المحتوى الرئيسى

غياب العقل النقدي وظهور الفتاوى | المصري اليوم

12/16 00:58

يقول لنا فولتير Voltaire ( 1694-1778) «من استطاع أن يجعلك تصدق السخف والعبث يستطيع أن يجعل أن تقوم بأفعال قاسية وعنيفة» ويقول لنا هنري فورد Henry Ford «1863-1947» «التفكير هو أصعب الأشياء ولذا ينخرط فيه القليل من البشر».

والكثير في العالم العربي وبالأخص في مصر يصدق السخف واللا منطق والعبث وينقل عن هذا وذاك دون إعمال العقل والمنطق، دون تحليل وتفنيد.

هل النص يحل محل المنطق والعقل؟ سؤال لن يجيب عليه سوى من يجرؤ على إعمال عقله وتحليل وتفتيت كل شيء دون خوف، وسوف يظل دائماً السؤال الأهم هو «لماذا». حيث إن قبول الأشياء على علاتها ما هو إلا كسل عقلي مقيت.

لا تكمن مشاكل التطرف الديني فقط في وجوب وحتمية تنقيح كتب التراث، بل تكمن في المنهج المتبع، اتباع منهج لا يُخضع النص للعقل والمنطق سوف يحتفظ بكثير من النصوص التي تجافي المنطق. ولدينا اشكالية أخرى وهي تتعلق بمن هو منوط بتنقيح التراث، فقد يكون هو ذاته لا يمتلك عقلا ناقدا وواعيا بالأبعاد الثقافية والزمنية التي تحدد ماهية النص ومدى نفعه للعوام.

مناهج الأزهر ومناهج التعليم العام وطرق التعليم وطرق التقييم كلها بحاجة إلى مراجعة ومواجهة، الأمر جد خطير، فهو يتعلق بتكوين عقل الأمة، وقد أصبح من الواضح بل والجلي لكل ذو عقل بصير أننا نمر بمرحلة شديدة التعقيد.

لدينا كم هائل من المشاكل الاقتصادية التي تتقاطع مع مشاكل اجتماعية أخرى تجعل من اليسير على شيوخ التطرف والإرهاب أن يجتذبوا أعداداً غفيرة من المهمشين والمعدمين وهم كثر. فكيف للعقل أن يستوعب بالمنطق البسيط أن بعض الشيوخ تستطيع إقناع شباب في مقتبل العمر أن يفجروا أنفسهم مهما كان «المنطق» أو «النص» الذي يحدثه به، لابد أن المشكلة أعمق من هذا، لا يقوم بتلك الأفعال سوى شخص يائس ويتمنى أن يحصل على ما يعده به هؤلاء الأفاقين.

فهل آن الأوان أن تتحرك الدول في الاتجاه الصحيح ولو مرة واحدة من قبيل التغيير. لا يستطيع منصف أن ينكر أهمية مشاريع البنية التحتية التي تقوم بها الدولة، لكننا في نفس ذات الوقت نطالب بتعليم عصري حديث؛ يتدرب فيه العقل على النقد والتحليل وليس الحفظ والتلقين. مدارس يصبح من أساسيات التعلم بها الفنون من موسيقي ونحت ورسم، ورياضة ورحلات ميدانية كأنشطة أساسية لا يستطيع الطالب التخرج دون الاشتراك بها، وتصبح جزءا أساسيا من المنظومة التعليمية.

تنمية العقل البشري هو حجر الزاوية التي تستطيع بها الدولة النمو، الإنجاز الحقيقي في دول كبرى مثل اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة هو بناء إنسان متعلم ومتطور من خلال تعليم حديث يبني الشخصية والعقل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل