المحتوى الرئيسى

ميساء شلّح يكتب: حلب زوبعة في فنجان | ساسة بوست

12/16 12:25

منذ 1 دقيقة، 16 ديسمبر,2016

حلب تُباد، غزة تُقصف، فلسطين تُدمر، مصر تُقتل، سوريا تُهجر.

كلها زوبعات في فنجان، وما أكثر الزوبعات التي تحدث مجتمعيًّا أو عربيًّا، حتى لا يكاد فنجان قهوة يحتسيه المرء في الصباح يخلو من زوبعة هنا أو هناك، هذه الزوبعات لا يثيرها الضمير الحي أو النخوة، إنما تثيرها السياسات الملعونة بمساعدة الإعلام الأعور الذي يرى بعين واحدة، تبعًا لهوى من يمده بالمال.

كم مجزرةٍ صارت في بلاد العرب أو المسلمين، أو للمسلمين في بلاد الغرب تجلت فيها أبشع قوانين اللاإنسانية، والتي ينسلخ فيها البشر عن الفطرة الربانية السليمة السوية، فيُقتل الإنسان بكل دم بارد، وتشرد العوائل والأسر، حتى لأن يجبروا أن يلقوا بأنفسهم في البحار؛ هربًا من موت ذليل بشع شنيع، بأيدي قتلة يتفننون في سلخ الروح البشرية عن جسدها، أو قد يلجؤون لقتل أبنائهم ونسائهم خشية سبيهم وهتك أعراضهم.

لست أُحب الحديث عن هذه المشاهد، بل إني أهرب بعيدًا من كل صوت إخباري؛ لأني سئمت رؤية الدم المراق، ولأني أحاول الاحتفاظ بروح إنسانية نقية بعيدًا عن هذه التطورات الوحشية التي ابتلينا بها، ربما ليبقى لدينا نفسٌ قوي في هذه الحياة نمنحه أبناءنا، عله يكون جيلًا لديه القوة ليس ليقول لا، وإنما ليفعل الصواب.

ولكن الملاحظ هو أن كل تلك الأحداث على جثامتها وقوتها تبقى زوبعة في فنجان، تأخذ وقتها الذي قد يطول أو يقصر وفي النهاية تنتهي، وكأن شيئًا لم يكن، حتى دون وجود حل، ولعل الاهتمام بهذه القضايا يزول أثره بسرعة لأنه اهتمام سطحي عابر، فالقنوات الإخبارية تملأُ فراغ قنواتها وتجد مرتعًا خصبًا وسط المشاعر الجماهيرية، ليتحدث الساسة والمحللون والصحفيون وغيرهم، ولتلعب على أوتار الأعصاب بتناول تلك القضية في كافة برامجها، حديث الساعة والأخبار في أسبوع وحوار مع مسئول وغيرها.

لقد أدمنّا تناول القضايا من وراء الشاشات، فيقوم الناشطون الفيسبكيون والتويتريون بتناول القضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يتداولون الهاشتاقات ويعملون على ترويجها، ومحاولة حصد أكبر عدد من المشاهدات واللايكات والتغريدات، حالهم كمن يتكلم عن تجمد أطفال حلب تحت لفحات البرد القارس، وهو ملتحف بأغطيته محتضنًا كوبه من الشراب الساخن، ويقوم بعض الكتّاب بتناول القضية عبر كتاباتهم على مواقع الإنترنت، أو بعض الصحف التي يندر أن يقرأها غير مثقف وجد وقتًا يتصفح الكلمات سريعًا أثناء تناوله فنجان قهوته.

والغريب أن كل هذه القنوات للتعبير عن الرأي ما هي إلا قنوات داخلية منا وإلينا، نحن من نتألم ونحن من نكتب ونحن من نقرأ، وسؤالي هو:

ماذا نستفيد عندما نذّكر أنفسنا بالألم ونوظّف طاقاتنا وأوقاتنا في تناول القضايا بيننا وفي داخلنا العربي والإسلامي فقط؟

إن الخطوات السليمة تجاه أي قضية هي بتوظيف الإعلام ليتحدث بصوت الحق، وأن يكون موجهًا بفن واحترافية تطال قلوب الحقوقيين في العالم، حتى وإن المرء لا يعول عليهم كثيرًا إلا أن هذا هو سبيل صحيح ومنطقي ليعرف من لا يعرف بما يحدث، أو لمواجهة إعلام مغلوط مليء بالأكاذيب والضلال.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل