الترحال. لذلك تبقى التمائم والأحجبة قريبة من جسد حاملها، على شكل قلادة، أو خاتم، أو قطعة تخاط داخل الملابس. لها أسماء كثيرة، "حجاب"، "حرز"، "تميمة"، أو حمالة.

هذه الصورة لقميص تعويذة، من تركيا، القرن العاشر هجري/ السادس عشر ميلادي. كان يُعتقد أن هذا القميص صمم لحاشية السلطان العثماني سليم الأول. في الكتابات على القميص ما يضفي عليه قدرات شفائية، كمقاطع من قصيدة البردة وآيات قرآنية، يعتقد بأنها تحمي، خصوصاً الآية 93 من سورة يوسف: "اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً وأتوني بأهلكم أجمعين". وهناك قصة معروفة عن زوجة السلطان سليم التي طلبت منه أن يلبس ما يشبه هذا القميص لوقايته من طعنات الخناجر وضربات السيوف.

Comments

عاجل